responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 303
وَلَوْ كَانَ مُخْطِئًا وَبِنَاءً عَلَى هَذَا مَا ذُكِرَ فِي التَّجْنِيسِ تَحَرَّى فَأَخْطَأَ فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، ثُمَّ عَلِمَ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ فَدَخَلَ رَجُلٌ فِي صَلَاتِهِ، وَقَدْ عَلِمَ حَالَتَهُ الْأُولَى لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الدَّاخِلِ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ عَلَى الْخَطَأِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ. اهـ.
وَكَذَا إذَا كَانَ فِي الْمَفَازَةِ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ وَلَهُ عِلْمٌ بِالِاسْتِدْلَالِ بِالنُّجُومِ عَلَى الْقِبْلَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَوْقَهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ صَلَّى بِالتَّحَرِّي إلَى الْجِهَةِ فِي الْمَفَازَةِ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ لَكِنَّهُ لَا يَعْرِفُ النُّجُومَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ هَلْ يَجُوزُ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ أُسْتَاذُنَا ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يَجُوزُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي الْجَهْلِ بِالْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ الْمُعْتَادَةِ نَحْوَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، أَمَّا دَقَائِقُ عِلْمِ الْهَيْئَةِ وَصُوَرِ النُّجُومِ الثَّوَابِتِ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي الْجَهْلِ بِهَا. اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ التَّحَرِّي أَنْ يَعْجِزَ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ بِانْطِمَاسِ الْأَعْلَامِ وَتَرَاكُمِ الظَّلَامِ وَتَضَامِّ الْغَمَامِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كَافِيهِ وَهُوَ يُرَجِّحُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ أَنَّ السَّمَاءَ إذَا كَانَتْ مُصْحِيَةً لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي مَعَ الْمَحَارِيبِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُعَرِّفُهُ الْقِبْلَةَ قَالَ فِي الْأُصُولِ يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَمَّنْ يَسْأَلُهُ فَصَارَ كَالْمَفَازَةِ وَقَالَ أَئِمَّةُ بَلْخٍ مِنْهُمْ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَا تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ بِالتَّحَرِّي وَعَلَّلَ فَقَالَ إنَّ هَذِهِ نَائِبَةُ الْعُقْبَى فَتُعْتَبَرُ بِنَائِبَةِ الدُّنْيَا وَلَوْ حَدَثَتْ بِهِ نَائِبَةُ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَسْتَغِيثُ بِجِيرَانِ الْمَسْجِدِ كَذَلِكَ هَاهُنَا يَجِبُ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدِ نَفْسِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ كَالْبَيْتِ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَسْجِدُهُ وَمَسْجِدُ غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَرَوَى أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ سَلَّامٍ بْنِ حَكِيمٍ أَنَّهُ قَالَ مَحَارِيبُ خُرَاسَانَ كُلُّهَا مَنْصُوبَةٌ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْحَجَرُ الْأَسْوَدُ إلَى مَيْسَرَةِ الْكَعْبَةِ وَمَنْ تَوَجَّهَ إلَى الْكَعْبَةِ وَمَالَ بِوَجْهِهِ إلَى مَيْسَرَةِ الْكَعْبَةِ وَقَعَ وَجْهُهُ إلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَمَنْ مَالَ بِوَجْهِهِ إلَى يَمِينِهَا وَقَعَ وَجْهُهُ إلَى الْكَعْبَةِ وَلِهَذَا قِيلَ: يَجِبُ أَنْ يَمِيلَ إلَى يَمِينِهَا قَالَ وَمَحَارِيبُ الدُّنْيَا كُلُّهَا نُصِبَتْ بِالتَّحَرِّي حَتَّى مِنًى وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ شَيْئًا وَهَذَا خِلَافُ مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ فِي مِحْرَابِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَحْيِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْبِقَاعِ حَتَّى قِيلَ: إنَّ مِحْرَابَ مِنًى نُصِبَ بِالتَّحَرِّي وَالْعَلَامَاتِ وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاضِعِ إلَى مَكَّةَ. اهـ.
وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُمْ لِغَيْرِ الْمَكِّيِّ إصَابَةُ جِهَتِهَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ فِي غَيْرِ الْمَدَنِيِّ فَإِنَّ الْمَدَنِيَّ كَالْمَكِّيِّ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ إصَابَةُ عَيْنِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَيْضًا وَأُطْلِقَ فِي الِاشْتِبَاهِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ بِأَنْ كَانَ مَحْبُوسًا وَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ فَصَلَّى بِالتَّحَرِّي، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَكَانَ الرَّازِيّ يَقُولُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ بِالْخَطَأِ إذَا كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خان رَجُلٌ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ بِالتَّحَرِّي فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْرِعَ أَبْوَابَ النَّاسِ لِلسُّؤَالِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَا يَعْرِفُ الْقِبْلَةَ بِمَسِّ الْجُدْرَانِ وَالْحِيطَانِ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَوْ كَانَتْ مَنْقُوشَةً لَا يُمْكِنُهُ تَمْيِيزُ الْمِحْرَابِ مِنْ غَيْرِهِ وَعَسَى يَكُونُ ثَمَّ هَامَةٌ مُؤْذِيَةٌ فَجَازَ لَهُ التَّحَرِّي اهـ.
وَقُيِّدَ بِالِاشْتِبَاهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ إلَى جِهَةٍ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا تَحَرٍّ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ أَوْ كَانَ أَكْبَرَ رَأْيِهِ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ حَالِهِ شَيْءٌ حَتَّى ذَهَبَ عَنْ الْمَوْضِعِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ أَوْ كَانَ أَكْبَرَ رَأْيِهِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَقُيِّدَ بِالتَّحَرِّي؛ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى مِمَّنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ بِلَا تَحَرٍّ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إلَّا إنْ عَلِمَ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنَّهُ أَصَابَ؛ لِأَنَّ مَا افْتَرَضَ لِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ لَا تَحْصِيلُهُ وَإِنْ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ أَصَابَ يَسْتَقْبِلُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِمَا ذَكَرْنَا قُلْنَا حَالَتُهُ قَوِيَتْ بِالْعِلْمِ وَبِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ لَا يَجُوزُ، أَمَّا لَوْ تَحَرَّى وَصَلَّى إلَى غَيْرِ جِهَةِ التَّحَرِّي فَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَفِي الذَّخِيرَةِ اخْتَلَفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُمْ لِغَيْرِ الْمَكِّيِّ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ فِيمَا نُقِلَ عَنْهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْمَدَنِيَّ كَالْمَكِّيِّ فِي لُزُومِ إصَابَةِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا لَزِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مِحْرَابَ الْمَدِينَةِ لَا يَجُوزُ مَعَهُ التَّحَرِّي وَيَجِبُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مَقْطُوعًا بِهِ، أَمَّا لِكَوْنِهِ عَلَى أَقْرَبِ الْجِهَاتِ أَوْ عَلَى نَفْسِ الْعَيْنِ وَمَا بَعُدَ عِنْدَهُ مِنْ أَمَاكِنِ الْمَدِينَةِ مِمَّا هُوَ عَلَى سَمْتِ الِاسْتِقَامَةِ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَيْنِ قَطْعًا فَيَتَعَيَّنُ اتِّبَاعُ جِهَتِهِ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهَا كَيْفَ، وَقَدْ قَالُوا فِي نَفْسِ مَكَّةَ مَعَ الْحَائِلِ تَكُونُ كَغَيْرِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَائِطَ لَوْ كَانَتْ مَنْقُوشَةً إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ هَذَا الْقَوْلُ يَصِحُّ فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ، فَأَمَّا فِي أَكْثَرِ الْمَسَاجِدِ فَيُمْكِنُ تَمْيِيزُ الْمِحْرَابِ مِنْ غَيْرِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ مِنْ غَيْرِ إيذَاءٍ كَمَا شَاهَدْنَا فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ فَلَا يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي مَسْجِدٍ، كَذَا فِي الْمِفْتَاحِ. (قَوْلُهُ: لِمَا ذَكَرْنَا) أَيْ مِنْ أَنَّ مَا اُفْتُرِضَ لِغَيْرِهِ إلَخْ وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست