responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 123
الثَّلَاثَةِ كَمَا حَمَلْنَاهُ عَلَى النَّجَسِ الَّذِي لَيْسَ حَيَوَانًا، وَهُوَ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ الْأَنْوَاعِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَمُوتَ الْفَأْرَةُ فِي الْبِئْرِ أَوْ خَارِجَهَا وَتُلْقَى فِيهَا وَكَذَا سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ إلَّا الْمَيِّتَ الَّذِي تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَالْمُسْلِمِ الْمَغْسُولِ أَوْ الشَّهِيدِ نَعَمْ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَالْفَأْرَةُ الْيَابِسَةُ لَا تُنَجِّسُ الْمَاءَ؛ لِأَنَّ الْيُبْسَ دِبَاغَةٌ اهـ.
وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ؛ لِأَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ مَا لَا يَحْتَمِلُ الدِّبَاغَةَ لَا يَطْهُرُ وَأَنَّ الْيُبْسَ لَيْسَ بِدِبَاغَةٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْفَأْرَةَ الْمَيِّتَةَ إذَا كَانَتْ يَابِسَةً، وَهِيَ فِي الْخَابِيَةِ وَجَعَلَ فِي الْخَابِيَةِ الزَّيْتَ فَظَهَرَتْ عَلَى رَأْسِ الْخَابِيَةِ فَالزَّيْتُ نَجَسٌ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْبِئْرِ إمَّا نَجَاسَةٌ أَوْ حَيَوَانٌ وَحُكْمُ النَّجَاسَةِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتُنْزَحُ الْبِئْرُ بِوُقُوعِ نَجَسٍ عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ وَالْحَيَوَانُ إمَّا آدَمِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ وَغَيْرُ الْآدَمِيِّ إمَّا نَجَسُ الْعَيْنِ أَوْ غَيْرُهُ وَغَيْرُ نَجَسِ الْعَيْنِ إمَّا مَأْكُولُ اللَّحْمِ أَوْ غَيْرُهُ وَالْكُلُّ إمَّا إنْ أُخْرِجَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَالْمَيِّتُ إمَّا مُنْتَفِخٌ أَوْ غَيْرُهُ فَالْآدَمِيُّ إذَا خَرَجَ حَيًّا وَلَمْ يَكُنْ فِي بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ حَقِيقِيَّةٌ أَوْ حُكْمِيَّةٌ، وَكَانَ مُسْتَنْجِيًا لَمْ يَفْسُدْ الْمَاءُ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا فَانْغَمَسَ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ أَوْ لِطَلَبِ الدَّلْوِ فَقَدْ قُدِّمَ حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُنْزَحُ مَاؤُهَا؛ لِأَنَّ بَدَنَهُ لَا يَخْلُو عَنْ نَجَاسَةٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَإِنْ أُخْرِجَ مَيِّتًا، وَكَانَ مُسْلِمًا وَقَعَ بَعْدَ الْغُسْلِ لَمْ يَفْسُدْ الْمَاءُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَسَدَ وَالْكَافِرُ يُفْسِدُ قَبْلَ الْغُسْلِ وَبَعْدَهُ وَغَيْرُ الْآدَمِيِّ إنْ كَانَ نَجَسَ الْعَيْنِ كَالْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ نَجَسُ الْعَيْنِ نَجَّسَ الْبِئْرَ مَاتَ أَوْ لَمْ يَمُتْ أَصَابَ الْمَاءَ فَمُهُ أَوْ لَمْ يُصِبْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ بِنَجَسِ الْعَيْنِ لَا يُنَجِّسُهُ إذَا لَمْ يَصِلْ فَمُهُ إلَى الْمَاءِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ دُبُرُهُ مُنْقَلِبٌ إلَى الْخَارِجِ فَلِهَذَا يُفْسِدُ الْمَاءَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ
وَأَمَّا سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ، فَإِنْ عُلِمَ بِبَدَنِهِ نَجَاسَةٌ تَنَجَّسَ الْمَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَمُهُ إلَى الْمَاءِ وَقَيَّدْنَا بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْبَقَرِ وَنَحْوِهِ يَخْرُجُ وَلَا يَجِبُ نَزْحُ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ اشْتِمَالَ بَوْلِهَا عَلَى أَفْخَاذِهَا لَكِنْ يُحْتَمَلُ طَهَارَتُهَا بِأَنْ سَقَطَتْ عَقِبَ دُخُولِهَا مَاءً كَثِيرًا هَذَا مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَصِلْ فَمُهُ إلَى الْمَاءِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا يُوجِبُ التَّجْنِيسَ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ السِّبَاعِ وَالطُّيُورِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ التَّجْنِيسِ وَكَذَلِكَ فِي الْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مَشْكُوكًا فِيهِ وَقِيلَ يُنْزَحُ مَاءُ الْبِئْرِ كُلُّهُ، وَإِنْ وَصَلَ لُعَابُهُ فَحُكْمُ الْمَاءِ حُكْمه فَيَجِبُ نَزْحُ الْجَمِيعِ إذَا وَصَلَ لُعَابُ الْبَغْلِ أَوْ الْحِمَارِ إلَى الْمَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خان وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّ فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ وَقَعَ سُؤْرُ الْحِمَارِ فِي الْمَاءِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَجِبُ نَزْحُ الْجَمِيعِ أَنَّهُ لَا لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ طَهُورٍ وَلَا يَجِبُ النَّزْحُ إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ مَا يُكْرَهُ سُؤْرُهُ وَوَصَلَ لُعَابُهُ إلَى الْمَاءِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى قَاضِي خان يُنْزَحُ مِنْهَا دِلَاءٌ عَشَرَةٌ أَوْ أَكْثَرُ احْتِيَاطًا وَثِقَةً وَفِي التَّبْيِينِ يُسْتَحَبُّ نَزْحُ الْمَاءِ كُلِّهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا خَرَجَ حَيًّا
فَإِنْ مَاتَ وَانْتَفَخَ أَوْ تَفَسَّخَ فَالْوَاجِبُ نَزْحُ الْجَمِيعِ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِخْ وَلَمْ يَتَفَسَّخْ فَالْمَذْكُورُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْقُدُورِيِّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ فَفِي الْفَأْرَةِ وَنَحْوِهَا عِشْرُونَ أَوْ ثَلَاثُونَ وَفِي الدَّجَاجَةِ وَنَحْوِهَا أَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ أَوْ سِتُّونَ وَفِي الشَّاةِ وَنَحْوِهَا يُنْزَحُ مَاءُ الْبِئْرِ كُلُّهُ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ جَعَلَهُ عَلَى خَمْسِ مَرَاتِبَ فَفِي الْحَلَمَةِ وَاحِدُ الْحَلَمِ وَهِيَ الْقُرَادُ الضَّخْمُ الْعَظِيمُ وَالْفَأْرَةِ الصَّغِيرَةِ عَشْرُ دِلَاءٍ وَفِي الْفَأْرَةِ الْكَبِيرَةِ عِشْرُونَ وَفِي الْحَمَامَةِ ثَلَاثُونَ وَفِي الدَّجَاجَةِ أَرْبَعُونَ وَفِي الْآدَمِيِّ مَاءُ الْبِئْرِ كُلُّهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَسَائِلَ الْآبَارِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اتِّبَاعِ الْآثَارِ فَذَكَرَ مَشَايِخُنَا فِي كُتُبِهِمْ آثَارًا الْأَوَّلُ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي الْفَأْرَةِ مَاتَتْ فِي الْبِئْرِ وَأُخْرِجَتْ مِنْ سَاعَتِهَا يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا.
الثَّانِي: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الدَّجَاجَةِ إذَا مَاتَتْ فِي الْبِئْرِ يُنْزَحُ مِنْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: كَالْمُسْلِمِ الْمَغْسُولِ أَوْ الشَّهِيدِ) قَالَ فِي الشرنبلالية فِيهِ نَظَرٌ لِمَا أَنَّ الدَّمَ الَّذِي بِهِ غَيْرُ طَاهِرٍ فِي حَقِّ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا غُسِلَ عَنْهُ قَبْلَ الْوُقُوعِ فِي الْبِئْرِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ سَقَطَتْ) أَيْ النَّجَاسَةُ وَضَمِيرُ دُخُولِهَا لِلْبَقَرِ وَمَاءً بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ دُخُولٍ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ نَزْحُ الْجَمِيعِ) أَقُولُ: لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ لَفْظَةُ يَجِبُ بَلْ قَالَ يُنْزَحُ جَمِيعُ الْمَاءِ نَعَمْ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَمِثْلُ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ عِبَارَةُ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَعَزَاهُ شَارِحُهَا ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ إلَى الْبَدَائِعِ وَكَذَا فِي الدُّرَرِ وَعَزَاهُ شَارِحُهَا الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ إلَى الْمُبْتَغَى (قَوْلُهُ: وَيُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا) وَالْعُصْفُورَةُ وَنَحْوُهَا تُعَادِلُ الْفَأْرَةَ فِي الْجُثَّةِ فَأَخَذَتْ حُكْمَهَا وَالْعِشْرُونَ بِطَرِيقِ الْإِيجَابِ وَالثَّلَاثُونَ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذَا الْوَضْعُ لِمَعْنَيَيْنِ ذَكَرَهُمَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ أَحَدُهُمَا أَنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ فِي رِوَايَةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ فِي الْفَأْرَةِ إذَا وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ فَمَاتَتْ فِيهَا يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا أَوْ ثَلَاثُونَ» هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَلِيٍّ السَّمَرْقَنْدِيُّ بِإِسْنَادِهِ وَأَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ، وَكَانَ الْأَقَلُّ ثَابِتًا بِيَقِينٍ، وَهُوَ مَعْنَى الْوُجُوبِ وَالْأَكْثَرُ يُؤْتَى بِهِ لِئَلَّا

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست