responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 59
وَمِثَالُهُ إثْبَاتُ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَبْصَارِ حَقًّا فِي الْآخِرَةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22] {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] ، لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَأَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَالْمُؤْمِنُ لِإِكْرَامِهِ بِذَلِكَ أَهْلٌ لَكِنَّ إثْبَاتَ الْجِهَةِ مُمْتَنِعٌ فَصَارَ بِوَصْفِهِ مُتَشَابِهًا فَوَجَبَ تَسْلِيمُ الْمُتَشَابِهِ عَلَى اعْتِقَادِ الْحَقِّيَّةِ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالشَّكُّ فِيهِ شِرْكٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَلَمَّا كَانَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَوْلَ الْأَكْثَرِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ.
ثُمَّ قَالَ (وَمِثَالُهُ إثْبَاتُ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى) وَلَمْ يَقُلْ، وَكَذَلِكَ إثْبَاتُ رُؤْيَةِ اللَّهِ كَمَا قَالَ، وَكَذَلِكَ إثْبَاتُ الْوَجْهِ وَالْيَدِ فَرْقًا بَيْنَ مَا هُوَ مُخْتَلِفٌ فِي كَوْنِهِ مُتَشَابِهًا وَبَيْنَ مَا هُوَ مُتَشَابِهٌ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ فَرْقًا بَيْنَ مَا تَشَابَهَ لَفْظُهُ وَبَيْنَ مَا تَشَابَهَ مَعْنَاهُ.
وَقَوْلُهُ إثْبَاتُ رُؤْيَةِ اللَّهِ أَيْ إثْبَاتُ كَيْفِيَّتِهَا؛ لِأَنَّ نَفْسَ الرُّؤْيَةِ لَيْسَتْ بِمُتَشَابِهَةٍ كَذَا قِيلَ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِثْبَاتِ إثْبَاتُهَا فِي الِاعْتِقَادِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذْ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْحُدُوثِ بَلْ هِيَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ثَابِتَةٌ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ بِصِفَةِ الْكَمَالِ إشَارَةٌ إلَى عِلَّةِ جَوَازِ الرُّؤْيَةِ؛ فَإِنَّهَا الْوُجُودُ عِنْدَنَا عَلَى مَا عُرِفَ، وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّ فِي الشَّاهِدِ عَدَمَ رُؤْيَةِ مَا عُرِفَ مَوْجُودًا أَمَارَةَ الْعَجْزِ وَالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَتَسَتَّرُ عَنْ النَّاسِ إنَّمَا يَتَسَتَّرُ لِعَيْبٍ بِهِ وَلِنُقْصَانٍ حَلَّ فِيهِ أَوْ لِعَجْزِهِ عَنْ مُقَاوَمَةِ النَّاسِ فِي إيذَائِهِمْ إيَّاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى غَالِبٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ أَجْمَلُ مِنْ كُلِّ جَمِيلٍ مُنَزَّهٌ عَنْ النَّقَائِصِ وَالْعُيُوبِ مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا؛ لِأَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَقَوْلُهُ وَالْمُؤْمِنُ لِإِكْرَامِهِ بِذَلِكَ أَهْلٌ أَيْ الْمُؤْمِنُ أَهْلٌ لَأَنْ يُكْرَمَ بِتِلْكَ الْكَرَامَةِ؛ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَمْتَنِعُ لِعَدَمِ الْأَهْلِ.
وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ مُمْكِنًا فَقَالَ الرُّؤْيَةُ مُمْكِنَةٌ عَقْلًا وَالْمُؤْمِنُ أَهْلٌ لَهَا كَمَا هُوَ أَهْلٌ لِغَيْرِهَا مِنْ الْكَرَامَاتِ الَّتِي لَمْ تَخْطِرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ وَقَدْ وَرَدَ بِهَا السَّمْعُ فَيَجِبُ الْقَوْلُ بِثُبُوتِهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُعْتَزِلَةِ يَقُولُونَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرَى ذَاتَه وَلَكِنْ لَا يُرَى وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْكَرُوا أَنْ يَرَى وَيُرَى فَقَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا لِنَفْسِهِ رَدٌّ لِقَوْلِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ وَإِشَارَةٌ إلَى الْإِلْزَامِ عَلَى الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ يَرَى ذَاتَه كَانَتْ رُؤْيَةُ ذَاتِهِ مُمْكِنَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِمَا هُوَ مُسْتَحِيلٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ يَرَى الْمَعْدُومَ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَعْدُومِ مُسْتَحِيلَةٌ وَلَمَّا كَانَتْ مُمْكِنَةً يَجُوزُ أَنْ يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ بِلَا كَيْفٍ وَجِهَةٍ كَمَا يَرَى هُوَ نَفْسَهُ بِلَا كَيْفٍ وَجِهَةٍ قَوْلُهُ (لَكِنَّ إثْبَاتَ الْجِهَةِ مُمْتَنِعٌ) ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الرُّؤْيَةِ فِي الشَّاهِدِ أَنْ يَكُونَ الْمَرْئِيُّ فِي جِهَةٍ مِنْ الرَّائِي وَأَنْ يَكُونَ مُقَابِلًا لَهُ وَمُحَاذِيًا وَيَكُونَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ مُقَدَّرَةٌ لَا فِي غَايَةِ الْقُرْبِ وَلَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ فَصَارَ إثْبَاتُ الرُّؤْيَةِ بِوَصْفِهِ أَيْ بِكَيْفِيَّتِهِ مُتَشَابِهًا أَيْ بِحَيْثُ لَا يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ فَنُسَلِّمُ ذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَا نَشْتَغِلُ بِالتَّأْوِيلِ، وَمَنْ جَوَّزَ التَّأْوِيلَ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا ذَكَرُوا مِنْ الْقَرَائِنِ اللَّازِمَةِ بَلْ هِيَ مِنْ الْأَوْصَافِ الِاتِّفَاقِيَّةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْئِيَّ فِي الشَّاهِدِ ذُو جِهَةٍ يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّهِ الْمُقَابَلَةُ فَيُرَى كَذَلِكَ فَأَمَّا اللَّهُ تَعَالَى فَمُنَزَّهٌ عَنْ الْجِهَةِ وَالْمُقَابَلَةِ وَالْمَسَافَةِ فَيُرَى كَمَا هُوَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ تَحَقُّقُ الشَّيْءِ بِالْبَصَرِ كَمَا هُوَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرَانَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14] ، وَقَدْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَرُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى إيَّانَا مِنْ غَيْرِ مُقَابَلَةٍ وَلَا جِهَةٍ فَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَرَائِنِ اللَّازِمَةِ لِلرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْقَرَائِنِ اللَّازِمَةِ الذَّاتِيَّةِ لَا يَتَبَدَّلُ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ بَلْ هِيَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست