responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 84
وَالنَّوَافِلِ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ)، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ فَإِنَّ دَمَ الْمُسْتَحَاضَةِ حَدَثٌ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ: مَا لَيْسَ بِمُعْتَادٍ مِنْ الْخَارِجِ لَا يَكُونُ حَدَثًا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ حَدَثٌ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ»، ثُمَّ عِنْدَنَا يَلْزَمُهَا الْوُضُوءُ فِي كُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، وَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ مَا شَاءَتْ مِنْ النَّوَافِلِ بِذَلِكَ، وَلَا تَجْمَعُ بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حِينَ اُسْتُحِيضَتْ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ»، وَمُطْلَقُهُ يَتَنَاوَلُ الْمَكْتُوبَةَ، وَلِأَنَّ طَهَارَتَهَا طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ لِاقْتِرَانِ الْحَدَثِ بِهَا، وَيَتَجَدَّدُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ مَكْتُوبَةٍ ضَرُورَةً فَيَلْزَمُهَا وُضُوءٌ جَدِيدٌ فَأَمَّا النَّوَافِلُ تَبَعٌ لِلْفَرَائِضِ فَثُبُوتُ حُكْمِ الطَّهَارَةِ فِي الْأَصْلِ يُوجِبُ ثُبُوتَهُ فِي التَّبَعِ.
(وَلَنَا) حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْتَحَاضَةُ تَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ».
مَا رُوِيَ «لِكُلِّ صَلَاةٍ» فَالْمُرَادُ مِنْهُ الْوَقْتُ فَالصَّلَاةُ تُذْكَرُ بِمَعْنَى الْوَقْتِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ لِلصَّلَاةِ أَوَّلًا، وَآخِرًا» أَيْ لِوَقْتِ الصَّلَاةِ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ لِغَيْرِهِ: آتِيكَ صَلَاةَ الظُّهْرِ أَيْ وَقْتَهُ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْأَوْقَاتَ مَشْرُوعَةٌ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ فِيهَا فَإِنَّ النَّاسَ فِي الْأَدَاءِ مُخْتَلِفُونَ فَمِنْ بَيْنِ مُطَوِّلٍ، وَمُوجِزٍ فَشُرِعَ لِلْأَدَاءِ وَقْتٌ يَفْصِلُ عَنْهُ تَيْسِيرًا، وَإِذَا قَامَ الْوَقْتُ مَقَامَ الصَّلَاةِ لِهَذَا فَتَجَدُّدُ الضَّرُورَةِ يَكُونُ بِتَجَدُّدِ الْوَقْتِ، وَمَا بَقِيَ الْوَقْتُ يَجْعَلُ الضَّرُورَةَ كَالْقَائِمَةِ حُكْمًا تَيْسِيرًا عَلَيْهَا فِي إقَامَةِ الْوَقْتِ مَقَامَ الْفِعْلِ، وَبَعْدَ مَا فَرَغَتْ مِنْ الْأَدَاءِ إنْ بَقِيَتْ طَهَارَتُهَا فَلَهَا أَنْ تُصَلِّيَ فَرْضًا آخَرَ، وَإِنْ لَمْ تَبْقَ طَهَارَتُهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ النَّوَافِلَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ شَرْطِهَا. ثُمَّ انْتِقَاضُ طَهَارَتِهَا بِخُرُوجِ الْوَقْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَبِدُخُولِ الْوَقْتِ عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَبِهِمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيَتَبَيَّنُ هَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا تَوَضَّأَتْ فِي وَقْتِ الْفَجْرِ فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهَا إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ تَوَضَّأَتْ فِي، وَقْتِ الضَّحْوَةِ فَزَالَتْ الشَّمْسُ لَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهَا إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُمَا يَقُولَانِ طَهَارَتُهَا قَبْلَ وُقُوعِ الْحَاجَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَبِدُخُولِ الْوَقْتِ تَتَجَدَّدُ الْحَاجَةُ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَيْهَا فَيَلْزَمُهَا بِهِ الطَّهَارَةُ.
(وَلَنَا) أَنَّ انْتِقَاضَ طَهَارَتِهَا بِوُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا، وَذَلِكَ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، ثُمَّ صَاحِبُ الْجُرْحِ السَّائِلِ عِنْدَنَا فِي مَعْنَى الْمُسْتَحَاضَةِ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلِ حَدَثٌ عِنْدَنَا فَيَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَوْ قُلْنَا بِمَا قَالَهُ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَأَدَّى إلَى الْحَرَجِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْتُهُ بَعِيدًا عَنْ الْجَامِعِ فَلَوْ انْتَظَرَ لِلْوُضُوءِ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست