responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 121
خَبَرِهِمْ أَنَّهُمْ قَطَعُوا يَدَ الرَّاعِي وَرِجْلَهُ وَغَرَزُوا الشَّوْكَ فِي لِسَانِهِ وَعَيْنِهِ حَتَّى مَاتَ فَلَيْسَ هَذَا بِمُثْلَةٍ وَالْمُثْلَةُ مَا كَانَ ابْتِدَاءً عَلَى غَيْرِ جَزَاءٍ وَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إنَّمَا سَمَّلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْيُنَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّتُهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَأَمَّا مَا أَجَابَ بِهِ قَاضِي خان فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِشُرْبِ الْأَلْبَانِ يَعْنِي دُونَ الْأَبْوَالِ فَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ رِوَايَةَ شَرِبَ الْأَبْوَالَ ثَابِتَةً فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ حَدَثًا) عُطِفَ عَلَى بَوْلٍ أَيْ مَا لَا يَكُونُ حَدَثًا لَا يَكُونُ نَجِسًا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَالدَّمُ الَّذِي لَمْ يَسِلْ كَمَا إذَا أَخَذَ بِقُطْنَةٍ، وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ وَالْقَيْءُ الْقَلِيلُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ وَكَذَا إذَا أَصَابَ شَيْئًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ نَجِسٌ كَذَا فِي كُثَيِّرٌ مِنْ الْكُتُبِ وَظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَجِسٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلسَّيَلَانِ فِي النَّجَاسَةِ فَإِذَا كَانَ السَّائِلُ نَجِسًا فَغَيْرُ السَّائِلِ يَكُونُ كَذَلِكَ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] إلَى قَوْلِهِ {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] فَغَيْرُ الْمَسْفُوحِ لَا يَكُونُ مُحَرَّمًا فَلَا يَكُونُ نَجِسًا وَالدَّمُ الَّذِي لَمْ يَسِلْ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ دَمٌ غَيْرُ مَسْفُوحٍ فَلَا يَكُونُ نَجِسًا فَإِنْ قِيلَ هَذَا فِيمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَمَّا فِيمَا لَا يُؤْكَلُ كَالْآدَمِيِّ فَغَيْرُ الْمَسْفُوحِ حَرَامٌ أَيْضًا فَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِحِلِّهِ عَلَى طَهَارَتِهِ قُلْت لَمَّا حَكَمَ بِحُرْمَةِ الْمَسْفُوحِ بَقِيَ غَيْرُ الْمَسْفُوحِ عَلَى أَصْلِهِ، وَهُوَ الْحِلُّ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الطَّهَارَةُ سَوَاءٌ كَانَ فِيمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَوْ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ ثُمَّ حُرْمَةُ غَيْرِ الْمَسْفُوحِ فِي الْآدَمِيِّ بِنَاءٌ عَلَى حُرْمَةِ لَحْمِهِ وَحُرْمَةُ لَحْمِهِ لَا تُوجِبُ نَجَاسَتَهُ إذْ هَذِهِ الْحُرْمَةُ لِلْكَرَامَةِ لَا لِلنَّجَاسَةِ فَغَيْرُ الْمَسْفُوحِ فِي الْآدَمِيِّ يَكُونُ عَلَى طَهَارَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ مَعَ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْفُوحِ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى حِكْمَةٍ غَامِضَةٍ، وَهِيَ أَنَّ غَيْرَ الْمَسْفُوحِ دَمٌ انْتَقَلَ عَنْ الْعُرُوقِ وَانْفَصَلَ عَنْ النَّجَاسَاتِ وَحَصَلَ لَهُ هَضْمٌ آخَرُ فِي الْأَعْضَاءِ وَصَارَ مُسْتَعِدًّا لَأَنْ يَصِيرَ عُضْوًا فَأَخَذَ طَبِيعَةَ الْعُضْوِ فَأَعْطَاهُ الشَّرْعُ حُكْمَهُ بِخِلَافِ دَمِ الْعُرُوقِ فَإِذَا سَأَلَ عَنْ رَأْسِ الْجُرْحِ عُلِمَ أَنَّهُ دَمٌ انْتَقَلَ مِنْ الْعُرُوقِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ، وَهُوَ الدَّمُ النَّجِسُ أَمَّا إذَا لَمْ يَسِلْ عُلِمَ أَنَّهُ دَمُ الْعُضْوِ هَذَا فِي الدَّمِ أَمَّا فِي الْقَيْءِ فَالْقَلِيلُ هُوَ الْمَاءُ الَّذِي كَانَ فِي أَعَالِي الْمَعِدَةِ، وَهِيَ لَيْسَتْ مَحَلَّ النَّجَاسَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرِّيقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ، وَكَانَ الْإِسْكَافُ وَالْهِنْدُوَانِي يُفْتِيَانِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَصَحَّحَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ
وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَرْفَقُ خُصُوصًا فِي حَقِّ أَصْحَابِ الْقُرُوحِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْوَجْهَ يُسَاعِدُهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الْخَارِجَ بِوَصْفِ النَّجَاسَةِ حَدَثٌ وَأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ قَبْلَ الْخُرُوجِ لَا يَثْبُتُ شَرْعًا وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ لِلْإِنْسَانِ طَهَارَةٌ فَلَزِمَ أَنَّ مَا لَيْسَ حَدَثًا لَمْ يُعْتَبَرْ خَارِجًا شَرْعًا وَمَا لَمْ يُعْتَبَرْ خَارِجًا شَرْعًا لَمْ يُعْتَبَرْ نَجِسًا اهـ.
وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا إذَا أَصَابَ الْجَامِدَاتِ كَالثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِيمَا إذَا أَصَابَ الْمَائِعَاتِ كَالْمَاءِ وَغَيْرِهِ اهـ.
وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ ثُمَّ قَوْلُهُ مَا لَا يَكُونُ حَدَثًا إلَى آخِرِهِ لَا يَنْعَكِسُ فَلَا يُقَالُ مَا لَا يَكُونُ نَجِسًا لَا يَكُونُ حَدَثًا، فَإِنَّ النَّوْمَ وَالْجُنُونَ وَالْإِغْمَاءَ وَغَيْرَهَا حَدَثٌ وَلَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ اهـ.
لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ مُطَّرِدٌ مُنْعَكِسٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ وَلَيْسَ بِحَدَثٍ لَا يَكُونُ نَجَسًا وَكَذَا مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَدَنِ وَلَيْسَ بِنَجَسٍ لَا يَكُونُ حَدَثًا، وَأَمَّا النَّوْمُ وَنَحْوُهُ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَكْسِ فِي قَوْلِنَا مَا لَا يَكُونُ نَجَسًا لَا يَكُونُ حَدَثًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْرَبُ أَصْلًا) أَيْ بَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ لَا يُشْرَبُ أَصْلًا لَا لِلتَّدَاوِي وَلَا لِغَيْرِهِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ لِلتَّدَاوِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ الْحَدِيثُ بِهِ فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ جَازَ التَّدَاوِي بِهِ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ شُرْبُهُ مُطْلَقًا لِلتَّدَاوِي وَغَيْرِهِ لِطَهَارَتِهِ عِنْدَهُ وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَا يَنْعَكِسُ إلَخْ) أَيْ لَا يَنْعَكِسُ عَكْسًا لُغَوِيًّا وَإِلَّا فَالْعَكْسُ الْمَنْطِقِيُّ صَحِيحٌ إذْ الْمُوجَبَةُ الْكُلِّيَّةُ تَنْعَكِسُ مُوجِبَةً جُزْئِيَّةً كَأَنْ يُقَالَ بَعْضُ مَا لَا يَكُونُ نَجَسًا لَا يَكُونُ حَدَثًا كَالْقَيْءِ الْقَلِيلِ وَالدَّمِ الْبَادِي الْغَيْرِ الْمُتَجَاوِرِ.

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست