responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 11
فَعَلَهُ لِيَجْتَمِعَ عَزِيمَةُ قَلْبِهِ فَهُوَ حَسَنٌ.

وَأَمَّا التَّكْبِيرُ، فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِلشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ وَإِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ يَصِيرُ شَارِعًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، وَالْأَذْكَارُ عِنْدَهُمَا كَالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ مِنْ الْوَاجِبَاتِ قَالَا: لِأَنَّ مَبْنَى الصَّلَاةِ عَلَى الْأَفْعَالِ لَا عَلَى الْأَذْكَارِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الْأَذْكَارِ الْقَادِرَ عَلَى الْأَفْعَالِ يَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ عَنْ الْأَفْعَالِ الْقَادِرِ عَلَى الْأَذْكَارِ؟ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] أَيْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ - تَعَالَى - عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] يُبَيِّنُ أَنَّ الْمَقْصُودَ ذِكْرُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ فَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ لَا يَكُونُ وَاجِبًا وَهَذَا الْمَعْنَى، فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَعْظِيمٌ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ، وَأَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ اللِّسَانُ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.
وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ»، فَدَلَّ أَنَّ بِدُونِهِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَتَحْرِيمَةُ الصَّلَاةِ تَتَنَاوَلُ اللِّسَانَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْكَلَامَ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ؟ وَلَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ التَّحْرِيمُ لَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا كَالنَّظَرِ بِالْعَيْنِ وَمَبْنَى الصَّلَاةِ عَلَى الْأَفْعَالِ دُونَ الْكَفِّ فَكُلُّ مَا يَتَنَاوَلُهُ التَّحْرِيمُ يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ.

فَأَمَّا رَفْعُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ فَهُوَ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «عَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ رَفْعَ الْيَدِ»؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْوَاجِبَاتِ وَوَاظَبَ عَلَى رَفْعِ الْيَدِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ فَدَلَّ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرِنَ التَّكْبِيرَ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ أَوَّلًا فَإِذَا اسْتَقَرَّتَا فِي مَوْضِعِ الْمُحَاذَاةِ كَبَّرَ؛ لِأَنَّ فِي فِعْلِهِ وَقَوْلِهِ مَعْنَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، فَإِنَّهُ بِرَفْعِ الْيَدِ يَنْفِي الْكِبْرِيَاءَ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَبِالتَّكْبِيرِ يُثْبِتُهُ لِلَّهِ - تَعَالَى - فَيَكُونُ النَّفْيُ مُقَدَّمًا عَلَى الْإِثْبَاتِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ.

وَلَا يَتَكَلَّفُ لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ عِنْدَ رَفْعِ الْيَدِ وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّهُ كَبَّرَ نَاشِرًا أَصَابِعَهُ»، مَعْنَاهُ نَاشِرًا عَنْ طَيِّهَا بِأَنْ لَمْ يَجْعَلْهُ مَثْنِيًّا بِضَمِّ الْأَصَابِعِ إلَى الْكَفِّ.

وَالْمَسْنُونُ عِنْدَنَا أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ إبْهَامَاهُ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ وَرُءُوسُ أَصَابِعِهِ فُرُوعَ أُذُنَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَسْنُونُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ إلَى مَنْكِبَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالُوا: نَعَمْ فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 11
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست