responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 276
وَلِهَذَا صَحَّ النَّذْرُ بِهِ لِأَنَّهُ نَذْرٌ بِالطَّاعَةِ وَإِنَّمَا وَصْفُ الْمَعْصِيَةِ مُتَّصِلٌ بِذَاتِهِ فِعْلًا لَا بِاسْمِهِ ذِكْرًا وَلِهَذَا قُلْنَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ مُتَّصِلٌ بِالْمَعْصِيَةِ فَأُمِرَ بِالْقَطْعِ حَقًّا لِصَاحِبِ الشَّرْعِ فَصَارَ مُضَافًا إلَى صَاحِبِ الشَّرْعِ فَبَرِئَ الْعَبْدُ عَنْ عُهْدَتِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ صِحَّةِ فِعْلٍ آخَرَ هُوَ عِبَادَةٌ وَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ كَالْمُصَلِّي يَرْمِي بِبَصَرِهِ إلَى مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ وَالطَّائِفُ يَنْظُرُ إلَى أَعْضَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ أَوْ يَقْذِفُ مُحْصَنًا فَكَذَا مَا نَحْنُ فِيهِ وَهَذَا لِأَنَّ الرُّكْنَ فِي بَابِ الصَّلَاةِ هُوَ الْأَفْعَالُ الْمَعْهُودَةُ وَالصَّلَاةُ فِي الْحَقِيقَةِ هَذِهِ الْأَفْعَالُ لَا غَيْرُهَا وَتَرْكُ التَّخْلِيصِ وَالدَّفْعِ بِتَرْكِ اسْتِعْمَالِ الْيَدِ، وَتَرْكُ اسْتِعْمَالِهَا فِي بَابِ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْ الْأَرْكَانِ إذْ لَا أَدَاءَ لَهَا بِذَلِكَ إنَّمَا اسْتِعْمَالُهَا جُعِلَ مِنْ بَابِ النَّوَاقِضِ لَوْ كَثُرَ لِوُجُودِ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْعِبَادَةِ فَأَمَّا تَرْكُ اسْتِعْمَالِهَا فَلَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ هِيَ تَرْكُ اسْتِعْمَالِهَا بَلْ هِيَ أَدَاءُ الْأَرْكَانِ.
وَكَذَا الْمُشْتَغِلُ بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتِ التَّغَيُّرِ عَلَى هَذَا لِأَنَّ التَّرْكَ حَصَلَ بِتَرْكِ الْمَشْيِ، وَالصَّلَاةُ لَيْسَتْ بِتَرْكِ الْمَشْيِ إنَّمَا هِيَ أَفْعَالٌ أُخَرُ وَرَاءَ تَرْكِ الْمَشْيِ وَهُوَ الْقَرَارُ عَلَى الْمَكَانِ وَالْقَرَارُ مَعْنًى وَرَاءَ الْأَرْكَانِ الْمَعْهُودَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ الْقَرَارُ عَلَى الْمَكَانِ بِدُونِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَيَكُونُ بِهِ تَارِكًا لِلذَّهَابِ وَيُتَصَوَّرُ تَرْكُ اسْتِعْمَالِ آلَةِ التَّخْلِيصِ وَالدَّفْعِ وَهِيَ الْيَدُ بِدُونِ الصَّلَاةِ وَيَحْصُلُ التَّرْكُ فَكَانَ تَرْكُ الْمَشْيِ مَعْنًى مُقَارِنًا لِأَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَالْمَنْهِيُّ هُوَ لَا هِيَ، فَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ فَالصَّوْمُ هُوَ بِنَفْسِهِ تَرْكُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي الْمُعِينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَخُلَاصَةُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ عَيْنُ الصَّوْمِ بِجِهَةٍ، وَالْمَشْرُوعَ عَيْنُهُ أَيْضًا وَلَكِنْ بِجِهَةٍ أُخْرَى وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ مَشْرُوعًا حَرَامًا بِجِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَزُبْدَةُ الطَّرِيقَةِ الْأُولَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ هُوَ الصَّوْمُ وَالْمَنْهِيَّ عَنْهُ غَيْرُهُ وَلَكِنَّهُ وَصْفٌ لَهُ قَائِمٌ بِهِ فَالشَّيْخُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيَّنَ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى وَأَلْحَقَ بِآخِرِ كَلَامِهِ مَا يُشِيرُ إلَى الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ وَبَيَانُهُ عَلَى وَجْهِ تَعَقُّلٍ إلَى آخِرِهِ وَيُوقَفُ عَلَيْهِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَنَّ الطَّاعَةَ وَهِيَ الصَّوْمُ لَمْ يَنْقَلِبْ مَعْصِيَةً بِالنَّهْيِ (صَحَّ النَّذْرُ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الصَّوْمِ أَوْ وَلِأَنَّ تَرْكَ الْمُتَنَاوَلِ وَهُوَ الصَّوْمُ طَاعَةٌ بِأَصْلِهِ صَحَّ النَّذْرُ بِهِ (لِأَنَّهُ نَذْرٌ بِالطَّاعَةِ) لِأَنَّ كَفَّ النَّفْسِ عَنْ الشَّهَوَاتِ بِذَاتِهِ قُرْبَةٌ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمْ الصَّوْمُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ بِهِ (وَالْمَعْصِيَةُ مُتَّصِلٌ بِذَاتِهِ فِعْلًا لَا بِاسْمِهِ ذِكْرًا) أَيْ وَصْفٌ هُوَ مَعْصِيَةٌ وَهُوَ تَرْكُ الْإِجَابَةِ مُتَّصِلٌ بِفِعْلِ الصَّوْمِ لَا بِذِكْرِ الصَّوْمِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا ذِكْرُ الصَّوْمِ وَهُوَ قَوْلُهُ نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ لِلَّهِ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ أَصُومَ لِلَّهِ غَدًا وَغَدًا يَوْمُ النَّحْرِ فَلَمْ يَمْنَعُ صِحَّةَ النَّذْرِ بِهِ (فَإِنْ قِيلَ) ذِكْرُ الصَّوْمِ ذِكْرٌ لِلْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ الصَّوْمَ عَيْنُهُ تَرْكُ الْإِجَابَةِ عَلَى مَا ذَكَرْت وَهُوَ مَعْصِيَةٌ فَكَانَ ذِكْرًا لِلصَّوْمِ وَإِيجَابُهُ ذِكْرًا لِلْمَعْصِيَةِ وَقَصْدًا إلَيْهِ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَضْرِبَ أَبَاهُ أَوْ يَشْتُمَ أُمِّهِ لَمْ يَصِحَّ وَالْعِصْيَانُ نَفْسُ الضَّرْبِ وَالشَّتْمِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ ذِكْرًا لَهُ وَقَصْدًا إلَيْهِ كَانَ مَعْصِيَةً أَيْضًا فَلَمْ يَصِحَّ (قُلْنَا) لَمْ يَنْعَقِدْ هَذَا النَّذْرُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ ذِكْرُ الْمَعْصِيَةِ وَلَكِنَّهُ انْعَقَدَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ ذِكْرُ طَاعَةٍ وَإِيجَابُ قُرْبَةٍ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ جِهَةَ الْقُرْبَةِ أَصْلٌ فِيهِ فَيَصِحُّ النَّذْرُ بِهِ (فَإِنْ قِيلَ) مَا وَجْهُ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إذَا أَضَافَ النَّذْرَ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ وَإِذَا أَضَافَ إلَى الْغَدِ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ غَدًا وَغَدٌ يَوْمُ النَّحْرِ صَحَّ نَذْرُهُ (قُلْنَا) وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا نَصَّ عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي نَذْرِهِ بِمَا هُوَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 276
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست