responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 83
أَصَابَتْهُ الْغُسَالَاتُ النَّجِسَةُ، وَقَوْلُهُ «مَنْ حَمَلَ جِنَازَةً فَلْيَتَوَضَّأْ» إذَا كَانَ مُحْدِثًا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.

قَالَ (، وَالْحِجَامَةُ تُوجِبُ الْوُضُوءَ، وَغُسْلَ مَوْضِعِ الْمَحْجَمَةِ)، وَهُوَ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُوجِبُ مَوْضِعَ الْمَحْجَمَةِ، وَلَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - اغْسِلْ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ، وَحَسْبُكَ.
وَعُلَمَاؤُنَا قَالُوا مَعْنَاهُ: وَحَسْبُكَ مِنْ الِاغْتِسَالِ. فَإِنَّ أَصْحَابَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانُوا يُوجِبُونَ الِاغْتِسَالَ مِنْ مَاءِ الْحَمَّامِ، وَغُسْلِ الْمَيِّتِ، وَالْحِجَامَةِ فَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ هَذَا رَدًّا عَلَيْهِمْ فَأَمَّا الْوُضُوءُ وَاجِبٌ بِخُرُوجِ النَّجِسِ كَمَا بَيَّنَّا فَإِنْ تَوَضَّأَ، وَلَمْ يَغْسِلْ مَوْضِعَ الْمَحْجَمَةِ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ أَجْزَأْته، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تُجْزِئُهُ فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنْ النَّجَاسَةِ كَالْكَثِيرِ عِنْدَهُ فِي الْمَنْعِ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ.

قَالَ (وَإِنْ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ دَابَّةٌ، أَوْ رِيحٌ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ)، وَالْمُرَادُ بِالدَّابَّةِ الدُّودُ، وَهُوَ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلِ بِلَّةٍ تَكُونُ مَعَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ الْقَلِيلُ كَالْكَثِيرِ فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَقَطَ الدُّودُ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بِلَّةٍ يَسِيرَةٍ، وَذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْ الْخَارِجِ لَيْسَ بِنَاقِضٍ لِلْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ سَائِلٍ بِقُوَّةِ نَفْسِهِ فَأَمَّا الرِّيحُ إذَا خَرَجَ مِنْ الدُّبُرِ كَانَ نَاقِضًا لِلْوُضُوءِ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الشَّيْطَانُ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَنْفُخُ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ، وَيَقُولُ: أَحْدَثْت أَحْدَثْت فَلَا يَنْصَرِفَنَّ أَحَدُكُمْ مِنْ صَلَاتِهِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا». فَإِنْ خَرَجَ الرِّيحُ مِنْ الذَّكَرِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ حَدَثٌ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ، وَعَامَّةُ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ هَذَا لَا يَكُونُ حَدَثًا، وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَاجٌ فَلَا يُنْتَقَضُ بِهِ الْوُضُوءُ، وَكَذَلِكَ إنْ خَرَجَ الرِّيحُ مِنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ قَالَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّهُ لَا يَكُونُ حَدَثًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُفْضَاةً يَخْرُجُ مِنْهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ فَيُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَتَوَضَّأَ، وَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نَتَيَقَّنُ بِخُرُوجِ الرِّيحِ مِنْ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ.

قَالَ (وَإِنْ رَعَفَ قَلِيلًا لَمْ يَسِلْ لَمْ يُنْقَضْ وُضُوءُهُ)، وَمُرَادُهُ إذَا كَانَ فِيمَا صَلُبَ مِنْ أَنْفِهِ لَمْ يَنْزِلْ إلَى مَا لَانَ مِنْهُ فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي النَّوَادِرِ: إذَا نَزَلَ الدَّمُ إلَى قَصَبَةِ الْأَنْفِ انْتَقَضَ بِهِ الْوُضُوءُ بِخِلَافِ الْبَوْلِ إذَا نَزَلَ إلَى قَصَبَةِ الذَّكَرِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ النَّجَاسَةَ لَمْ تَصِلْ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ، وَفِي الْأَنْفِ قَدْ وَصَلَتْ النَّجَاسَةُ إلَى مَوْضِعٍ يَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ فَالِاسْتِنْشَاقُ فِي الْجَنَابَةِ فَرْضٌ، وَفِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ.

قَالَ (، وَيَتَوَضَّأُ صَاحِبُ الْجُرْحِ السَّائِلِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَيُصَلِّي بِذَلِكَ مَا شَاءَ مِنْ الْفَرَائِضِ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 83
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست