responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 136
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَهَارَةِ عَيْنِهِ طَهَارَةُ سُؤْرِهِ لِنَجَاسَةِ لَحْمِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَجَاسَةِ سُؤْرِهِ نَجَاسَةُ عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ نَجَاسَةِ سُؤْرِهِ نَجَاسَةُ لَحْمِهِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهُ اللُّعَابُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي التَّجْنِيسِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى سُؤْرِ السِّبَاعِ وَالْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ كَالْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوُلُوغِ وَوَضْعِ بَعْضِ عُضْوٍ فِي الْإِنَاءِ وَلَمْ أَرَ هَذَا فِي كُتُبِنَا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ تَنَجُّسُ الْمَاءِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَةِ عَيْنِهِ عَدَمُ تَنَجُّسِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْبِئْرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّ مَاءَ الْبِئْرِ فِي حُكْمِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ كَمَاءِ الْآنِيَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وُلُوغِ كَلْبٍ أَوْ كَلْبَيْنِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُوجِبْ تَنَجُّسًا كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي طَعَامٍ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ إنْ كَانَ جَامِدًا قَوَّرَ مَا حَوْلَهُ وَأَكَلَ الْبَاقِيَ، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا انْتَفَعَ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَبْدَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَأَمَّا سُؤْرُ الْخِنْزِيرِ؛ فَلِأَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] وَالرِّجْسُ النَّجَسُ، وَالضَّمِيرُ عَائِدًا إلَيْهِ لِقُرْبِهِ وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِيهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى جِلْدِهِ.

وَأَمَّا سُؤْرُ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ بِطَهَارَتِهِ مُحْتَجًّا بِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَوَضَّأُ بِمَا أَفَضَلَتْ الْحُمْرُ قَالَ نَعَمْ وَبِمَا أَفَضَلَتْ السِّبَاعُ كُلُّهَا» .
وَبِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَرَجَ فِي رَكْبٍ فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ حَتَّى وَرَدُّوا حَوْضًا فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ هَلْ تَرِدُ حَوْضَك السِّبَاعُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَا صَاحِبَ الْحَوْضِ لَا تُخْبِرْهُ فَإِنَّا نَرِدُ عَلَى السِّبَاعِ وَتَرِدُ عَلَيْنَا وَبِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ أَسْفَارٍ فَسَارَ لَيْلًا فَمَرُّوا عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ مِقْرَاةٍ لَهُ فَقَالَ عُمَرُ يَا صَاحِبَ الْمِقْرَاةِ أَوَلَغَتْ السِّبَاعُ اللَّيْلَةَ فِي مِقْرَاتِك فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَا صَاحِبَ الْمِقْرَاةِ لَا تُخْبِرْهُ هَذَا مُتَكَلِّفٌ لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا وَلَنَا مَا بَقِيَ شَرَابٌ وَطَهُورٌ» وَلَنَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ» وَالظَّاهِرُ مِنْ الْحُرْمَةِ مَعَ كَوْنِهِ صَالِحًا لِلْغِذَاءِ غَيْرَ مُسْتَقْذَرٍ طَبْعًا كَوْنُهُ لِلنَّجَاسَةِ وَخُبْثُ طِبَاعِهَا لَا يُنَافِيهِ بَلْ ذَلِكَ يَصْلُحُ مُثِيرًا لِحُكْمِ النَّجَاسَةِ فَلْيَكُنْ الْمُثِيرُ لَهَا فَيُجَامِعُهَا تَرْتِيبًا عَلَى الْوَصْفِ الصَّالِحِ لِلْعِلِّيَّةِ مُقْتَضَاهُ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ضَرُورَةٌ وَعُمُومُ بَلْوَى فَيَخْرُجُ السِّنَّوْرُ وَالْفَأْرَةُ؛ وَلِأَنَّ لِسَانَهُ يُلَاقِيَ الْمَاءَ فَيَخْرُجُ سِبَاعُ الطَّيْرِ لِأَنَّهُ يَشْرَبُ بِمِنْقَارِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَمْ تَتَعَارَضْ أَدِلَّتُهُ فَيَخْرُجُ الْبَغْلُ وَالْحِمَارُ
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَقَدْ اعْتَرَفَ النَّوَوِيُّ بِضَعْفِهِ، وَأَمَّا أَثَرُ الْمُوَطَّإِ فَهُوَ، وَإِنْ صَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيّ وَذَكَرَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَاجَهْ فَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَعَلَى تَسْلِيمِ الصِّحَّةِ يُحْمِلُ عَلَى الْمَاءِ الْكَثِيرَ أَوْ عَلَى مَا قَبْلَ تَحْرِيمِ لُحُومِ السِّبَاعِ أَوْ عَلَى حُمُرِ الْوُحُوشِ وَسِبَاعِ الطَّيْرِ بِدَلِيلِ مَا تَمَسَّكُوا بِهِ مِنْ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» جَوَابًا لِسُؤَالِهِ عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ فِي الْفَلَاةِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ السِّبَاعِ إعْطَاءً لِحُكْمِ هَذَا الْمَاءِ الَّذِي تَرِدُهُ السِّبَاعُ وَغَيْرُهُ، فَإِنَّ الْجَوَابَ لَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ أَوْ يَزِيدَ فَيَنْدَرِجَ فِيهِ الْمَسْئُولُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ وَقَدْ قَالَ بِمَفْهُومِ شَرْطِهِ فَنَجَّسَ مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَحَقِيقَةُ مَفْهُومِ شَرْطِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْهَا يَتَنَجَّسُ مِنْ وُرُودِ السِّبَاعِ، وَهَذَا مِنْ الْوُجُوهِ الْإِلْزَامِيَّةِ لَهُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا فِي سُؤْرِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ السِّبَاعِ إشْكَالًا، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ لَحْمٍ نَجِسٍ ثُمَّ يَقُولُونَ إذَا ذُكِّيَ طَهُرَ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ لِأَجْلِ رُطُوبَةِ الدَّمِ
وَقَدْ خَرَجَ بِالذَّكَاةِ، فَإِنْ كَانُوا يَعْنُونَ بِقَوْلِهِمْ نَجِسٌ نَجَاسَةَ عَيْنِهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَطْهُرَ بِالذَّكَاةِ كَالْخِنْزِيرِ، وَإِنْ كَانُوا يَعْنُونَ بِهِ لِأَجْلِ مُجَاوَرَةِ الدَّمِ فَالْمَأْكُولُ كَذَلِكَ يُجَاوِرُهُ الدَّمُ فَمِنْ أَيْنَ جَاءَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي السُّؤْرِ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ وَيَتَنَجَّسُ بِمَوْتِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي الْمُذَكَّى فِي حَقِّ الْأَكْلِ وَالْحُرْمَةُ لَا تُوجِبُ النَّجَاسَةَ وَكَمْ مِنْ طَاهِرٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست