responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 8
وَإِنَّمَا كَانَ يُنْقَلُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ هَذَا مَمْسُوحٌ فِي الطَّهَارَةِ، فَلَا يَكُونُ التَّكْرَارُ فِيهِ مَسْنُونًا كَالْمَسْحِ بِالْخُفِّ وَالتَّيَمُّمِ، وَتَأْثِيرُهُ أَنَّ الِاسْتِيعَابَ فِي الْمَمْسُوحِ بِالْمَاءِ لَيْسَ بِفَرْضٍ حَتَّى يَجُوزَ الِاكْتِفَاءُ بِمَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ، وَبِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مَعَ الِاسْتِيعَابِ يَحْصُلُ إقَامَةُ السُّنَّةِ وَالْفَرِيضَةِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّكْرَارِ بِخِلَافِ الْمَغْسُولَاتِ، فَإِنَّ الِاسْتِيعَابَ فِيهَا فَرْضٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّكْرَارِ لِيَحْصُلَ بِهِ إقَامَةُ السُّنَّةِ، وَمَعْنَى الْحَرَجِ مُتَحَقِّقٌ هَاهُنَا، فَفِي تَكْرَارِ بَلِّ الرَّأْسِ بِالْمَاءِ إفْسَادُ الْعِمَامَةِ وَلِهَذَا اكْتَفَى فِي الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ عَنْ الْغَسْلِ. وَوَجْهُ رِوَايَةِ الْمُجَرَّدِ حَدِيثُ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِمَاءٍ وَاحِدٍ»، وَالْكَلَامُ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ يَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ الْكِتَابِ.

قَالَ (ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ وَظِيفَةُ الطَّهَارَةِ فِي الرِّجْلِ الْمَسْحُ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَضْرُورُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِغَسْلَيْنِ وَمَسْحَيْنِ يُرِيدُ بِهِ الْقِرَاءَةَ بِالْكَسْرِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَرْجُلِكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]، فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الرَّأْسِ وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ حَيْثُ الْمَحِلِّ، فَإِنَّ الرَّأْسَ مَحَلُّهُ مِنْ الْإِعْرَابِ النَّصْبُ، وَإِنَّمَا صَارَ مَحْفُوظًا بِدُخُولِ حَرْفِ الْجَرِّ وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ:
مُعَاوِي إنَّنَا بَشَرٌ فَأَسْجِحْ ... فَلَسْنَا بِالْجِبَالِ وَلَا الْحَدِيدَا
(وَلَنَا): «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ» وَبِهِ أَمَرَ مَنْ عَلَّمَهُ الْوُضُوءَ «وَرَأَى رَجُلًا يَلُوحُ عَقِبُهُ فَقَالَ: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ»، وَفِي رِوَايَةٍ «وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنْ النَّارِ»، وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ بِالنَّصْبِ تَنْصِيصٌ عَلَى الْأَمْرِ بِالْغَسْلِ وَأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْمَحَلِّ لَا يَجُوزُ فِي مَوْضِعٍ يُؤَدِّي إلَى الِالْتِبَاسِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُؤَدِّي إلَى الِاشْتِبَاهِ كَمَا فِي الْبَيْتِ. وَالْقِرَاءَةُ بِالْخَفْضِ عَطْفٌ عَلَى الْأَيْدِي أَيْضًا، وَإِنَّمَا صَارَ مَخْفُوضًا بِالْمُجَاوَرَةِ كَمَا يُقَالُ جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ وَمَاءُ شَنٍّ بَارِدٍ أَيْ خَرِبٌ وَبَارِدٌ. (فَإِنْ قِيلَ:) الِاتِّبَاعُ بِالْمُجَاوَرَةِ مَعَ حَرْفِ الْعَطْفِ لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ الْعَرَبُ. (قُلْنَا) لَا كَذَلِكَ بَلْ جَوَّزُوا الِاتِّبَاعَ فِي الْفِعْلِ مَعَ حَرْفِ الْعَطْفِ قَالَ الْقَائِلُ
عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا
وَالْمَاءُ لَا يُعْلَفُ وَلَكِنَّهُ اتِّبَاعٌ لِلْمُجَاوَرَةِ وَكَذَلِكَ فِي الْإِعْرَابِ قَالَ جَرِيرٌ
فَهَلْ أَنْتَ إنْ مَاتَتْ أَتَانُكَ رَاحِلٌ ... إلَى آلِ بِسْطَامِ بْنِ قَيْسٍ فَخَاطِبُ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست