responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 124
أَرْبَعُونَ دَلْوًا قَالَ فِي الْغَايَةِ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِيمَا عَلِمْته حَدِيثَ أَنَسٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ عَلَى عَادَتِهِمْ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ذَكَرَ مَشَايِخُنَا مَا عَنْ أَنَسٍ وَالْخُدْرِيِّ غَيْرَ أَنَّ قُصُورَ نَظَرِنَا أَخْفَاهُ عَنَّا
وَقَالَ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ إنَّ الطَّحَاوِيَّ رَوَاهُمَا مِنْ طُرُقٍ وَتَعَقَّبَهُ تِلْمِيذُهُ الْإِمَامَ الزَّيْلَعِيِّ الْمُخَرَّجُ بِأَنِّي لَمْ أَجِدْهُمَا فِي شَرْحُ الْآثَارُ لِلطَّحَاوِيِّ وَلَكِنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ فِي دَجَاجَةٍ وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ فَمَاتَتْ قَالَ يُنْزَحُ مِنْهَا قَدْرُ أَرْبَعِينَ دَلْوًا أَوْ خَمْسِينَ.
وَأَجَابَ عَنْهُ الْمُحَقِّقُ السَّرَّاجُ الْهِنْدِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الطَّحَاوِيُّ ذَكَرَهُمَا فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ لَهُ أَوْ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لَهُ أَوْ فِي كِتَابٍ آخَرَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْوِجْدَانِ فِي الْآثَارِ عَدَمُ الْوُجُودِ مُطْلَقًا الثَّالِثُ حَدِيثُ الزِّنْجِيِّ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الدَّلْوِ الْوَسَطِ فَقِيلَ هِيَ الدَّلْوُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بِئْرٍ دَلْوُهَا؛ لِأَنَّ السَّلَفَ لَمَّا أَطْلَقُوا انْصَرَفَ إلَى الْمُعْتَادِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ وَقِيلَ مَا يَسَعُ صَاعًا، وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَقِيلَ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْبِئْرَ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا دَلْوٌ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا دَلْوٌ اُعْتُبِرَ بِهِ، وَإِلَّا اُتُّخِذَ لَهَا دَلْوٌ يَسَعُ صَاعًا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ مَنْ قَدَّرَ الدَّلْوَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبِئْرِ دَلْوٌ كَمَا لَا يَخْفَى فَلَوْ نَزَحَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ فِيهَا بِحَسَبِ دَلْوِهَا أَوْ دَلْوِهِمْ بِدَلْوِ وَاحِدٍ كَبِيرٍ أَجْزَأَ وَحُكِمَ بِطَهَارَتِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ يَقُولُ لَا تَطْهُرُ إلَّا بِنَزْحِ الدِّلَاءِ الْمُقَدَّرَةِ الْوَاجِبَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ تَكْرَارِ النَّزْحِ يَنْبُعُ الْمَاءُ مِنْ أَسْفَلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ أَعْلَاهُ فَيَكُونُ كَالْجَارِي، وَهَذَا لَا يَحْصُلُ بِدَلْوٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ عَظِيمًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَنَقَلَهُ فِي التَّبْيِينِ وَالنِّهَايَةِ عَنْ زُفَرَ قُلْنَا قَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ، وَهُوَ إخْرَاجُ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ وَاعْتِبَارُ مَعْنَى الْجَرَيَانِ سَاقِطٌ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ التَّوَالِي فِي النَّزْحِ حَتَّى لَوْ نُزِحَ فِي كُلِّ يَوْمٍ دَلْوٌ جَازَ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّوَالِي أَنَّهُ إذَا نَزَحَ الْبَعْضَ ثُمَّ ازْدَادَ فِي الْغَدِ قِيلَ يُنْزَحُ كُلُّهُ وَقِيلَ مِقْدَارُ الْبَقِيَّةِ هَذَا مَعَ أَنَّ فِي اشْتِرَاطِ التَّوَالِي خِلَافًا نَقَلَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ، وَأَنَّهُ إذَا ازْدَادَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَا يُنْزَحُ إلَّا مَا بَقِيَ إلَيْهِ أَشَارَ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُتْرَكُ اللَّفْظُ الْمَرْوِيُّ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فِي الْعَمَلِ وَهُوَ مَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الرُّوَاةَ اخْتَلَفَتْ فِيهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَرَوَى مَيْسَرَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ مِنْهَا دِلَاءٌ وَفِي رِوَايَةٍ سَبْعُ دِلَاءٍ وَفِي رِوَايَةٍ عِشْرُونَ وَفِي رِوَايَةٍ ثَلَاثُونَ
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْفَأْرَةِ أَرْبَعُونَ فَإِذَا بَعْضُهُمْ أَوْجَبَ فِي الْفَأْرَةِ عِشْرِينَ وَبَعْضُهُمْ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ، وَبَعْضُهُمْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ فَأَخَذَ عُلَمَاؤُنَا بِالْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ الْأَوْسَطُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَكَانَ هُوَ وَاجِبًا لِتَعَيُّنِهِ، وَمَا وَرَاءَهُ اسْتِحْبَابًا وَاعْتِرَاضُ صَاحِبِ النِّهَايَةِ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الثَّلَاثِينَ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ عِشْرُونَ لِلْوُجُوبِ اهـ.
يَقُولُ الْفَقِيرُ هَذَا النَّظَرُ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَذَا الْمَعْنَى فِي ثَلَاثِينَ مَمْنُوعٌ بَلْ الثَّلَاثِينَ إنَّمَا هُوَ الْوَسَطُ بَيْنَ الْأَوْسَطِ وَالْأَكْثَرِ لَا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَإِنَّ الرِّوَايَاتِ الْوَارِدَةَ فِي الْفَأْرَةِ خَمْسٌ أَحَدُهَا دِلَاءٌ بِدُونِ التَّعْيِينِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَقَلِّ الْمُتَيَقَّنِ مِنْ صِيغَةِ الْجَمْعِ، وَهُوَ الثَّلَاثُ وَالثَّانِيَةُ سَبْعٌ وَالثَّالِثَةُ عِشْرُونَ وَالرَّابِعَةُ الثَّلَاثُونَ وَالْخَامِسَةُ الْأَرْبَعُونَ وَلَا يَذْهَبُ عَنْك أَنَّ الْعِشْرِينَ مِنْ بَيْنِ هَاتِيك الرِّوَايَاتِ هُوَ الْأَوْسَطُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ هُوَ الثَّلَاثُ وَالسَّبْعُ وَالْكَثِيرُ هُوَ الثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْعِشْرُونَ أَوْسَطُ بَيْنَهُمَا تَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ يَحْصُلْ لَك نَتِيجَةُ التَّفَكُّرِ. اهـ. فَرَائِدُ.
(قَوْلُهُ: الْمُخَرِّجُ) أَيْ صَاحِبُ كِتَابِ تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْهِدَايَةِ احْتِرَازًا عَنْ الْإِمَامِ الزَّيْلَعِيِّ شَارِحِ الْكَنْزِ، فَإِنَّهُ غَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بِئْرٍ دَلْوُهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْوَسَطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُقَابِلٌ لَهُ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي الدَّلْوِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ دَلْوُ كُلِّ بِئْرٍ يَسْتَقِي بِهِ مِنْهَا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَدْرُ صَاعٍ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ اهـ.
وَقَالَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ الْوَسَطُ هِيَ الدَّلْوُ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بِئْرٍ دَلْوُهَا؛ لِأَنَّهَا أَيْسَرُ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ مَا يَسَعُ صَاعًا إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ مَنْ قَدَّرَ الدَّلْوَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: أَقُولُ: التَّقْدِيرُ بِالصَّاعِ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِيَارِ أَنَّهُ الْوَسَطُ وَيَنْبَغِي عَلَى تَفْسِيرِهِ بِالْمُسْتَعْمَلِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ اعْتِبَارُهُ فِي الْفَاقِدَةِ لَهُ أَيْضًا فَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اعْتَبَرَ فِي كُلِّ بِئْرٍ دَلْوَهَا لَا يَتَأَتَّى اعْتِبَارُ الْوَسَطِ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا فِي الَّتِي لَا دَلْوَ لَهَا وَحِينَئِذٍ فَيُعْتَبَرُ الْوَسَطُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَبِهَذَا اعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْحَمْلَ مِمَّا لَا دَاعِيَ إلَيْهِ اهـ.
وَأَرَادَ بِالْقَوْلَيْنِ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْوَسَطَ مَا كَانَ قَدْرَ صَاعٍ وَالْقَوْلَ بِأَنَّ الْوَسَطَ هُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ (قَوْلُهُ: بِدَلْوٍ وَاحِدٍ كَبِيرٍ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: فَلَوْ كَانَ دَلْوُهَا الْمُعْتَادُ لَهَا كَبِيرًا جِدًّا هَلْ يَجِبُ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ أَمْ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ ظَاهِرُ هَذَا الثَّانِي فَيَكُونُ مُقَيِّدًا لِقَوْلِهِمْ الْمُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بِئْرٍ دَلْوُهَا، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ نَظَرُ الْفَقِيهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الدِّلَاءَ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي آبَارِ قُرَى بِلَادِنَا عَلَى نَحْوِ الْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ وَالْإِبِلِ وَيُسَمَّى فِي عُرْفِنَا الْمَحْص مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيَتَفَرَّعُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّوَالِي إلَخْ) التَّفْرِيعُ لِلْقَوْلِ الثَّانِي فَقَطْ.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست