لم يؤذن بخطاب يخصه، ولم يمنع منه، فيرجع إلى الأصل، وهو أن لا عقاب إلا بعد الإرسال، وإذا لم يكن فيه عقاب لم يكن محرماً. انتهى.
قلت: وعلى هذا جرى فهم الصحابة فقد ذهب عمر بن الخطاب إلى جواز أكل الضب واستدل على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرمه كما عند مسلم "3/1545".
قال ابن رجب في جامع العلوم "65": ما أصله الإباحة كطهارة الماء إذا لم يتيقن جواز أصله فيجوز استعماله، وما أصله الحظر كالأبضاع ولحوم الحيوان فلا تحل إلا بيقين حله من التذكية والعقد، فإن تردد في شيء من ذلك لطهور سبب آخر رجع إلى الأصل فيبني عليه. انتهى.
والألفاظ التي وردت في الشرع تدل على إباحة تلك الأشياء ذكرها ابن القيم في بدائع الفوائد "2/218" فقال: وتستفاد الإباحة من الإذن والتخيير والأمر بعد الحظر ونفي الجناح والحرج والإثم والمؤامرة والإخبار بأنه معفو عنه، وبالإقرار على فعله في زمان الوحي، وبالإنكار على من حرم الشيء، والإخبار بأنه خلق لنا كذا وجعله لنا، وامتنانه علينا به، وإخباره عن فعل من قبلنا له غير ذام لهم عليه ... انتهى.
القاعدة الثانية: لا يأثم الإنسان بالمداومة على فعل بعض المباحات
الغزالي في إحياء علوم الدين "2/283" قال بأن بعض المباح يصير بالمواظبة عليه صغيرة كالترنم بالغناء، واللعب بالشطرنج. انتهى.