اسم الکتاب : المعتصر من المختصر من مشكل الآثار المؤلف : المَلَطي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 262
نظر إلى أبي إسرائيل فقال: "ما باله؟ " قالوا: إنه نذر أن يصوم ويقوم في الشمس ولا يتكلم قال: "مروه فليتم صومه وليجلس وليستظل ويتكلم" ولم يذكر في ذلك كفارة قيل له يحتمل أنه أمر بالكفارة فقصر الراوي عن نقله كما قصر الراوي في المفطر بجماع أهله عن نقل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من قضاء يوم مكان ذلك اليوم ويحتمل أن تكون الكفارة لم تكن حينئذ واجبة ثم وجبت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها في حال ما وجب التمسك بها[1] حتى يعلم نسخها.
ومنه ما روي أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام قال: "ف بنذرك". لا حجة لمن استدل في لزوم نذر حال الكفر بعد الإسلام به لأن لفظة ف لا تستعمل إلا فيما ليس بواتجب يقال ف لفلان بوعدك وفي الواجب يقال أوف قال تعالى: {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ} {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ} يقال أوفي يوفي إيفاء ووفى يفي وفاء فقوله صلى الله عليه وسلم لعمر "ف بنذرك" معناه فهو أحسن لا أنه واجب ولكنه وجد في بعض الآثار أوف بنذرك فتعارض اللفظان فسقط أن يكون حجة لبعض المختلفين على بعض مع أن الإيفاء قد يستعمل في غير الواجب وإن كان الأفصح ما قلنا ولما كان كذلك نظرنا هل نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على حقيقة الأمر فيه فوجدنا حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال قلت: يا رسول الله والله ما أتيتك حتى حلفت عددا وجمع بين أصابع يديه أن لا آتيك ولا آتي دينك وإني قد جئتك امرءا لا أعقل شيئا إلا ما علمني الله ورسوله الحديث ولم يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بكفارات عما كان من إيمانه التي قد حنث فيها فدل ذلك أنه لم يكن عليه فيها كفارات وإن حلفه بها في حال شركه كلا حلف وإذا كان في حلفه كذلك فنذره أحرى يؤيده ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما النذر فيما ابتغى به وجه الله عز وجل" [1] كذا.
اسم الکتاب : المعتصر من المختصر من مشكل الآثار المؤلف : المَلَطي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 262