responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 178
الْمُطْلَقِ الطَّهُورِ فِي حَقِّ الْأَصِحَّاءِ وَتَحْرِيرُ الْمَسْحِ لِأَصْحَابِ الْأَعْذَارِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعُذْرُ غَيْرَ مَوْجُودٍ وَقْتَ الْوُضُوءِ وَاللُّبْسِ، فَإِنَّهُ يَمْسَحُ كَالْأَصِحَّاءِ حَتَّى إذَا كَانَ مُقِيمًا فَيَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ الْعَارِضِ لَهُ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ اللُّبْسِ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا فَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ الْمَذْكُورَ صَادَفَ لُبْسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ مُطْلَقًا فَجَازَ لَهُ الْمَسْحُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَبِسَ بِطَهَارَةِ الْعُذْرِ بِأَنْ وُجِدَ الْعُذْرُ مُقَارِنًا لِلْوُضُوءِ أَوْ لِلُّبْسِ أَوْ لِكِلَيْهِمَا أَوْ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى لَبِسَ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا يَمْسَحُ فِي الْوَقْتِ كُلَّمَا تَوَضَّأَ الْحَدَثَ غَيْرَ مَا ابْتَلَى بِهِ وَلَا يَمْسَحُ خَارِجَ الْوَقْتِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ اللُّبْسِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَادَفَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَقْتِ لُبْسًا عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّارِعَ أَلْحَقَ ذَلِكَ الْحَدَثَ الَّذِي ابْتَلَى بِهِ بِالْعَدَمِ فِيهِ حَتَّى جَوَّزَ لَهُ أَدَاءَ الصَّلَاةِ مَعَهُ فِيهِ وَصَادَفَ بِالنِّسْبَةِ إلَى خَارِجِ الْوَقْتِ لُبْسًا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُجَوِّزْ لَهُ أَدَاءَ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ حَدَثٌ آخَرُ، فَإِنَّ هَذِهِ آيَةٌ عَمِلَ الْحَدَثُ السَّابِقُ عَمَلَهُ إذْ خُرُوجُ الْوَقْتِ لَيْسَ بِحَدَثٍ حَقِيقَةً بِالْإِجْمَاعِ فَبَانَ أَنَّ اللُّبْسَ فِي حَقِّهِ حَصَلَ لَا عَلَى طَهَارَةٍ فَلَا جَرَمَ إنْ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ فِي الْوَقْتِ لَا خَارِجَهُ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ وَيَمْسَحُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ
وَأَمَّا فِي الْوَقْتِ فَيَمْسَحُ مُطْلَقًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا وَشَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صُوَرًا مِنْهَا أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِ رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَلْبَسُهُمَا ثُمَّ يُكْمِلُ الْوُضُوءَ وَمِنْهَا أَنْ يَتَوَضَّأَ إلَّا رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَغْسِلُ وَاحِدَةً وَيَلْبَسُ خُفَّهَا ثُمَّ يَغْسِلُ الْأُخْرَى وَيَلْبَسُهُ وَمِنْهَا أَنْ يَبْدَأَ بِلُبْسِ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ إلَّا رِجْلَيْهِ ثُمَّ يَخُوضُ فِي الْمَاءِ فَتَبَتُّلُ رِجْلَاهُ مَعَ الْكَعْبَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ بِأَنْ ابْتَلَّ رِجْلَاهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ إذَا أَحْدَثَ لِتَمَامِ الطَّهَارَةِ وَقْتَ الْحَدَثِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَقْتُ اللُّبْسِ فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ وَقْتُ الْحَدَثِ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا ذُكِرَ فِي التَّبْيِينِ مِنْ أَنَّهُ زِيَادَةٌ بِلَا فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنَّ لُبْسَهُمَا عَلَى وُضُوءٍ يُغْنِي عَنْهُ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ يُطْلَقُ عَلَى ابْتِدَاءِ اللُّبْسِ وَعَلَى الدَّوَامِ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا يَحْنَثُ بِالدَّوَامِ عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ، وَهُوَ لَابِسُهُ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ إنْ وُجِدَ لُبْسُهُمَا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ اللُّبْسُ ابْتِدَاءً أَوْ بِالدَّوَامِ عِيهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ اهـ.
وَوَجْهُ دَفْعِهِ أَنَّ الْفِعْلَ دَالٌّ عَلَى الْحَدَثِ وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ قَالَ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي أَوَّلِ الْمُطَوَّلِ الِاسْمُ يَدُلُّ عَلَى الدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ وَالْفِعْلُ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ دُونَ الِاسْتِغْرَاقِ اهـ.
فَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّرْطَ حُصُولُ اللُّبْسِ عَلَى طُهْرٍ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ اللُّبْسِ بِشَرْطِ أَنْ تَتِمَّ تِلْكَ الطَّهَارَةُ عِنْدَ الْحَدَثِ وَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ التَّامَّ بِوَقْتِ الْحَدَثِ لِتَبَادُرِ تَقْيِيدِهِ بِوَقْتِ اللُّبْسِ وَحُصُولِ الطُّهْرِ التَّامِّ قَبْلَهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى لَفْظَةِ عَلَى وَبَعْدَمَا قَيَّدَ بِوَقْتِ الْحَدَثِ لَمْ يَبْقَ احْتِمَالُ تَقْيِيدِهِ بِوَقْتِ اللُّبْسِ وَكَوْنُ الْفِعْلِ أُطْلِقَ عَلَى الدَّوَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَالْكَلَامُ فِي تَبَادُرِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ فَلَوْلَا التَّقْيِيدُ بِوَقْتِ الْحَدَثِ لَتَبَادَرَ الْفَهْمُ إلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، فَإِنْ قِيلَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْكِتَابِ عَدَمُ الْجَوَازِ عِنْدَ كَوْنِ اللُّبْسِ عَلَى طُهْرٍ تَامٍّ وَقْتَ اللُّبْسِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ قُلْنَا التَّامُّ وَقْتَ الْحَدَثِ أَعَمُّ مِنْ التَّامِّ فِيهِ فَقَطْ وَالتَّامُّ فِيهِ وَقَبْلَهُ أَيْضًا وَالتَّامُّ وَقْتَ اللُّبْسِ يَكُونُ تَامًّا وَقْتَ الْحَدَثِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ لُبْسِهِمَا عَلَى وُضُوءٍ تَامٍّ ابْتِدَاءً لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الْمُغِيرَةِ «كُنْت مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَأَهْوَيْت لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ دَعْهُمَا، فَإِنِّي أَدْخَلْتهمَا طَاهِرَتَيْنِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا» وَأَهْوَيْت بِمَعْنَى قَصَدْت وَلِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ إسْنَادَهُ صَحِيحٌ وَالْبُخَارِيُّ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى أَدْخَلْتهمَا أَدْخَلْت كُلَّ وَاحِدَةٍ الْخُفَّ، وَهِيَ طَاهِرَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوُضُوءِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ زَوَالًا وَلَا ثُبُوتًا، وَإِنَّمَا حَلَّ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ فَيَكُونُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الصُّورَةِ مِنْ قَبِيلِ الْمَسْحِ لِلْحَدَثِ وَالْكَلَامُ فِي الْمَسْحِ لِلْجُنُبِ فَلِذَا كَانَ مَا صَوَّرُوهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْلَا التَّقْيِيدُ بِوَقْتِ الْحَدَثِ إلَخْ) وَفَائِدَتُهُ أَيْضًا كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ التَّنْصِيصُ عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَذَلِكَ شَائِعٌ ذَائِعٌ فَالْقَيْدُ لَيْسَ بِضَائِعٍ

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست