responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 179
لَا أَنَّهُمَا اقْتَرَنَا فِي الطَّهَارَةِ وَالْإِدْخَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ عَادَةً، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ دَخَلْنَا الْبَلَدَ وَنَحْنُ رُكْبَانٌ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ رَاكِبًا عِنْدَ دُخُولِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهُمْ رُكْبَانًا عِنْدَ دُخُولِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا اقْتِرَانُهُمْ فِي الدُّخُولِ كَذَا أَجَابَ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ لَا يَصْدُقُ عَلَى الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَهِيَ مَا إذَا بَدَأَ بِلُبْسِهِمَا ثُمَّ تَوَضَّأَ إلَى آخِرِهِ نَظَرًا إلَى ابْتِدَاءِ اللُّبْسِ لَا إلَى مَا بَعْدَ الْوُضُوءِ الْكَامِلِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى غَسْلِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ لَيْسُوا بِمُعْتَدِّينَ بِابْتِدَاءِ هَذَا اللُّبْسِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ إنَّمَا هُمْ مُعْتَدُّونَ بِاسْتِمْرَارِهِ لَهُمَا بَعْدَ الْوُضُوءِ الْكَامِلِ تَنْزِيلًا لِاسْتِمْرَارِ اللُّبْسِ مِنْ وَقْتِهِ إلَى حِينِ الْحَدَثِ بَعْدَهُ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ لُبْسٍ جَدِيدٍ وُجِدَ الْحَدَثُ بَعْدَهُ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ لِعَقْلِيَّةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ وُقُوعُ الْمَسْحِ عَلَى خُفٍّ يَكُونُ مَلْبُوسًا عِنْدَ أَوَّلِ حَدَثٍ يَحْدُثُ بَعْدَ اللُّبْسِ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ
وَهَذَا الْمَقْصُودُ مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا فِي الصُّوَرِ الْأُخَرِ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَ فِيهِ الْوُضُوءَ بِتَمَامِهِ مُرَتَّبًا لَوْ نَزَعَ رِجْلَيْهِ مِنْ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَعَادَهُمَا إلَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ غَسْلِهِمَا أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِعَدَمِ الْإِكْمَالِ قَبْلَ ابْتِدَاءِ اللُّبْسِ فِي الْمَنْعِ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ إذَا وُجِدَ الْإِكْمَالُ بَعْدَ ابْتِدَاءِ اللُّبْسِ قَبْلَ الْحَدَثِ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَيْسَ بِمُتَعَرِّضٍ لِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اللَّهُمَّ إلَّا إنْ كَانَ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ بِطَرِيقِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، وَهُوَ طَرِيقٌ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَمَا ضَاهَاهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْبَيَانِ لِمَا هُوَ الْأَكْمَلُ فِي ذَلِكَ وَالْأَحْسَنُ وَأَهْلُ الْمَذْهَبِ قَائِلُونَ بِأَنَّ هَذَا الَّذِي عَيَّنَهُ مُخَالِفُوهُمْ مَحَلًّا لِلْجَوَازِ نَظَرًا إلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ هُوَ الْوَجْهُ الْأَكْمَلُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ وَقْتَ الْحَدَثِ تَوَسُّعًا وَالْمُرَادُ قُبَيْلَ الْحَدَثِ أَيْ مُتَّصِلًا بِهِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْحَدَثِ لَا يُجَامِعُ الطَّهَارَةَ فَكَيْفَ يَكُونُ ظَرْفًا لَهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي اتِّصَالِ الْوُضُوءِ التَّامِّ بِالْحَدَثِ حَتَّى كَأَنَّهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَذَا ذَكَرَهُ مِسْكِينٌ فِي شَرْحِهِ وَقَدْ أَفْصَحَ الْمُصَنِّفُ عَنْ مُرَادِهِ فِي الْكَافِي فَقَالَ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْحَدَثُ بَعْدَ اللُّبْسِ طَارِئًا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ وَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْشِيحِ أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ لِلْفَجْرِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ لِلظُّهْرِ وَصَلَّى ثُمَّ لِلْعَصْرِ كَذَلِكَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ رَأْسَهُ فِي الْفَجْرِ يَنْزِعُ خُفَّيْهِ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ اللُّبْسَ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَهَارَةٍ تَامَّةٍ
وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَمْسَحْ فِي الظُّهْرِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الظُّهْرِ خَاصَّةً لِتَيَقُّنِهِ أَنَّهُ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ فِي الْعَصْرِ تَامَّةٍ فَتَكُونُ طَهَارَتُهُ لِلْعَصْرِ تَامَّةً وَلَا تَرْتِيبَ عَلَيْهِ لِلنِّسْيَانِ وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مَعْزِيًّا إلَى الْفَتَاوَى رَجُلٌ لَيْسَتْ لَهُ إلَّا رِجْلٌ وَاحِدَةٌ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى جَبَائِرَ قَدَمَيْهِ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَوْ كَانَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ صَحِيحَةً فَغَسَلَهَا وَمَسَحَ عَلَى جَبَائِرَ الْأُخْرَى وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَرِئَ الْجُرْحُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبَائِرِ لَغَسَلَ لِمَا تَحْتَهُ فَحَصَلَ لُبْسُ الْخُفَّيْنِ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ كَمَا لَوْ أَدْخَلَهُمَا مَغْسُولَتَيْنِ حَقِيقَةً فِي الْخُفِّ، وَإِنْ كَانَ بَرِئَ الْجُرْحُ نَزَعَ خُفَّيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُحْدِثًا بِالْحَدَثِ السَّابِقِ فَظَهَرَ أَنَّ اللُّبْسَ حَصَلَ لَا عَلَى طَهَارَةٍ اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ لَبِسَ الْخُفَّ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ ثُمَّ بَرِئَ يُكْمِلُ مُدَّتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا بَرِئَ بِحَدَثٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ اللُّبْسِ، وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ حَتَّى بَرِئَ فَغَسَلَ مَوْضِعَهُ ثُمَّ أَحْدَثَ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا غَسَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ فَقَدْ كَمُلَتْ الطَّهَارَةُ فَيَكُونُ الْحَدَثُ طَارِئًا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ، وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ مَوْضِعَ الْجِرَاحَةِ بَعْدَ الْبُرْءِ لَا يَمْسَحُ بَلْ يَنْزِعُ الْخُفَّ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ طَرَأَ عَلَى طَهَارَةٍ نَاقِصَةٍ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّا قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ عَدَمَ مَسْحِ الْمُتَيَمِّمِ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْ اشْتِرَاطِ اللُّبْسِ عَلَى الْوُضُوءِ التَّامِّ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ التَّيَمُّمِ تَامَّةٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهَا كَالَّتِي بِالْمَاءِ مَا بَقِيَ الشَّرْطُ بَلْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الْمَسْحُ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ لَكَانَ الْخُفُّ رَافِعًا لِلْحَدَثِ الَّذِي حَلَّ بِالْقَدَمِ؛ لِأَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ لَبِسَ الْخُفَّ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ ثُمَّ بَرِئَ يُكْمِلُ مُدَّتَهُ) أَيْ بَرِئَ بَعْدَمَا أَحْدَثَ، فَإِنَّهُ يُكْمِلُ مُدَّةَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ بَعْدَ هَذَا الْحَدَثِ ثُمَّ بَرِئَ صَارَ مُحْدِثًا بِالْحَدَثِ السَّابِقِ وَالْحَدَثُ السَّابِقُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ اللُّبْسِ فَيَكُونُ اللُّبْسُ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَكَذَا السَّابِقَةُ، فَإِنَّ الْحَدَثَ الَّذِي ظَهَرَ كَانَ قَبْلَ اللُّبْسِ فَلَا يَكُونُ لَبِسَ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ فَيَجِبُ نَزْعُ الْخُفِّ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الْمَسْحَ بَعْدَ اللُّبْسِ.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست