responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 41
بَطْنَ الْكَفِّ أَوْ ظَهْرَ الْكَفِّ مَا لَمْ يَضَعْ جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ قَبْلَ التَّيَقُّظِ اهـ.
وَقَيَّدْنَا بِالنَّوْمِ؛ لِأَنَّ النُّعَاسَ مُضْطَجِعًا لَا ذِكْرَ لَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ وَأَبُو عَلِيٍّ الرَّازِيّ: إنْ كَانَ لَا يَفْهَمُ عَامَّةَ مَا قِيلَ عِنْدَهُ كَانَ حَدَثًا كَذَا فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَا فِي التَّبْيِينِ عَلَى قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ لَا عَلَى الظَّاهِرِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي سُنَنِ الْبَزَّارِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فَيَضَعُونَ جُنُوبَهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَنَامُ ثُمَّ يَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّ النَّوْمَ مُضْطَجِعًا نَاقِضٌ إلَّا فِي حَقِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ؛ وَلِهَذَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ «إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» وَلَا يُشْكَلُ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ «أَنَّهُ نَامَ لَيْلَةَ التَّعْرِيسِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ» ؛ لِأَنَّ الْقَلْبَ يَقْظَانُ يُحِسُّ بِالْحَدَثِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ وَيَشْعُرُ بِهِ الْقَلْبُ، وَلَيْسَ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا هُوَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْقَلْبِ وَإِنَّمَا يُدْرَكُ بِالْعَيْنِ، وَهِيَ نَائِمَةٌ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

(قَوْلُهُ: وَإِغْمَاءٌ وَجُنُونٌ) أَيْ وَيَنْقُضُهُ إغْمَاءٌ وَجُنُونٌ أَمَّا الْإِغْمَاءُ فَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْمَرَضِ يُضْعِفُ الْقُوَى وَلَا يُزِيلُ الْحِجَا أَيْ الْعَقْلَ بَلْ يَسْتُرُهُ بِخِلَافِ الْجُنُونِ، فَإِنَّهُ يُزِيلُهُ؛ وَلِذَا لَمْ يُعْصَمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْإِغْمَاءِ كَالْأَمْرَاضِ وَعُصِمَ مِنْ الْجُنُونِ، وَهُوَ كَالنَّوْمِ فِي فَوْتِ الِاخْتِيَارِ وَفَوْتِ اسْتِعْمَالِ الْقُدْرَةِ حَتَّى بَطَلَتْ عِبَارَاتُهُ بَلْ أَشَدُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ فَتْرَةٌ أَصْلِيَّةٌ، وَإِذَا نُبِّهَ انْتَبَهَ وَالْإِغْمَاءُ عَارِضٌ لَا يَتَنَبَّهُ صَاحِبُهُ إذَا نُبِّهَ فَكَانَ حَدَثًا بِكُلِّ حَالٍ؛ وَلِذَا أَطْلَقَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ بِخِلَافِ النَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ حَدَثًا إلَّا إذَا اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ غَايَةَ الِاسْتِرْخَاءِ فَغَلَبَ الْخُرُوجُ حِينَئِذٍ فَأُقِيمَ السَّبَبُ مَقَامَهُ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهَا عَدَمُهُ فَلَا يُقَامُ السَّبَبُ مَقَامَهُ فَكَانَ عَدَمُ النَّقْضِ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ الَّذِي يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْخَارِجِ لَا يَنْقُضُ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يَكُونَ النَّوْمُ حَدَثًا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْإِجْمَاعَ عَلَى نَاقِضِيهِ: الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ يُقَالُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ وَغُمِّيَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَغْمِيٌّ عَلَيْهِ وَرَجُلٌ غَمًى أَيْ: مُغْمًى عَلَيْهِ وَكَذَا الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ وَقَدْ ثَنَّاهُ بَعْضُهُمْ وَجَمَعَهُ فَقَالَ رَجُلَانِ أَغْمَيَانِ وَرِجَالٌ أَغْمَاءٌ
وَأَمَّا الْجُنُونُ فَهُوَ زَوَالُ الْعَقْلِ وَنَقْضُهُ ظَاهِرٌ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ مُبَالَاتِهِ وَتَمْيِيزِ الْحَدَثِ مِنْ غَيْرِهِ وَعَلَّلَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ بِغَلَبَةِ الِاسْتِرْخَاءِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَجْنُونَ قَدْ يَكُونُ أَقْوَى مِنْ الصَّحِيحِ فَالْأَوْلَى مَا قُلْنَاهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ، وَأَمَّا الْعَتَهُ فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ النَّوَاقِضِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حَقِيقَتِهِ وَحُكْمِهِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ آفَةٌ تُوجِبُ الِاخْتِلَالَ بِالْعَقْلِ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُخْتَلِطَ الْكَلَامِ فَاسِدَ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُضْرِبُ وَلَا يُشْتَمُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَفِي أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَالْمَنَارِ وَالْمُغْنِي وَالتَّوْضِيحِ أَنَّهُ كَالصَّبِيِّ مَعَ الْعَقْلِ فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ فَيُوضَعُ عَنْهُ الْخِطَابُ وَفِي التَّقْوِيمِ لِأَبِي زَيْدٍ الدَّبُوسِيِّ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الصَّبِيِّ مَعَ الْعَقْلِ إلَّا فِي الْعِبَادَاتِ فَإِنَّا لَمْ نُسْقِطْ عَنْهُ الْوُجُوبَ بِهِ احْتِيَاطًا فِي وَقْتِ الْخِطَابِ وَرَدَّهُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ بِأَنَّهُ نَوْعُ جُنُونٍ فَمَنَعَ الْوُجُوبَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقِفُ عَلَى الْعَوَاقِبِ وَفِي أُصُولِ الْبُسْتِيِّ أَنَّ الْمَعْتُوهَ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ بِأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ إلَّا أَنَّهُ إذَا زَالَ الْعَتَهُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ بِالْأَدَاءِ حَالًا وَبِقَضَاءِ مَا مَضَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَرَجٌ كَالْقَلِيلِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَقْضِي الْقَلِيلَ دُونَ الْكَثِيرِ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخَاطَبًا فِيمَا قَبْلُ كَالنَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ دُونَ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى التَّحْقِيقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُغْنِي لِلْهِنْدِيِّ وَظَاهِرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQنَقْضُ الْوُضُوءِ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ عِبَارَةِ جَوَامِعِ الْفِقْهِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَسَادِ مَبْنِيٌّ عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ لِتَفْرِيقِهِ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَدَثٍ) قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: لِأَنَّهُ نَوْمٌ قَلِيلٌ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَا فِي التَّبْيِينِ عَلَى قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ الدَّقَّاقِ وَالرَّازِيِّ وَعِبَارَةُ التَّبْيِينِ: هَكَذَا وَالنُّعَاسُ نَوْعَانِ: ثَقِيلٌ: وَهُوَ حَدَثٌ فِي حَالَةِ الِاضْطِجَاعِ وَخَفِيفٌ، وَهُوَ لَيْسَ بِحَدَثٍ فِيهَا وَالْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسْمَعُ مَا قِيلَ عِنْدَهُ فَهُوَ خَفِيفٌ، وَإِلَّا فَهُوَ ثَقِيلٌ انْتَهَتْ وَلَيْسَ فِيهَا التَّقْيِيدُ بِالْفَهْمِ فَهُوَ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ إلَّا أَنْ يَعْتَبِرَ تَقْيِيدَ السَّمَاعِ بِالْفَهْمِ فَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ لَفْظُ عَامَّةٍ الْمُشْعِرَةِ بِفَهْمِ الْبَعْضِ بَلْ ظَاهِرُهُ عَدَمُ سَمَاعِ الْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ عَامَّةٌ بِمَعْنَى الْجَمِيعِ لَكِنْ يَبْقَى فِيهِ إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ وَلَا يَفْهَمُ جَمِيعَ مَا قِيلَ عِنْدَهُ فَهُوَ نَائِمٌ لَا نَاعِسٌ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنِهِمَا عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ، وَإِنْ كَانَ يَسْهُو حَرْفًا أَوْ حَرْفَيْنِ فَلَا اهـ.
فَعَامَّةٌ لَيْسَ بِمَعْنَى الْجَمِيعِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ السَّمَاعُ عَلَى الْفَهْمِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَيُقَدَّرُ لَفْظُ أَكْثَرَ فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ أَيْ إنْ كَانَ يَفْهَمُ أَكْثَرَ مَا قِيلَ عِنْدَهُ فَهُوَ خَفِيفٌ، وَإِلَّا فَهُوَ كَثِيرٌ فَيَتَوَافَقُ الْكَلَامَانِ هَذَا غَايَةُ مَا يُمْكِنُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي سُنَنِ الْبَزَّارِ) أَيْ يُحْمَلُ النَّوْمُ فِيهِ عَلَى النُّعَاسِ.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست