responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 135
الْكَلْبِ ثَلَاثًا» رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِعْلًا وَقَوْلًا مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا مِنْ طَرِيقَتَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَأَهْرِقْهُ ثُمَّ اغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَأَخْرَجَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ أَهْرِقْهُ وَغَسِّلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِلْمَامِ هَذَا إسْنَادٌ صَحَّحَ الطَّرِيقَ الثَّانِيَ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكَرَابِيسِيِّ بِسَنَدِهِ إلَى عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُهْرِقْهُ وَلْيَغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَلَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ الْكَرَابِيسِيِّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ قَالَ لَنَا أَحْمَدُ الْحُسَيْنُ الْكَرَابِيسِيُّ يُسْأَلْ عَنْهُ وَلَهُ كُتُبٌ مُصَنَّفَةٌ ذَكَرَ فِيهَا اخْتِلَافَ النَّاسِ مِنْ الْمَسَائِلِ وَذَكَرَ فِيهَا أَخْبَارًا كَثِيرَةً وَكَانَ حَافِظًا لَهَا وَلَمْ أَجِدْ لَهُ مُنْكَرًا غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَاَلَّذِي حَمَلَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ اللَّفْظِ بِالْقُرْآنِ فَأَمَّا فِي الْحَدِيثِ فَلَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا اهـ.
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالضَّعْفِ وَالصِّحَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَجُوزُ صِحَّةُ مَا حُكِمَ بِضَعْفِهِ ظَاهِرًا وَثُبُوتُ كَوْنِ مَذْهَبِ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ بِالسَّنَدِ الصَّحِيحِ قَرِينَةٌ تُفِيدُ أَنَّ هَذَا مِمَّا أَجَادَهُ الرَّاوِي الْمُضَعَّفُ وَحِينَئِذٍ يُعَارِضُ حَدِيثَ السَّبُعِ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَعَ حَدِيثِ السَّبْعِ دَلَالَةَ التَّقَدُّمِ لِلْعِلْمِ بِمَا كَانَ مِنْ التَّشْدِيدِ فِي أَمْرِ الْكِلَابِ أَوَّلَ الْأَمْرِ حَتَّى أَمَرَ بِقَتْلِهَا وَالتَّشْدِيدُ فِي سُؤْرِهَا يُنَاسِبُ كَوْنَهُ إذْ ذَاكَ وَقَدْ ثَبَتَ نَسْخُ ذَلِكَ فَإِذَا عَارَضَ قَرِينَهُ مُعَارِضٌ كَانَتْ التَّقَدُّمَةُ لَهُ
وَلَوْ طَرَحْنَا الْحَدِيثَ بِالْكُلِّيَّةِ كَانَ فِي عَمَلِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى خِلَافِ حَدِيثِ السَّبْعِ، وَهُوَ رِوَايَةُ كِفَايَةٌ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَتْرُكَ الْقَطْعِيُّ بِالرَّأْيِ مِنْهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ ظَنِّيَّةَ خَبَرِ الْوَاحِدِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ رَاوِيهِ فَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى رَاوِيه الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْعِيٌّ حَتَّى يُنْسَخَ بِهِ الْكِتَابُ إذَا كَانَ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ فِي مَعْنَاهُ فَلَزِمَ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُهُ إلَّا لِقَطْعِهِ بِالنَّاسِخِ إذْ الْقَطْعِيُّ لَا يُتْرَكُ إلَّا لِقَطْعِيٍّ فَبَطَلَ تَجْوِيزُهُمْ تَرْكَهُ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ نَاسِخٍ فِي اجْتِهَادِهِ الْمُحْتَمِلِ لِلْخَطَأِ، وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ كَانَ تَرْكُهُ بِمَنْزِلَةِ رِوَايَتِهِ لِلنَّاسِخِ بِلَا شُبْهَةٍ فَيَكُونُ الْآخَرُ مَنْسُوخًا بِالضَّرُورَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَلَوْ وَجَبَ الْعَمَلُ بِرِوَايَةِ السَّبْعِ وَلَا يُجْعَلُ مَنْسُوخًا لَكَانَ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى مِمَّا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ لِأَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ «وَعَفِّرُوا الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» وَالزَّائِدُ أَوْلَى مِنْ النَّاقِصِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُخَالِفِ أَنْ يَعْمَلَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فَإِنْ تَرَكَهَا لَزِمَهُ مَا لَزِمَ خَصْمَهُ فِي تَرْكِ السَّبْعِ وَمَالِكٌ لَمْ يَأْخُذْ بِالتَّعْفِيرِ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ مُطْلَقًا فَثَبَتَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ اهـ.
وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد فَكَانَ الْأَخْذُ بِرِوَايَتِهِ أَحْوَطَ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «إذَا وَلَغَ السِّنَّوْرُ فِي الْإِنَاءِ يُغْسَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ وَكُلُّ جَوَابٍ لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ جَوَابُنَا عَمَّا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ يُحْمَلُ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي «الْكَلْبِ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ أَنَّهُ يُغْسَلُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا» فَخَيَّرَهُ، وَلَوْ كَانَ التَّسْبِيعُ وَاجِبًا لَمَا خَيَّرَهُ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الطَّحَاوِيَّ وَالْوَبَرِيَّ نَقَلَا أَنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يَحُدُّوا لِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْهُ حَدًّا بَلْ الْعِبْرَةُ لِأَكْبَرِ الرَّأْيِ، وَلَوْ بِمَرَّةٍ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي غَسْلِ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ يُغْسَلُ الْإِنَاءُ مِنْ وُلُوغِهِ ثَلَاثًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الَّذِي اسْتَدَلُّوا بِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ أَنَّ الثَّلَاثَ هَلْ هِيَ شَرْطٌ فِي إزَالَةِ الْأَنْجَاسِ أَوْ لَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي النِّهَايَةِ الْوُلُوغُ حَقِيقَةً شُرْبُ الْكَلْبِ الْمَائِعَاتِ بِأَطْرَافِ لِسَانِهِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الْمَاضِيَ وَالْمُضَارِعَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ تَقُولُ وَلَغَ يَلَغُ
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ سُؤْرَ الْكَلْبِ نَجِسٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُصَحَّحِ بِطَهَارَةِ عَيْنِهِ؛ فَلِأَنَّ لَحْمَهُ نَجِسٌ وَلُعَابُهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ لَحْمِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 135
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست