responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 143
التَّرْتِيبِ كَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الِاغْتِسَالِ بِهِ فَعِنْدَنَا لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُهُ خِلَافًا لَهُ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ بِهِ عِنْدَنَا، وَفِي الْخُلَاصَةِ اخْتَلَفُوا فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْوِيَ اهـ.

(تَنْبِيهٌ) فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ الْأُولَى مَا قَدَّمْنَاهُ لَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِأَنَّ هَذَا اللَّحْمَ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ وَأَخْبَرَ عَدْلٌ آخَرُ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ الثَّانِيَةُ مَا قَدَّمْنَاهُ لَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ وَعَدْلٌ آخَرُ بِطَهَارَتِهِ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ الثَّالِثَةُ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْشِيحِ لَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِحِلِّ طَعَامٍ وَآخَرُ بِحُرْمَتِهِ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِحِلِّهِ، وَهَذَا التَّنْبِيهُ لِبَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّلَاثِ، فَإِنَّهُ قَدْ يُشْتَبَهُ الْأَصْلُ فِيهَا أَنَّ الْخَبَرَيْنِ إذَا تَعَارَضَا تَسَاقَطَا، وَيَبْقَى مَا كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ الْخَبَرِ عَلَى مَا كَانَ فَفِي الْمَاءِ قَبْلَ الْخَبَرِ الثَّابِتِ إبَاحَةُ شُرْبِهِ وَطَهَارَتِهِ فَلَمَّا تَعَارَضَ الدَّلِيلَانِ تَسَاقَطَا فَبَقِيَ مَا كَانَ مِنْ الْإِبَاحَةِ وَالطَّهَارَةِ وَفِي الطَّعَامِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْحِلُّ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ إذْ لَوْ تَرَجَّحَ جَانِبُ الْحُرْمَةِ لَزِمَ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ مَعَ تَرْكِ الْعَمَلِ بِالْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ تَرْجِيحُ الْحُرْمَةِ بِالِاحْتِيَاطِ لِاسْتِلْزَامِهِ تَكْذِيبَ الْخَبَرِ بِالْحِلِّ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، فَأَمَّا تَعَارُضُ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ فِي حِلِّ الطَّعَامِ وَحُرْمَتِهِ فَيُوجِبُ تَرْجِيحَ الْحُرْمَةِ تَقْلِيلًا لِلنَّسْخِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَعَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي أُمُورِ الدِّينِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَانِعِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ اللَّحْمِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ لَمَّا تَسَاقَطَ الدَّلِيلَانِ أَيْضًا بِالتَّعَارُضِ بَقِيَ مَا كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ الذَّبْحِ وَالثَّابِتُ قَبْلَهُ حُرْمَةُ الْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ بِالذَّبْحِ شَرْعًا، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ السَّبَبُ الْمُبِيحُ لِوُقُوعٍ التَّعَارُضِ فِي سَبَبِ الْإِبَاحَةِ بَقِيَ حَرَامًا كَمَا كَانَ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّلَاثِ لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ الْخَبَّازِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْهِدَايَةِ تَفْصِيلًا حَسَنًا فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ تَسْكُنُ إلَيْهِ النَّفْسُ وَيَمِيلُ إلَيْهِ الْقَلْبُ فَقَالَ، فَإِنْ قِيلَ إذَا أَخْبَرَ عَدْلٌ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ وَعَدْلٌ آخَرُ بِطَهَارَتِهِ لِمَ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مَشْكُوكًا مَعَ وُقُوعِ التَّعَارُضِ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ قُلْنَا لَا تَعَارُضَ ثَمَّةَ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا، فَإِنَّ الْمُخْبِرَ عَنْ الطَّهَارَةِ لَوْ اسْتَقْصَى فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ أَخَذْت هَذَا الْمَاءَ مِنْ النَّهْرِ وَسَدَدْت فَمَ هَذَا الْإِنَاءِ وَلَمْ يُخَالِطْهُ شَيْءٌ أَصْلًا رَجَّحْنَا خَبَرَهُ لِتَأَيُّدِهِ بِالْأَصْلِ، وَإِنْ بَنَى خَبَرَهُ عَلَى الِاسْتِصْحَابِ وَقَالَ كَانَ طَاهِرًا فَيَبْقَى كَذَلِكَ رَجَّحْنَا خَبَرَ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ مَحْسُوسٍ مُشَاهَدٍ وَأَنَّهُ رَاجِحٌ عَلَى الِاسْتِصْحَابِ اهـ.
وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَشَايِخِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مُسْتَنَدَ إخْبَارِهِ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ يَعْمَلُ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ الطَّهَارَةُ، وَإِنْ بَيَّنَ فَالْعِبْرَةُ لِهَذَا التَّفْصِيلِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَبِيذِ التَّمْرِ) يَعْنِي إنْ فَقَدَ مَاءً مُطْلَقًا وَلَمْ يَجِدْ إلَّا نَبِيذَ التَّمْرِ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا إمَّا؛ لِأَنَّهُ مَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ عَلَى رَأْيٍ أَوْ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا لَمَّا أَوْجَبَ الْجَمْعَ صَارَ عِنْدَهُ مَشْكُوكًا فِيهِ فَشَابَهَ سُؤْرَ الْحِمَارِ كَذَا قِيلَ لَكِنْ لَا يَخْفَى ضَعْفُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَهُ مُخَالِفًا لِسُؤْرِ الْحِمَارِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ هَاهُنَا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ:
الْأَوَّلُ: فِي تَفْسِيرِهِ الثَّانِي فِي وَقْتِهِ الثَّالِثُ فِي حُكْمِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ أَنْ يُلْقِيَ فِي الْمَاءِ تُمَيْرَاتٍ فَيَصِيرُ رَقِيقًا يَسِيلُ عَلَى الْأَعْضَاءِ حُلْوًا غَيْرَ مُسْكِرٍ وَلَا مَطْبُوخٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا حُلْوًا؛ لِأَنَّهُ تَوَضَّأَ بِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْحَلَاوَةِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا غَيْرَ مُسْكِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُسْكِرًا لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ حَرَامٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا غَيْرُ مَطْبُوخٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طُبِخَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ إذْ النَّارُ قَدْ غَيَّرَتْهُ حُلْوًا كَانَ أَوْ مُشْتَدًّا كَمَطْبُوخِ الْبَاقِلَاءِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: تَقْلِيلًا لِلنَّسْخِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ) بَيَانُهُ أَنَّ قَبْلَ الْبَعْثَةِ كَانَ الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةَ فَلَوْ جَعَلْنَا الْمُبِيحَ مُتَأَخِّرًا يَلْزَمُ تَكْرَارُ النَّسْخِ؛ لِأَنَّ الْحَاظِرَ يَكُونُ نَاسِخًا لِلْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ ثُمَّ الْمُبِيحُ يَكُونُ نَاسِخًا لِلْحَاظِرِ وَلَوْ جَعَلْنَا الْحَاظِرَ مُتَأَخِّرًا لَا يَلْزَمُ إلَّا نَسْخٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُبِيحَ لِإِبْقَاءِ الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْحَاظِرَ نَاسِخٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّكْرَارِ وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مَبْسُوطٌ فِي حَوَاشِينَا عَلَى شَرْحِ الْمَنَارِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ إلَخْ) أَقُولُ: وَعَلَيْهِ جَرَى صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي التَّنْقِيحِ، وَفِي تَحْرِيرِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ السُّؤَالِ عَنْ مَبْنَاهُ لِيُعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ السُّؤَالُ وَعِبَارَةُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ هَكَذَا إذَا أَخْبَرَ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ وَنَجَاسَتِهِ فَالطَّهَارَةُ، وَإِنْ كَانَتْ نَفْيًا لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْمَعْرِفَةَ بِالدَّلِيلِ فَيَسْأَلُ، فَإِنْ بَيَّنَ وَجْهَ دَلِيلِهِ كَانَ كَالْإِثْبَاتِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَالنَّجَاسَةُ أَوْلَى وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا نَظِيرُ النَّفْيِ الَّذِي يُحْتَمَلُ مَعْرِفَتُهُ بِالدَّلِيلِ وَيُحْتَمَلُ بِنَاؤُهُ عَلَى الْعَدَمِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَاءِ قَدْ تُدْرَكُ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَقَدْ تُدْرَكُ عِيَانًا بِأَنْ غَسَلَ الْإِنَاءَ بِمَاءِ السَّمَاءِ أَوْ بِالْمَاءِ الْجَارِي وَمَلَأَهُ بِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يَغِبْ عَنْهُ أَصْلًا وَلَمْ يُلَاقِهِ شَيْءٌ نَجِسٌ فَإِذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ وَالْآخَرُ بِطَهَارَتِهِ، فَإِنْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْحَالِ فَإِخْبَارُ النَّجَاسَةِ أَوْلَى وَإِنْ تَمَسَّكَ بِالدَّلِيلِ كَانَ مِثْلَ الْإِثْبَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْعَمَلَ بِالْأَصْلِ) أَيْ فَالْعَمَلُ بِالْأَصْلِ أَوْلَى أَوْ فَالْأُولَى الْعَمَلُ بِالْأَصْلِ أَوْ الْعَمَلُ مُبْتَدَأٌ وَالظَّرْفُ خَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ عَلَى كُلٍّ جَوَابُ الشَّرْطِ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَيَّنَ فَالْعِبْرَةُ لِهَذَا التَّفْصِيلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّفْصِيلَ السَّابِقَ هُوَ إنْ بَيَّنَ دَلِيلَ الطَّهَارَةِ أُخِذَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَيُقَدَّمُ إخْبَارُ النَّجَاسَةِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: وَإِنْ بَيَّنَ فَالْعِبْرَةُ لِهَذَا التَّفْصِيلِ تَأَمَّلْ.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست