responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 177
هُنَاكَ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ وَتَحْرِيمَتُهُ نَاقِصَةٌ نُقْصَانًا لَا يَنْجَبِرُ إلَّا بِسَجْدَتَيْنِ، وَبَقِيَ النُّقْصَانُ لِانْعِدَامِ الْجَابِرِ فَيَأْتِي بِهِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ لِاتِّحَادِ التَّحْرِيمَةِ عَلَى مَا مَرَّ.
وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْ السُّجُودِ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ السَّهْوُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ وُجُوبَ السُّجُودِ عَلَى الْمَسْبُوقِ بِسَبَبِ سَهْوِ الْإِمَامِ لِتَمَكُّنِ النَّقْصِ فِي تَحْرِيمَةِ الْإِمَامِ، وَحِينَ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ كَانَ النَّقْصُ انْجَبَرَ بِالسَّجْدَتَيْنِ، وَلَا يُعْقَلُ وُجُودُ الْجَابِرِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَنْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سَهْوٌ فَسَبَقَهُ الْحَدَثُ فَهَذَا لَا يَخْلُو: إمَّا إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا فَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا تَوَضَّأَ وَسَجَدَ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ السَّابِقَ لَا يَقْطَعُ التَّحْرِيمَةَ وَلَا يَمْنَعُ بِنَاءَ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَلَى الْبَعْضِ؛ فَلَأَنْ لَا يَمْنَعَ بِنَاءَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ إمَامًا اسْتَخْلَفَ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، فَيُقَدِّمَ الْخَلِيفَةَ لِيَسْجُدَ كَمَا لَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ رُكْنٌ أَوْ التَّسْلِيمُ، ثُمَّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْمَسْبُوقَ وَلَا لِلْمَسْبُوقِ أَنْ يَتَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ أَقْدَرُ عَلَى إتْمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، بَلْ يُقَدِّمُ رَجُلًا أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيُسَلِّمُ بِهِمْ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَوْ قَدَّمَهُ أَوْ تَقَدَّمَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَأْتِي بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ أَوَانَ السُّجُودِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْبِنَاءَ، فَلَوْ سَلَّمَ لَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَامُ عَمْدٍ وَعَلَيْهِ رُكْنٌ، وَحِينَئِذٍ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ فَيَتَأَخَّرُ وَيُقِيمُ مُدْرِكًا لِيُسَلِّمَ بِهِمْ.
وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ، وَيَسْجُدُ هُوَ مَعَهُمْ كَمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ هُوَ الَّذِي يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، ثُمَّ يَقُومُ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ وَحْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ مَعَ خَلِيفَتِهِ سَجَدَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ اسْتِحْسَانًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْإِمَامُ الْمَسْبُوقُ مُدْرِكًا، وَكَانَ الْكُلُّ مَسْبُوقِينَ، قَامُوا وَقَضَوْا مَا سُبِقُوا بِهِ فُرَادَى؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْمَسْبُوقِ انْعَقَدَتْ لِلْأَدَاءِ عَلَى الِانْفِرَادِ، ثُمَّ إذَا فَرَغُوا لَا يَسْجُدُونَ فِي الْقِيَاسِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَسْجُدُونَ، وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ.
وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الْإِمَامُ، ثُمَّ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ فَسَجَدَهُمَا - يَعُودُ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَا يَقْتَدِي وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا قَرَأَ وَرَكَعَ.
(وَالْجُمْلَةُ) فِي الْمَسْبُوقِ إذَا قَامَ إلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَقَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مَا قَامَ إلَيْهِ وَقَضَاهُ: إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، أَوْ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَإِنْ كَانَ مَا قَامَ إلَيْهِ وَقَضَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَمْ يُجْزِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَرْضٌ لَمْ يَنْفَرِدْ الْمَسْبُوقُ بِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مُتَابَعَتَهُ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ فَرْضٌ وَهُوَ الْقَعْدَةُ، فَلَمْ يَنْفَرِدْ فَبَقِيَ مُقْتَدِيًا، وَقِرَاءَةُ الْمُقْتَدِي خَلْفَ الْإِمَامِ لَا تُعْتَبَرُ قِرَاءَةً مِنْ صَلَاتِهِ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ قِيَامِهِ، وَقِرَاءَتُهُ مَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا بِرَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَوُجِدَ بَعْدَ مَا قَعَدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قِيَامٌ وَقِرَاءَةٌ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ - جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَعَدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَقَدْ انْفَرَدَ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ بِانْقِضَاءِ أَرْكَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَقَدْ أَتَى بِمَا فُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ فِي أَوَانِهِ فَكَانَ مُعْتَدًّا بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِقْدَارُ ذَلِكَ أَوْ وُجِدَ الْقِيَامُ دُونَ الْقِرَاءَةِ - لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ لِانْعِدَامِ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ فِي أَوَانِهِ.
وَإِنْ كَانَ مَسْبُوقًا بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ التَّشَهُّدِ، ثُمَّ رَكَعَ وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ هَذِهِ الرَّكْعَةِ - جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَفَرْضُ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِقِيَامِهِ مَا لَمْ يَفْرُغْ الْإِمَامُ مِنْ التَّشَهُّدِ، فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ التَّشَهُّدِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ هُوَ فَقَدْ وُجِدَ الْقِيَامُ وَإِنْ قَلَّ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ، وَوُجِدَتْ الْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ هَذِهِ الرَّكْعَةِ، فَقَدْ أَتَى بِمَا فُرِضَ عَلَيْهِ - فَتَجُوزُ صَلَاتُهُ.
وَإِنْ كَانَ رَكَعَ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ أَنْجَزَ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ قِيَامٌ مُعْتَدٌّ بِهِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِيَامُ بَعْدَ تَشَهُّدِ الْإِمَامِ، وَلَمْ يُوجَدْ فَلِهَذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ.
وَأَمَّا إذَا قَامَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ فَقَضَاهُ - أَجْزَأَهُ وَهُوَ مُسِيءٌ أَمَّا الْجَوَازُ فَلِأَنَّ قِيَامَهُ حَصَلَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا الْإِسَاءَةُ فَلِتَرْكِهِ انْتِظَارَ سَلَامِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ أَوَانَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ الْقِيَامَ عَنْ السَّلَامِ.
وَلَوْ قَامَ بَعْدَمَا سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَخَرَّ لَهُمَا فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَمَّا إنْ كَانَ الْمَسْبُوقُ قَيَّدَ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ رَكْعَتَهُ بِالسَّجْدَةِ رُفِضَ ذَلِكَ وَيَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ لَيْسَ بِفِعْلٍ كَامِلٍ، وَكَانَ مُحْتَمِلًا لِلرَّفْضِ، وَيَكُونُ تَرْكُهُ قَبْلَ التَّمَامِ مَنْعًا لَهُ عَنْ الثُّبُوتِ حَقِيقَةً، فَجُعِلَ كَأَنْ لَمْ يُوجَدْ، فَيَعُودُ وَيُتَابِعُ إمَامَهُ؛ لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ فِي الْوَاجِبَاتِ وَاجِبَةٌ، وَبَطَلَ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ لِمَا بَيَّنَّا فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَمَضَى عَلَى قَضَائِهِ جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ عَوْدَ

اسم الکتاب : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع المؤلف : الكاساني، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 177
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست