responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 34
وَنَخْلَةٌ عَمِيمَةٌ أَيْ طَوِيلَةٌ وَالْقَرَابَةُ إذَا تَوَسَّعَتْ انْتَهَتْ إلَى صِفَةِ الْعُمُومَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكِتَابِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ وَلَمْ يَتَنَاوَلْهَا هَذَا الْحَدُّ إذْ هِيَ لَيْسَتْ بِلَفْظٍ مَوْضُوعٍ لِانْتِظَامِ جَمْعٍ مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ بَلْ عُمُومُهَا ضَرُورِيٌّ كَمَا عُرِفَ، لِأَنَّا نَقُولُ الْحُدُودُ لِبَيَانِ الْحَقَائِقِ وَعُمُومُهَا مَجَازِيٌّ لِصِدْقِ حَدِّ الْمَجَازِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ رَجُلًا فِي قَوْلِهِ مَا رَأَيْت رَجُلًا لَفْظٌ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ مَا وُضِعَ لَهُ لِعَلَاقَةٍ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ إذْ الرَّجُلُ وُضِعَ لِلْفَرْدِ وَأُرِيدَ بِهِ غَيْرُ مَوْضُوعِهِ، وَهُوَ الْعُمُومُ هَهُنَا بِقَرِينَةِ النَّفْيِ كَمَا أُرِيدَ بِالْأَسَدِ الشُّجَاعُ فِي قَوْلِهِ رَأَيْت أَسَدًا يَرْمِي بِقَرِينَةِ الرَّمْيِ لِلْعَلَاقَةِ بَيْنَهُمَا.
وَقَدْ نَصَّ عَلَى مَجَازِيَّتِهِ فِي شَرْحِ أُصُولِ الْفِقْهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ عَدَمُ دُخُولِهَا فِي الْحَدِّ صِحَّتَهُ، عَلَى أَنَّا إنْ سَلَّمْنَا أَنَّ عُمُومَهَا حَقِيقِيٌّ لَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ الْحَدِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ لِبَيَانِ الْعَامِّ صِيغَةً وَلُغَةً بِدَلَالَةِ مَوْرِدِ التَّقْسِيمِ لَا لِمُطْلَقِ الْعَامِّ، وَعُمُومُ النَّكِرَةِ الْمَنْفِيَّةِ لَمْ يَثْبُتْ بِالصِّيغَةِ بَلْ بِالضَّرُورَةِ وَالْحَدُّ الْمَذْكُورُ جَامِعٌ مَانِعٌ لِلْعَامِّ الصِّيغِيِّ فَيَكُونُ صَحِيحًا، وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْوَضْعُ فِي اللَّفْظِ بِأَنْ أُجْرِيَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى مَوْرِدِ التَّقْسِيمِ لَكَانَ الْحَدُّ مَتْنًا لَا لَهَا إذْ هِيَ لَفْظٌ يَنْتَظِمُ جَمْعًا مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ مَعْنًى فَتَبَيَّنَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَدَّ جَامِعٌ كَمَا أَنَّهُ مَانِعٌ قَوْلُهُ (وَنَخْلَةٌ عَمِيمَةٌ أَيْ طَوِيلَةٌ) قِيلَ لَمَّا كَانَتْ أَجْزَاؤُهَا كَثِيرَةً شَمِلَتْ الْهَوَاءَ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا، وَقِيلَ إذَا طَالَتْ تَشَعَّبَتْ أَكْثَرَ مِمَّا إذَا لَمْ تَطُلْ، وَالْقَرَابَةُ إذَا تَوَسَّعَتْ انْتَهَتْ إلَى صِفَةِ الْعُمُومِيَّةِ، فَأَوَّلُ دَرَجَاتِ الْقَرَابَةِ الْبُنُوَّةُ ثُمَّ الْأُبُوَّةُ ثُمَّ الْأُخُوَّةُ ثُمَّ الْعُمُومَةُ فَبِهَا تَنْتَهِي وَتَتَوَسَّعُ وَلَيْسَ بَعْدَهَا قَرَابَةٌ أُخْرَى إذْ سَائِرُ الْقَرَابَاتِ بَعْدَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْأَرْبَعَةِ؛ وَلِهَذَا انْتَهَتْ الْمَحْرَمِيَّةُ الَّتِي هِيَ مِنْ أَحْكَامِ الْقَرَابَةِ إلَى الْعُمُومَةِ وَلَمْ تَتَعَدَّ إلَى فُرُوعِهَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخُ لِلْخُؤُولَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ قَرَابَةُ الْأَبِ إذْ النَّسَبُ إلَى الْأَبَاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ الْإِمَامَ أَبَا زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَرَّفَ الْعَامَّ كَمَا عَرَّفَهُ الشَّيْخُ لَكِنَّهُ فَسَّرَ الْأَسْمَاءَ بِالتَّسْمِيَاتِ.
كَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمِيزَانِ وَالِانْتِظَامَ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى بِطَرِيقٍ آخَرَ فَقَالَ: وَأَمَّا الْعَامُّ فَمَا يَنْتَظِمُ جَمْعًا مِنْ الْأَسْمَاءِ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى كَقَوْلِك الشَّيْءُ، فَإِنَّهُ اسْمٌ لِكُلِّ مَوْجُودٍ وَلِكُلِّ مَوْجُودٍ اسْمٌ عَلَى حِدَةٍ وَالْإِنْسَانُ اسْمٌ عَامٌّ فِي جِنْسِهِ؛ لِأَنَّ جِنْسَهُ يَشْتَمِلُ عَلَى أَفْرَادٍ وَلِكُلِّ فَرْدٍ اسْمٌ عَلَى حِدَةٍ، وَنَقُولُ مَطَرٌ عَامٌّ إذَا عَمَّ الْأَمْكِنَةَ فَيَكُونُ عَامًّا بِمَعْنَاهُ، وَهُوَ الْحُلُولُ بِالْأَمْكِنَةِ لَا بِأَسْمَاءٍ يَجْمَعُهَا الْمَطَرُ، فَسِيَاقُ كَلَامِهِ هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ التَّسْمِيَاتُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلِكُلِّ مَوْجُودٍ اسْمٌ عَلَى حِدَةٍ وَلِكُلِّ فَرْدٍ اسْمٌ عَلَى حِدَةٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيُشِيرُ أَيْضًا إلَى أَنَّ الِانْتِظَامَ لَفْظًا أَنْ يَشْمَلَ اللَّفْظُ أَسْمَاءً مُخْتَلِفَةً كَالشَّيْءِ، فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْأَرْضَ وَالسَّمَاءَ وَالْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَغَيْرَهَا وَالِانْتِظَامُ مَعْنًى أَنْ يَحِلَّ الْمَعْنَى مَحَالَّ كَثِيرَةً فَدَخَلَ الْمَحَالُّ الْمُخْتَلِفَةُ تَحْتَ الْعُمُومِ بِوَاسِطَةِ الْمَعْنَى كَمَعْنَى الْمَطَرِ لَمَّا حَلَّ مَحَالَّ كَثِيرَةً دَخَلَتْ الْمَحَالُّ تَحْتَ لَفْظِ الْمَطَرِ دُخُولَ الْمَوْجُودَاتِ تَحْتَ لَفْظِ الشَّيْءِ لَكِنْ بِوَاسِطَةِ مَعْنَاهُ، وَهُوَ حُلُولُهُ بِهَا لَا بِلَفْظِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْمَحَالِّ بِخِلَافِ الشَّيْءِ، فَإِنَّ لَفْظَهُ يَدُلُّ عَلَى مَا انْتَظَمَهُ.
فَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا رَأَى أَنَّ انْتِظَامَ اللَّفْظِ لِمَدْلُولَاتِ الْأَسْمَاءِ لَا لِلْأَسْمَاءِ وَأَنَّ دُخُولَ الْمَحَالِّ تَحْتَ لَفْظِ الْمَطَرِ بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ وَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي التَّعْرِيفَاتِ فَسَّرَ الْأَسْمَاءَ بِالْمُسَمَّيَاتِ وَالِانْتِظَامَ اللَّفْظِيَّ وَالْمَعْنَوِيَّ بِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ احْتِرَازًا عَمَّا اخْتَارَهُ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست