responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 35
وَهُوَ كَالشَّيْءِ اسْمٌ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَوْجُودٍ عِنْدَنَا وَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَعْدُومَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ مَوْجُودٍ يَنْفَرِدُ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِي الْإِمَامُ وَاخْتِيَارًا لِلْأَصْوَبِ وَوَافَقَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَصَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ وَغَيْرُهُمَا، فَالشَّيْءُ وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ وَنَحْوُهَا عَامٌّ لَفْظِيٌّ فِي اخْتِيَارِ الْقَاضِي الْإِمَامِ وَعَامٌّ مَعْنَوِيٌّ فِي اخْتِيَارِهِمْ.
قَوْلُهُ (وَهُوَ كَالشَّيْءِ) هَذَا مِنْ نَظَائِرِ الْعَامِّ الْمَعْنَوِيِّ وَالْغَرَضُ مِنْ إيرَادِهِ بَعْدَمَا أَوْرَدَ نَظِيرَ الْمَعْنَوِيِّ مَرَّةً أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ عَامٌّ مَعْنَوِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ كَمَا ظَنَّهُ الْقَاضِي وَأَنَّهُ عَامٌّ لَا مُشْتَرَكٌ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا تَمَسَّكُوا فِي مَسْأَلَةِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] وَقَالُوا الشَّيْءُ اسْمٌ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَوْجُودٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَعْيَانُ وَالْأَعْرَاضُ اعْتَرَضَ الْخُصُومُ وَقَالُوا قَدْ خُصَّ مِنْهُ ذَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ بَعْدَ الْخُصُوصِ لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ حُجَّةً أَوْ لِصَيْرُورَتِهِ ظَنِّيًّا، فَأَجَابَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ عَامٌّ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ أَفْرَادًا مُخْتَلِفَةَ الْحَقَائِقِ وَلَئِنْ اُعْتُبِرَ مَعْنَى الْوُجُودِ؛ فَلِذَلِكَ أَيْضًا مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ وَاجِبُ الْوُجُودِ وَعَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ جَائِزُ الْوُجُودِ وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْوُجُودَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالْيَنْبُوعِ وَالْبَاصِرَةِ لِجَوَازِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَعَانِي وَاسْتِحَالَتِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمُحْدَثُ يَمْتَنِعُ دُخُولُ الْقَدِيمِ تَحْتَهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ.
وَالْعَامَّةُ سَلَّمُوا عُمُومَهُ وَقَالُوا: إنَّهُ عَامٌّ بِاعْتِبَارِ مُطْلَقِ الْوُجُودِ، فَإِنَّهُ مُتَّحِدٌ وَاخْتِلَافُ الْحَقَائِقِ لَا يَمْنَعُ الدُّخُولَ تَحْتَ أَمْرٍ عَامٍّ، فَإِنَّ لَفْظَ الْعَرَضِ يَتَنَاوَلُ الْأَضْدَادَ وَكَذَا لَفْظُ اللَّوْنِ يَتَنَاوَلُ السَّوَادَ وَالْبَيَاضَ بِمَعْنًى أَعَمَّ مِنْهُمَا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاشْتِرَاكُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ مَوْجُودٍ يَتَعَرَّفُ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ، وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ مَنَعُوا التَّخْصِيصَ فِيهِ، وَقَالُوا التَّخْصِيصُ إنَّمَا يَجْرِي فِيمَا يُوجِبُ ظَاهِرُ الْكَلَامِ دُخُولَ الْمَخْصُوصِ فِيهِ لَوْلَا الْمُخَصِّصُ، وَهَذَا الْكَلَامُ لَا يُوجِبُ دُخُولَ الْمُخَاطَبِ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ دَخَلْت الدَّارَ وَضَرَبْت جَمِيعَ مَنْ فِيهَا وَأَخْرَجْتهمْ مِنْهَا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ دُخُولَهُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ لِيَصِيرَ ضَارِبًا نَفْسَهُ وَمُخْرِجًا لَهَا فَلَا يُعَدُّ هَذَا تَخْصِيصًا، وَكَذَا فِي الْأَحْكَامِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي مِنْ نِسَائِي مَنْ شِئْت وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ لَا يَدْخُلُ الْمُخَاطَبَةُ فِي هَذَا الْخِطَابِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا لَا يَقَعُ فَكَذَا هَذَا، وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ دَلِيلَ الْعَقْلِ لَا يَصْلُحُ مُخَصِّصًا؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ لِإِخْرَاجِ مَا يُمْكِنُ دُخُولُهُ تَحْتَ اللَّفْظِ، وَخِلَافُ الْمَعْقُولِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ.
وَلِأَنَّ التَّخْصِيصَ يَكُونُ مُتَأَخِّرًا مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا، وَهَذَا سَابِقٌ، وَأَكْثَرُهُمْ سَلَّمُوا كَوْنَهُ مَخْصُوصًا؛ لِأَنَّ دَلِيلَ الْعَقْلِ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا صَيْرُورَتَهُ ظَنِّيًّا بِمِثْلِ هَذَا التَّخْصِيصِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي تَخْصِيصٍ يَقْبَلُ التَّعْلِيلَ أَوْ التَّفْسِيرَ كَمَا سَتَعْرِفُ، فَأَمَّا فِيمَا لَا يَقْبَلُهُ فَلَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَامَّ بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَهُوَ مِنْ دَلَائِلِ التَّخْصِيصِ عِنْدَهُمْ كَدَلِيلِ الْعَقْلِ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْقَطْعِ إلَى الظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيلَ، فَكَذَا هَذَا، وَقَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ مَوْجُودٍ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست