responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 10
الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: لِأَهْلِ قُبَاءَ مَا هَذِهِ الطُّهْرَةُ الَّتِي خُصِّصْتُمْ بِهَا فَقَالُوا إنَّا كُنَّا نُتْبِعُ الْأَحْجَارَ الْمَاءَ فَقَالَ هُوَ ذَاكَ»، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مَسْحَ الرَّقَبَةِ، وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا يَقُولُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الْوُضُوءِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ فِي الْوُضُوءِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - امْسَحُوا رِقَابَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُغَلَّ بِالنَّارِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَحْرِيكَ الْخَاتَمِ وَلَا نَزْعَهُ وَذَكَرَ أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ نَزْعَ الْخَاتَمِ فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ وَاسِعًا يَدْخُلُهُ الْمَاءُ، فَلَا حَاجَةَ إلَى النَّزْعِ وَالتَّحْرِيكِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا لَا يَدْخُلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْرِيكِهِ، وَفِي التَّيَمُّمِ لَا بُدَّ مِنْ نَزْعِهِ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ.
ثُمَّ سُنَنُ الْوُضُوءِ وَآدَابُهُ فَرَّقَهَا مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكِتَابِ فَنَذْكُرُ كُلَّ فَصْلٍ فِي مَوْضِعِهِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - تَحَرُّزًا عَنْ التَّطْوِيلِ

[كَيْفِيَّةُ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ]
قَالَ (إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ) وَظَنَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ النِّيَّةَ وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا، فَإِنَّ إرَادَةَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ هِيَ النِّيَّةُ وَالنِّيَّةُ لَا بُدَّ مِنْهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إلَى أَعْمَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إلَى قُلُوبِكُمْ»، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، وَالنِّيَّةُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ أَيَّ صَلَاةٍ يُصَلِّي وَحُكِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ مَعَ هَذَا: فِي الْفَرَائِضِ يُحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْفَرْضِ. وَهَذَا بَعِيدٌ، فَإِنَّهُ إذَا نَوَى الظُّهْرَ فَقَدْ نَوَى الْفَرْضَ، فَالظُّهْرُ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا، فَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا فَحَاجَتُهُ إلَى نِيَّةِ مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا احْتَاجَ مَعَ ذَلِكَ إلَى نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ نَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ جَازَ عَنْهُمَا.
وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يُحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْكَعْبَةِ أَيْضًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ اسْتِقْبَالَهُ إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ يُغْنِيهِ عَنْ نِيَّتِهَا، وَالْأَفْضَلُ أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ مُقَارِنَةً لِلتَّكْبِيرِ، فَإِنْ نَوَى قَبْلَهُ حِينَ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بَعْدَهُ بِعَمَلٍ يَقْطَعُ نِيَّتَهُ جَازَ عِنْدَنَا وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ جَمِيعًا وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: الْحَاجَةُ إلَى النِّيَّةِ لِيَكُونَ عَمَلُهُ عَنْ عَزِيمَةٍ وَإِخْلَاصٍ وَذَلِكَ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا. وَنَحْنُ هَكَذَا نَقُولُ وَلَكِنْ يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ وَيُجْعَلُ مَا قُدِّمَ مِنْ النِّيَّةِ إذَا لَمْ يَقْطَعْهُ بِعَمَلٍ كَالْقَائِمِ عِنْدَ الشُّرُوعِ حُكْمًا كَمَا فِي الصَّوْمِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَلْخِيُّ يَقُولُ: إذَا كَانَ عِنْدَ الشُّرُوعِ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ: أَيُّ صَلَاةٍ يُصَلِّي؟ أَمْكَنَهُ أَنْ يُجِيبَ عَلَى الْبَدِيهَةِ مِنْ غَيْرِ تَفَكُّرٍ فَهُوَ نِيَّةٌ كَامِلَةٌ تَامَّةٌ، وَالتَّكَلُّمُ بِالنِّيَّةِ لَا مُعْتَبَرَ بِهِ، فَإِنْ

اسم الکتاب : المبسوط المؤلف : السرخسي    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست