responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 275
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّعْوَةِ لَيْسَتْ بِضِدٍّ أَصْلِيٍّ لِلصَّوْمِ فَإِنَّ الصَّوْمَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَيَّامِ لَيْسَ بِتَرْكٍ لِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَهُوَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ تَرْكٌ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ لِكَوْنِهَا أَضْدَادًا لَهُ أَصْلِيَّةً فَكَانَ الصَّوْمُ بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ إلَى هَذِهِ الْأَضْدَادِ بِمَنْزِلَةِ الْأَصْلِ وَبِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ إلَى إجَابَةِ الدَّعْوَةِ بِمَنْزِلَةِ التَّابِعِ، فَتَرْكُ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ فِي الصَّوْمِ جُعِلَ كَأَنَّهُ وَصْفٌ لَهُ وَتَرْكُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ جُعِلَ كَأَنَّهُ مَوْصُوفٌ مَتْبُوعٌ فَبَقِيَ الصَّوْمُ مَشْرُوعًا وَبَقِيَ فِيهِ نَوْعُ خَلَلٍ فَأَمْكَنَ إيجَابُهُ بِالْقَوْلِ، لِأَنَّ بِالْقَوْلِ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْمَشْرُوعِ مِنْهُ وَبَيْنَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ فِي الْكِتَابِ إنَّمَا وَصْفُ الْمَعْصِيَةِ مُتَّصِلٌ بِذَاتِهِ فِعْلًا لَا بِاسْمِهِ ذَكَرًا وَلَوْ صَامَ عَنْ وَاجِبٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ لِحُصُولِهِ مُخْتَلًّا فِي نَفْسِهِ لِاسْتِحَالَةِ التَّمْيِيزِ فِي الْفِعْلِ بَيْنَ تَرْكِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ وَبَيْنَ تَرْكِ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَهَذَا كَمَا جَوَّزَ عُلَمَاؤُنَا بَيْعَ السَّمْنِ الذَّائِبِ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ الْفَأْرَةُ لِإِمْكَانِ إيرَادِ الْبَيْعِ عَلَى السَّمْنِ دُونَ صِفَةِ النَّجَاسَةِ وَمَنَعُوا مِنْ أَكْلِهِ لِاسْتِحَالَةِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَوْ صَامَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَضَافَ النَّذْرَ إلَى هَذِهِ الْأَيَّامِ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ قَدْرَ مَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا وَقَدْ أَتَى بِذَلِكَ الْقَدْرِ كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتِقَ هَذِهِ الرَّقَبَةَ وَهِيَ عَمْيَاءُ خَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ بِإِعْتَاقِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَتَأَدَّى شَيْءٌ مِنْ الْوَاجِبَاتِ بِهَا.
وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا أَكْمَلَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مَعَ التَّخَلُّصِ عَنْ ارْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي وَقْتٍ آخَرَ وَإِنْ صَلَّى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَرَجَ عَنْ مُوجِبِ نَذْرِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ النَّهْيَ لَوْ كَانَ لِتَرْكِ الْإِجَابَةِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْثَمَ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ بِدُونِ النِّيَّةِ لِأَنَّا نَقُولُ مَنْ لَمْ يَأْكُلْ بِدُونِ النِّيَّةِ لِعَدَمِ الطَّعَامِ أَوْ لِلْحُمِّيَّةِ لَا يَأْثَمُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْإِجَابَةَ عَنْ عُذْرٍ أَمَّا مَنْ لَمْ يَأْكُلْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّعَامِ وَانْعِدَامِ الْعُذْرِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الْغَصْبُ دُونَ الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ فِعْلٌ مَعْلُومٌ يَتَأَدَّى بِأَرْكَانٍ وَشَرَائِطَ مَعْلُومَةٍ وَالْغَصْبُ أَيْضًا شَيْءٌ مَعْلُومٌ لَا اتِّحَادَ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَغْرَقُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ أَمْكَنَهُ التَّخْلِيصُ لَوْ قَطَعَ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَقْطَعْ حَيْثُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِتَرْكِهَا مَنْهِيًّا عَنْ تَرْكِ التَّخْلِيصِ، وَالْمُضِيُّ فِي الصَّلَاةِ هُوَ تَرْكُ التَّخْلِيصِ فَكَانَتْ الصَّلَاةُ مَنْهِيًّا عَنْهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَرْكُ التَّخْلِيصِ ثُمَّ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ قَضَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ كَامِلًا وَكَذَا لَوْ رَأَى رَجُلًا يَقْتُلُ آخَرَ وَيُمْكِنُهُ الدَّفْعُ فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ أَوْ اشْتَغَلَ بِهَا ابْتِدَاءً حَيْثُ جَازَتْ صَلَاتُهُ مَعَ مَا بَيَّنَّا.
وَكَذَا مِنْ اشْتَغَلَ بِالصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ عِنْدَ اسْتِنْفَارِ النَّاسِ إلَى عَدُوٍّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَظَلَّهُمْ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَنْفِرَ إلَيْهِمْ عَلَى هَذَا أَيْضًا لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَتْ بِتَرْكٍ لِلتَّخْلِيصِ وَالدَّفْعِ فَإِنَّهَا مَعَ التَّخْلِيصِ وَالدَّفْعِ مُمْكِنَةٌ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ قُرْبِ الْغَرِيقِ مِنْهُ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيُخَلِّصَهُ وَقَرُبَ الْقَاصِدُ لِلْقَتْلِ مِنْهُ فَيَقْبِضُ عَلَى يَدِهِ أَوْ يَتَعَلَّقُ بِثِيَابِهِ أَوْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ فَيُمْكِنُهُ فَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ تَرْكًا لِلتَّخْلِيصِ وَالدَّفْعِ لَمَا تُصُوِّرَ حُصُولُهُمَا فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ أَلْبَتَّةَ لِأَنَّ تَرْكَ كُلِّ فِعْلٍ ضِدَّهُ بِاجْتِمَاعِ الْفِعْلِ مَعَ تَرْكِهِ مُسْتَحِيلٌ كَاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَدَلَّ أَنَّ التَّرْكَ مَعْنًى وَرَاءَ الصَّلَاةِ يُقَارِنُ الصَّلَاةَ وَارْتِكَابَ النَّهْيِ بِفِعْلٍ لَا يَمْنَعُ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 275
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست