responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 7
الْمَحْدُودِ اعْتِبَارًا بِالْمَمْسُوحَاتِ وَاسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَاَلَّذِي يُرْوِي «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَسَلَ الْمَرَافِقَ» فَمَحْمُولٌ عَلَى إكْمَالِ السُّنَّةِ دُونَ إقَامَةِ الْفَرْضِ وَلَنَا أَنَّ مِنْ الْغَايَاتِ مَا يَدْخُلُ وَيَكُونُ حَرْفُ " إلَى " فِيهِ بِمَعْنَى " مَعَ " قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: 2] أَيْ مَعَ أَمْوَالِكُمْ فَكَانَ هَذَا مُجْمَلًا فِي كِتَابِ اللَّهِ بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِفِعْلِهِ:، فَإِنَّهُ «تَوَضَّأَ وَأَدَارَ الْمَاءَ عَلَى مَرَافِقِهِ» وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ تَرْكُ غَسْلِ الْمَرَافِقِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْوُضُوءِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَفَعَلَهُ مَرَّةً تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ، ثُمَّ إنَّ الْأَصْلَ أَنَّ ذِكْرَ الْغَايَةِ مَتَى كَانَ لِمَدِّ الْحُكْمِ إلَى مَوْضِعِ الْغَايَةِ لَمْ يُدْخِلْ فِيهِ الْغَايَةَ كَمَا فِي الصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: " ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ " اقْتَضَى صَوْمَ سَاعَةٍ، وَمَتَى كَانَ ذِكْرُ الْغَايَةِ لِإِخْرَاجِ مَا وَرَاء الْغَايَةِ يَبْقَى مَوْضِعُ الْغَايَةِ دَاخِلًا وَهَا هُنَا ذَكَرَ الْغَايَةَ لِإِخْرَاجِ مَا وَرَاءَ الْغَايَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ وَأَيْدِيَكُمْ اقْتَضَى غَسْلَ الْيَدَيْنِ إلَى الْآبَاطِ كَمَا فَهِمَتْ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - ذَلِكَ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ فِي الِابْتِدَاءِ فَذَكَرَ الْغَايَةَ لِإِخْرَاجِ مَا وَرَاءَ الْغَايَةِ فَيَبْقَى الْمِرْفَقُ دَاخِلًا.

(ثُمَّ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً) وَتَمَامُ السُّنَّةِ فِي أَنْ يَسْتَوْعِبَ جَمِيعَ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا أَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ»، وَالْبِدَايَةُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ الْهَامَةِ إلَى الْجَبِينِ، ثُمَّ مِنْهُ إلَى الْقَفَا، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - الْبِدَايَةُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ كَمَا فِي الْمَغْسُولَاتِ الْبِدَايَةُ مِنْ أَوَّلِ الْعُضْوِ، وَالْمَسْنُونُ فِي الْمَسْحِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ بِمَاءٍ وَاحِدٍ عِنْدَنَا، وَفِي الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثَلَاثُ مَرَّاتٍ بِمَاءٍ وَاحِدٍ. (وَقَالَ) الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: السُّنَّةُ أَنْ يَمْسَحَ ثَلَاثًا يَأْخُذُ لِكُلِّ مَرَّةٍ مَاءً جَدِيدًا وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُجَرَّدِ لِابْنِ شُجَاعٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَوَجْهُهُ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي» فَيَنْصَرِفُ هَذَا اللَّفْظُ إلَى الْمَمْسُوحِ وَالْمَغْسُولِ جَمِيعًا وَلِأَنَّهُ رُكْنٌ هُوَ أَصْلٌ فِي الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَيَكُونُ التَّكْرَارُ فِيهِ مَسْنُونًا كَالْمَغْسُولَاتِ بِخِلَافِ الْمَسْحِ بِالْخُفِّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَصْلٍ وَبِخِلَافِ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِطَهَارَةٍ بِالْمَاءِ وَيَلْحَقُهُ الْحَرَجُ فِي تَكْرَارِ اسْتِعْمَالِ التُّرَابِ مِنْ حَيْثُ تَلْوِيثُ الْوَجْهِ وَذَلِكَ الْحَرَجُ مَعْدُومٌ فِي الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ.
(وَلَنَا): حَدِيثُ «الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَإِنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ فِي مَرَضِهِ: إنِّي مُفَارِقُكُمْ عَنْ قَرِيبٍ، أَفَلَا أُعَلِّمُكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً»،

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 7
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست