responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 178
الْإِمَامِ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ لَا يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ، وَالْبَاقِي عَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ السَّهْوِ وَهُوَ وَاجِبٌ، وَالْمُتَابَعَةُ فِي الْوَاجِبِ وَاجِبَةٌ، فَتَرْكُ الْوَاجِبِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ، أَلَا تَرَى لَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؟ فَكَذَا الْمَسْبُوقُ، وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قَضَائِهِ اسْتِحْسَانًا.
وَإِنْ كَانَ الْمَسْبُوقُ قَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ لَا يَعُودُ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ قَدْ تَمَّ وَلَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ رُكْنٌ وَلَوْ عَادَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى بِغَيْرِهِ بَعْدَ وُجُودِ الِانْفِرَادِ وَوُجُوبِهِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ.
وَلَوْ ذَكَرَ الْإِمَامُ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ فَسَجَدَهَا فَإِنْ كَانَ الْمَسْبُوقُ لَمْ يُقَيِّدْ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ - لِمَا مَرَّ - فَيَسْجُدَ مَعَهُ لِلتِّلَاوَةِ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ ثُمَّ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ وَيَقُومَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا أَتَى بِهِ مِنْ قَبْلُ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ لَمْ يَعُدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ عَوْدَ الْإِمَامِ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ يَرْفُضُ الْقَعْدَةَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَصِرْ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ دُونَ فِعْلِ صَلَاةٍ فَتُرْتَفَضُ الْقَعْدَةُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا، فَإِذَا ارْتَفَضَتْ فِي حَقِّهِ لَا يَجُوزُ لَهُ الِانْفِرَادُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَوَانُ وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ، وَالِانْفِرَادُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ قَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ فَإِنْ عَادَ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ وَمَضَى عَلَيْهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ، وَذُكِرَ فِي نَوَادِرِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، (وَجْهُ) رِوَايَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الْعَوْدَ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ يَرْفُضُ الْقَعْدَةَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمَسْبُوقَ انْفَرَدَ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ، وَالِانْفِرَادُ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ.
(وَجْهُ) نَوَادِرِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّ ارْتِفَاضَ الْقَعْدَةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالْعَوْدِ إلَى التِّلَاوَةِ، وَالْعَوْدُ حَصَلَ بَعْدَمَا تَمَّ انْفِرَادُهُ عَنْ الْإِمَامِ، وَخَرَجَ عَنْ مُتَابَعَتِهِ فَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ جَمِيعَ الصَّلَاةِ لَوْ ارْتَفَضَتْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمُتَابَعَةِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُؤْتَمِّ، بِأَنْ ارْتَدَّ الْإِمَامُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْقَوْمِ، فَفِي حَقِّ الْقَعْدَةِ أَوْلَى، وَلِذَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ بِقَوْمٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ رَاحَ إلَى الْجُمُعَةِ فَأَدْرَكَهَا - ارْتَفَضَ ظُهْرُهُ، وَلَمْ يَظْهَرْ الرَّفْضُ فِي حَقِّ الْقَوْمِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الِانْفِرَادُ لَمْ يَتِمَّ عَلَى مَا قَرَرْنَا (وَنَظِيرُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مُقِيمٌ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ وَقَامَ إلَى إتْمَامِ صَلَاتِهِ بَعْدَمَا تَشَهَّدَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ نَوَى الْإِمَامُ الْإِقَامَةَ حَتَّى تَحَوَّلَ فَرْضُهُ أَرْبَعًا - فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ قَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ فَإِنْ عَادَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ وَمَضَى عَلَيْهَا وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ.
وَلَوْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً فَإِنْ كَانَ الْمَسْبُوقُ لَمْ يُقَيِّدْ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ وَلَوْ لَمْ يُعِدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِمَا مَرَّ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَإِنْ قَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ عَادَ إلَى الْمُتَابَعَةِ أَوْ لَمْ يَعُدْ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَعَلَى الْإِمَامِ رُكْنَانِ: السَّجْدَةُ، وَالْقَعْدَةُ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ مُتَابَعَتِهِ بَعْدَ إكْمَالِ الرَّكْعَةِ، وَلَوْ انْتَقَلَ وَعَلَيْهِ رُكْنٌ وَاحِدٌ وَعَجَزَ عَنْ مُتَابَعَتِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَهَهُنَا أَوْلَى.

(رَجُلٌ) صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَهَذَا لَا يَخْلُو أَمَّا إنْ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَوْ لَمْ يَقْعُدْ، وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ فَإِنْ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَقَامَ إلَى الْخَامِسَةِ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ حَتَّى تَذَكَّرَ - يَعُودُ إلَى الْقَعْدَةِ وَيُتِمَّهَا وَيُسَلِّمْ لِمَا مَرَّ.
وَإِنْ قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ لَا يَعُودُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ عَلَى مَا مَرَّ ثُمَّ عِنْدَنَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الظُّهْرِ أَوْ فِي الْعِشَاءِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُضِيفَ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى لِيَصِيرَا لَهُ نَفْلًا، إذْ التَّنَفُّلُ بَعْدَهُمَا جَائِزٌ، وَمَا دُونَ الرَّكْعَتَيْنِ لَا يَكُونُ صَلَاةً تَامَّةً، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَاَللَّهِ مَا أَجْزَأَتْ رَكْعَةٌ قَطُّ.
وَإِنْ كَانَ فِي الْعَصْرِ لَا يُضِيفُ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى بَلْ يَقْطَعْ؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بَعْدَ الْعَصْرِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بَعْدَ الْعَصْرِ إنَّمَا يُكْرَهُ إذَا شَرَعَ فِيهِ قَصْدًا، فَأَمَّا إذَا وَقَعَ فِيهِ بِغَيْرِ قَصْدِهِ فَلَا يُكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُضِفْ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى فِي الظُّهْرِ بَلْ قَطَعَهَا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ زُفَرَ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ.
وَهِيَ مَسْأَلَةُ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ الْمَظْنُونَةِ وَالصَّوْمِ الْمَظْنُونِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ هَهُنَا فِي الْخَامِسَةِ عَلَى ظَنٍّ أَنَّهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى فِي الظُّهْرِ هَلْ تُجْزِئُ هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ عَنْ السُّنَّةِ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُجْزِيَانِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ بَعْدَ الظُّهْرِ لَيْسَتْ إلَّا رَكْعَتَيْنِ يُؤَدَّيَانِ نَفْلًا وَقَدْ وُجِدَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا لَا يُجْزِيَانِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِرَكْعَتَيْنِ بِتَحْرِيمَةٍ عَلَى حِدَةٍ لَا بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمَةِ غَيْرِهَا، فَلَمْ يُوجَدْ هَيْئَةُ السُّنَّةِ فَلَا تَنُوبُ عَنْهَا، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَرَاجِرِيِّ ثُمَّ إذَا أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست