responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 112
يُقَيَّدُ بِشَيْءٍ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِهِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ غَيْرِهِ
وَلَيْسَ الْحَدِيثُ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ مِمَّا يَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ عِنْدَنَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ وَيُنْتَفَعُ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ قَبْلَ الدِّبَاغِ فَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَرَهْنِهِ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ، وَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُ، فَإِنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ ذَكَرَ خِلَافًا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْمَيْتَةِ وَبَعْضُهُمْ أَلْحَقَهُ بِالْخَمْرِ فَالظَّاهِرُ مِنْهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا طَهُرَ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ طَهُرَ بِالذَّكَاةِ لَحْمُهُ وَجِلْدُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَأْكُولًا أَوْ لَا أَمَّا طَهَارَةُ جِلْدِهِ، فَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ إنَّمَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالذَّكَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ سُؤْرُهُ نَجِسًا اهـ.
وَأَمَّا طَهَارَةُ لَحْمِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْكُولٍ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَصَحَّحَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْهِدَايَةِ وَالتَّجْنِيسِ طَهَارَتَهُ وَصَحَّحَ فِي الْأَسْرَارِ وَالْكِفَايَةِ وَالتَّبْيِينِ نَجَاسَتَهُ وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَفِي الْخُلَاصَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَاخْتَارَهُ قَاضِي خان، وَفِي التَّبْيِينِ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فَصَحَّحَ فِي الْكَافِي نَجَاسَتَهُ وَاخْتَارَ فِي الْكَنْزِ فِي الذَّبَائِحِ طَهَارَتَهُ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهَا بِدَلَائِلِهَا وَبَيَانِ مَا هُوَ الْحَقُّ ثَمَّةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَكِنْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّ الذَّكَاةَ إنَّمَا تُوجِبُ الطَّهَارَةَ فِي الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ إذَا كَانَتْ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ، وَهُوَ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ، وَقَدْ سَمَّى بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مَأْكُولًا يَحِلُّ أَكْلُهُ بِتِلْكَ الذَّكَاةِ فَذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ لَا تُوجِبُ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهَا إمَاتَةٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُجْتَبَى أَنَّ ذَبِيحَةَ الْمَجُوسِيِّ وَتَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا تُوجِبُ الطَّهَارَةَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا، وَكَذَا نَقَلَ صَاحِبُ الْمِعْرَاجِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الطَّهَارَةَ عَنْ الْقُنْيَةِ أَيْضًا هُنَا وَصَاحِبُ الْقُنْيَةِ هُوَ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى، وَهُوَ الْإِمَامُ الزَّاهِدِيُّ الْمَشْهُورُ عِلْمُهُ وَفِقْهُهُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ صَاحِبَ النِّهَايَةِ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ بِصِيغَةِ قِيلَ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى قَاضِي خان وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي السِّنْجَابُ إذَا أُخْرِجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَعُلِمَ أَنَّهُ مَدْبُوغٌ بِوَدَكِ الْمَيْتَةِ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُغْسَلْ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَدْبُوغٌ بِشَيْءٍ طَاهِرٍ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُغْسَلْ، وَإِنْ شَكَّ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُغْسَلَ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَشَعْرُ الْإِنْسَانِ وَالْمَيْتَةِ وَعَظْمُهُمَا طَاهِرَانِ) إنَّمَا ذَكَرَهُمَا فِي بَحْثِ الْمِيَاهِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ لِطَهَارَتِهِ عِنْدَنَا وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا تُحِلُّهُ الْحَيَاةُ مِنْ أَجْزَاءِ الْهَوِيَّةِ مَحْكُومٌ بِطَهَارَتِهِ بَعْدَ مَوْتِ مَا هِيَ جُزْؤُهُ كَالشَّعْرِ وَالرِّيشِ وَالْمِنْقَارِ وَالْعَظْمِ وَالْعَصَبِ وَالْحَافِرِ وَالظِّلْفِ وَاللَّبَنِ وَالْبَيْضِ الضَّعِيفِ الْقِشْرُ وَالْإِنْفَحَةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي الْإِنْفَحَةِ وَاللَّبَنِ هَلْ هُمَا مُتَنَجِّسَانِ فَقَالَا نَعَمْ لِمُجَاوِرَتِهِمَا الْغِشَاءَ النَّجِسَ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِنْفَحَةُ جَامِدَةً تَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَإِلَّا تَعَذَّرَ طَهَارَتُهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَا بِمُتَنَجِّسَيْنِ وَعَلَى قِيَاسِهِمَا قَالُوا فِي السَّخْلَةِ إذَا سَقَطَتْ مِنْ أُمِّهَا، وَهِيَ رَطْبَةٌ فَيَبِسَتْ ثُمَّ وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ لَا تَنْجُسُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي مَعْدِنِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي إدْخَالِ الْعَصَبِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحُوا أَنَّ فِي الْعَصَبِ رِوَايَتَيْنِ وَصَرَّحَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ الصَّحِيحَ نَجَاسَتُهُ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْفَتْحِ تَبِعَ صَاحِبَ الْبَدَائِعِ فَالتَّحْرِيرُ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ أَجْزَاءَ الْمَيْتَةِ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا دَمٌ أَوْ لَا فَالْأُولَى كَاللَّحْمِ نَجِسَةٌ وَالثَّانِيَةُ فَفِي غَيْرِ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ إنْ كَانَتْ صُلْبَةً كَالشَّعْرِ وَالْعَظْمِ بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا الْإِنْفَحَةُ الْمَائِعَةُ وَاللَّبَنُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا نَجِسٌ، وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ نَجِسَةٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا الصَّلَاةُ مَعَهَا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَزْنًا أَوْ عَرَضًا وَفِي رِوَايَةٍ طَاهِرَةٌ لِعَدَمِ الدَّمِ وَعَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ لِلْكَرَامَةِ، وَأَمَّا الْعَصَبُ فَفِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ قَاضِي خان) قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَقُولُ: الَّذِي اخْتَارَهُ قَاضِي خان فِي فَتَاوِيهِ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ طَهَارَتُهُ فَرَاجِعْهُ تَجِدْ مَا فِي نَقْلِهِ عَنْهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اخْتَارَهُ فِي كِتَابٍ آخَرَ مِنْ كُتُبِهِ فَيَكُونُ كَلَامُهُ قَدْ اخْتَلَفَ كَمَا وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْكَنْزِ وَفِي الْكَافِي تَبْيِينٌ (قَوْلُهُ: وَفِي التَّبْيِينِ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: عِبَارَةُ التَّبْيِينِ عَلَى مَا فِي النُّسَخِ الَّتِي اطَّلَعْنَا عَلَيْهَا، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ: يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِهَا وَلَا يَطْهُرُ لَحْمُهُ كَمَا لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُخَالَفَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِنْفَحَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ أَوْ تَشْدِيدِهَا شَيْءٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْ بَطْنِ الْجَدْيِ أَصْفَرُ يُعْصَرُ فِي صُوفَةٍ مُبْتَلَّةٍ فِي اللَّبَنِ فَيَغْلُظُ كَالْجُبْنِ وَلَا تَكُونُ إلَّا لِذِي كَرِشٍ وَقِيلَ مِنْ نَفْسِ الْكَرِشِ إلَّا أَنَّهُ يُسَمَّى إنْفَحَةً مَا دَامَ رَضِيعًا، وَإِنْ رَعَى الْعُشْبَ سُمِّيَ كَرِشًا وَيُقَالُ لَهَا الْمِنْفَحَةُ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُغْرِبِ مِنْ جَلَبِي عَلَى الزَّيْلَعِيِّ وَقَالَ ابْنُ فَرْشَتَةَ فِي شَرْحِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ (وَإِنْفَحَةُ الْمَيْتَةِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ طَاهِرٌ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ (وَلَبَنُهَا طَاهِرٌ) إنْفَحَةٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مُخَفَّفَةً كَرِشُ الْجَدْيِ أَوْ الْجَمَلِ الصَّغِيرِ مَا لَمْ يَأْكُلْ يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ بنيرمايه

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 112
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست