responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 302
لِلْإِكْفَارِ هُوَ الِاسْتِهَانَةُ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْكُلِّ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْكُلِّ وَأَلْحَقَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ كَالصَّلَاةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّ بَعْضَ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ يَقُولُ بِأَنَّ إزَالَتَهَا سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ وَلَا يَكْفُرُ بِجَحْدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَكَيْفَ يَتْرُكُهُ مِنْ غَيْرِ جَحْدٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ وَحُكِيَ فِي الذَّخِيرَةِ الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ اُبْتُلِيَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ لِضَرُورَةٍ بِأَنْ كَانَ مَعَ قَوْمٍ فَأَحْدَثَ وَاسْتَحْيَا أَنْ يَظْهَرَ فَكَتَمَ ذَلِكَ وَصَلَّى هَكَذَا أَوْ كَانَ بِقُرْبِ الْعَدُوِّ فَقَامَ يُصَلِّي وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يَكُونُ كَافِرًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَهْزِئٍ وَمَنْ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ لِضَرُورَةٍ أَوْ لِحَيَاءٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْصِدَ بِالْقِيَامِ قِيَامَ الصَّلَاةِ وَلَا يَقْرَأَ شَيْئًا وَإِذَا حَنَى ظَهْرَهُ لَا يَقْصِدُ الرُّكُوعَ وَلَا يُسَبِّحُ حَتَّى لَا يَصِيرَ كَافِرًا بِالْإِجْمَاعِ.

(قَوْلُهُ: وَالْخَائِفُ يُصَلِّي إلَى أَيْ جِهَةٍ قَدَرَ) لِأَنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ شَرْطٌ زَائِدٌ يَسْقُطُ عِنْدَ الْعَجْزِ وَالْفِقْهُ فِيهِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي خِدْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ الْجِهَةِ فَابْتَلَاهُ بِالتَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَيْسَتْ لَهَا وَلِهَذَا لَوْ سَجَدَ لِلْكَعْبَةِ نَفْسِهَا كَفَرَ فَلَمَّا اعْتَرَاهُ الْخَوْفُ تَحَقَّقَ الْعُذْرُ فَأَشْبَهَ حَالَةَ الِاشْتِبَاهِ فِي تَحَقُّقِ الْعُذْرِ فَيَتَوَجَّهُ إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدَرَ؛ لِأَنَّ الْكَعْبَةَ لَمْ تُعْتَبَرْ لِعَيْنِهَا بَلْ لِلِابْتِلَاءِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْخَوْفَ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ لِصٍّ وَسَوَاءٌ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَرَادَ بِالْخَائِفِ مَنْ لَهُ عُذْرٌ فَيَشْمَلُ الْمَرِيضَ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّوَجُّهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يُحَوِّلُهُ إلَيْهَا أَوْ كَانَ التَّحْوِيلُ يَضُرُّهُ وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ وُجُودِ مَنْ يُحَوِّلُهُ جَرَى عَلَى قَوْلِهِمَا، أَمَّا عِنْدَهُ فَالْقَادِرُ بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ لَيْسَ بِقَادِرٍ كَمَا عُرِفَ فِي التَّيَمُّمِ وَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ عَلَى لَوْحٍ فِي السَّفِينَةِ يَخَافُ الْغَرَقَ إذَا انْحَرَفَ إلَيْهَا وَمَا إذَا كَانَ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ لَا يَجِدُ عَلَى الْأَرْضِ مَكَانًا يَابِسًا أَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ جُمُوحًا لَوْ نَزَلَ لَا يُمْكِنُهُ الرُّكُوبُ إلَّا بِمُعِينٍ أَوْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْكَبَ إلَّا بِمُعِينٍ وَلَا يَجِدُهُ فَكَمَا تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْأَرْكَانُ كَذَلِكَ يَسْقُطُ عَنْهُ التَّوَجُّهُ إلَى الْقِبْلَةِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ إذَا قَدَرَ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّاعَةَ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ تَحَرَّى) أَيْ إذَا عَجَزَ عَنْ تَعَرُّفِ الْقِبْلَةِ بِغَيْرِ التَّحَرِّي لَزِمَهُ التَّحَرِّي وَهُوَ بَذْلُ الْمَجْهُودِ لِنِيلِ الْمَقْصُودِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ تَحَرَّوْا وَصَلَّوْا وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] أَيْ قِبْلَتُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّلَاةِ حَالَةَ الِاشْتِبَاهِ قَيَّدْنَا بِالْعَجْزِ عَنْ التَّعَرُّفِ إلَّا بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى تَعَرُّفِ الْقِبْلَةِ بِالسُّؤَالِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِمَّنْ هُوَ عَالَمٌ بِالْقِبْلَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْبَارَ فَوْقَهُ لِكَوْنِ الْخَبَرِ مُلْزِمًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَالتَّحَرِّي مُلْزِمٌ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْأَدْنَى مَعَ إمْكَانِ الْأَعْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَلِّدُهُ؛ لِأَنَّ كَحَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْهُ الْمُسْتَخْبَرِينَ سَأَلَهُ فَصَلَّى بِالتَّحَرِّي، ثُمَّ أَخْبَرَهُ لَا يُعِيدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَمَا إذَا كَانَ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ إلَخْ) الرَّدْغَةُ بِالتَّحْرِيكِ وَكَذَا بِالتَّسْكِينِ الْمَاءُ وَالطِّينُ وَالْوَحْلُ الشَّدِيدُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ لَوْ كَانَ فِي طِينٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ جَازَ لَهُ الْإِيمَاءُ عَلَى الدَّابَّةِ وَاقِفَةً إنْ قَدَرَ وَإِلَّا فَسَائِرَةً مُتَوَجِّهَةً إلَى الْقِبْلَةِ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى النُّزُولِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ نَزَلَ وَأَوْمَأَ قَائِمًا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ دُونَ السُّجُودِ أَوْمَأَ قَاعِدًا وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ نَدِيَّةً مُبْتَلَّةً بِحَيْثُ لَا يَغِيبُ وَجْهُهُ فِي الطِّينِ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ وَسَجَدَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَفِي صُورَةِ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى النُّزُولِ يَجْعَلُونَ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبْلَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي الِاسْتِقْبَالِ هَهُنَا فَلَزِمَهُمْ الِاسْتِقْبَالُ، قَالَ فِي الْفَتَاوَى: إذَا كَانُوا فِي طِينٍ أَوْ رَدْغَةٍ صَلَّوْا إلَى الْقِبْلَةِ إذَا كَانَتْ دَوَابُّهُمْ وَاقِفَةً وَقَالَ غَيْرُهُ يُصَلُّونَ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَوْ كَانَتْ دَوَابُّهُمْ سَائِرَةً، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إذَا زَمُّوا وَالدَّوَابُّ تَسِيرُ لَمْ تُجْزِئْهُمْ إذَا قَدَرُوا أَنْ يُوقِفُوهَا، كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ وَكَذَا فِي التَّنْبِيهِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ يَخَافُ النُّزُولَ لِلطِّينِ وَالرَّدْغَةِ يَسْتَقْبِلُ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَعِنْدِي هَذَا إذَا كَانَتْ وَاقِفَةً، فَإِنْ كَانَتْ سَائِرَةً يُصَلِّي حَيْثُ شَاءَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يُفَصِّلَ بَيْنَ كَوْنِهِ لَوْ أَوْقَفَهَا لِلصَّلَاةِ خَافَ الِانْقِطَاعَ عَنْ الرُّفْقَةِ أَوْ لَا يَخَافُ فَلَا يَجُوزُ فِي الثَّانِي إلَّا أَنْ يُوقِفَهَا كَمَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي التَّيَمُّمِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ مَضَى إلَى الْمَاءِ تَذْهَبُ الْقَافِلَةُ وَيَنْقَطِعُ جَازَ وَإِلَّا ذَهَبَ إلَى الْمَاءِ وَاسْتَحْسَنُوهَا. اهـ.
أَقُولُ: وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا فِي التَّبْيِينِ بِقَوْلِهِ إنْ قَدَرُوا وَفِي السِّرَاجِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ. وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ آخِرًا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ

(قَوْلُهُ: قَيَّدْنَا بِالْعَجْزِ مَعَ قَوْلِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي الْمَفَازَةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ قَيَّدَ الْقُدُورِيُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ، فَإِنْ كَانَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ قُدِّمَ عَلَى التَّحَرِّي وَحَدُّ الْحَضْرَةِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ صَاحَ بِهِ سَمِعَهُ وَقَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِأَنْ تَكُونَ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُصْحِيَةً لَا يَجُوزُ وَلَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ اسْتَغْنَى عَنْ الْقَيْدِ الْأَوَّلِ بِذِكْرِ الِاشْتِبَاهِ وَذَلِكَ أَنَّ تَحَقُّقَهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ فَقْدِ الدَّلِيلِ وَأَهْمَلَ الثَّانِي لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ عِنْدَ آخَرِينَ وَعَلَيْهِ إطْلَاقُ عَامَّةِ الْمُتُونِ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست