responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 111
فَالِاضْطِرَابُ فِي مَتْنِهِ وَسَنَدِهِ يَمْنَعُ تَقْدِيمَهُ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَإِنَّ النَّاسِخَ أَيَّ مُعَارِضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُشَاكَلَتِهِ فِي الْقُوَّةِ؛ وَلِذَا قَالَ بِهِ أَحْمَدُ وَقَالَ هُوَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ تَرَكَهُ لِلِاضْطِرَابِ فِيهِ أَمَّا فِي السَّنَدِ فَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ عُكَيْمٍ كَمَا قَدَّمْنَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ جِهَةِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتْبَةَ بِالتَّاءِ فَوْقُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَنَاسٌ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ فَدَخَلُوا وَوَقَفْت عَلَى الْبَابِ فَخَرَجُوا إلَيَّ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ أَخْبَرَهُمْ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَتَبَ إلَى جُهَيْنَةَ» الْحَدِيثَ فَفِي هَذَا أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ الدَّاخِلِينَ وَهُمْ مَجْهُولُونَ، وَأَمَّا فِي الْمَتْنِ فَفِي رِوَايَةٍ بِشَهْرٍ وَفِي أُخْرَى بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَفِي أُخْرَى بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ هَذَا مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي صُحْبَةِ ابْنِ عُكَيْمٍ ثُمَّ كَيْفَ كَانَ لَا يُوَازِي حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ الصَّحِيحَ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ التَّرْجِيحِ ثُمَّ لَوْ كَانَ لَمْ يَكُنْ قَطْعِيًّا فِي مَعَاضَتِهِ؛ لِأَنَّ الْإِهَابَ اسْمٌ لِغَيْرِ الْمَدْبُوغِ وَبَعْدَهُ يُسَمَّى شَنًّا وَأَدِيمًا
وَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ هَكَذَا «كُنْت رَخَّصْت لَكُمْ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ فَلَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِجِلْدٍ وَلَا عَصَبٍ» فِي سَنَدِهِ فُضَالَةُ بْنُ مُفَضِّلٍ مُضَعَّفٌ وَالْحَقُّ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُكَيْمٍ ظَاهِرٌ فِي النَّسْخِ لَوْلَا الِاضْطِرَابُ الْمَذْكُورُ، فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَنْتَفِعُ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُسْتَقْذَرٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ النَّهْيُ بِهِ ظَاهِرًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِيهِ كَلَامٌ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ حَسَّنَهُ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ أَيْضًا وَالْحَسَنُ لَا اضْطِرَابَ فِيهِ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي صُحْبَةِ ابْنِ عُكَيْمٍ لَا يَقْدَحُ فِي حُجِّيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ لَيْسَ صَحَابِيًّا يَكُونُ الْحَدِيثُ مُرْسَلًا وَأَنْتُمْ تَعْمَلُونَ بِهِ الثَّالِثُ أَنَّ قَوْلَهُ الْحَقُّ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُكَيْمٍ ظَاهِرٌ فِي النَّسْخِ إلَخْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْحَازِمِيِّ كَمَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ الْمُخَرَّجُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَطَرِيقُ الْإِنْصَافِ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُكَيْمٍ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ فِي النَّسْخِ وَلَكِنَّهُ كَثِيرُ الِاضْطِرَابِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ أَخْبَارَنَا مُطْلَقَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا قَبْلَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدُونِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُكَيْمٍ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهَا، وَبِهَذَا صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ إنَّمَا حَسَّنَهُ بِنَاءً عَلَى اجْتِهَادِهِ وَقَدْ بَيَّنَ هُوَ وَغَيْرُهُ وَجْهَ ضَعْفِهِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ هَذَا أَعْنِي كَوْنَهُ مُرْسَلًا صَالِحٌ لَأَنْ يُجَابَ بِهِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى الْعَمَلَ بِالْمُرْسَلِ لَا أَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عُكَيْمٍ عَلَى مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ احْتِجَاجِ مَالِكٍ، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا، فَإِنَّهَا عَامَّةٌ فِي طَهَارَةِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ «سَوْدَةَ قَالَتْ مَاتَتْ لَنَا شَاةٌ فَدَبَغْنَا مَسْكَهَا، وَهُوَ جِلْدُهَا فَمَازِلْنَا نَنْتَبِذُ فِيهِ حَتَّى صَارَ شَنًّا» ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، فَإِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي مَائِعٍ وَهُمْ لَا يُجِيزُونَهُ، وَإِنْ كَانُوا يُجِيزُونَ شُرْبَ الْمَاءِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَتَنَجَّسُ عِنْدَهُمْ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ احْتِجَاجِ الشَّافِعِيِّ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ، وَإِنَّ جِلْدَهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، فَهُوَ عُمُومُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي عُمُومِهَا الْكَلْبُ؛ لِأَنَّ أَيًّا فِي الْحَدِيثِ نَكِرَةٌ وُصِفَتْ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ فَتَعُمُّ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، وَأَمَّا الْخِنْزِيرُ فَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْ الْعُمُومِ لِعَارِضٍ ذَكَرْنَاهُ، وَلَقَدْ أَنْصَفَ النَّوَوِيُّ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَحَادِيثَ لَا دَلَالَةَ فِيهَا فَتَرَكَهَا " لِأَنِّي الْتَزَمْت فِي خُطْبَةِ الْكِتَابِ الْإِعْرَاضَ عَنْ الدَّلَائِلِ الْوَاهِيَةِ " اهـ
وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْكَلْبَ كَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الدِّبَاغَ جَائِزٌ بِكُلِّ مَا يَمْنَعُ النَّتْنَ وَالْفَسَادَ، وَلَوْ تُرَابًا أَوْ مِلْحًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ بِالشَّمْسِ وَالتُّرَابِ وَالْمِلْحِ لِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ قَالَ إنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا أَوْ لَيْسَ فِي الْمَاءِ وَالْقَرَظِ مَا يُطَهِّرُهَا، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِمَا بِمَعْنَاهُ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَ يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ وَلَنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، فَإِنَّ اسْمَ الدِّبَاغِ يَتَنَاوَلُ مَا يَقَعُ بِالتَّشْمِيسِ وَالتَّتْرِيبِ فَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اسم الکتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري المؤلف : ابن نجيم، زين الدين    الجزء : 1  صفحة : 111
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست