responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 264
وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ سَبَبًا لِلرُّخْصَةِ لِلنَّهْيِ وَلَا يَمْلِكُ الْكَافِرُ مَالَ الْمُسْلِمِ بِالِاسْتِيلَاءِ لِلنَّهْيِ أَيْضًا فَلَمْ يَصْلُحْ سَبَبًا مَشْرُوعًا وَلَا يَلْزَمُ الظِّهَارُ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي حُكْمٍ مَطْلُوبٍ تَعَلَّقَ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ لَهُ لِيَبْقَى سَبَبًا وَالْحُكْمُ بِهِ مَشْرُوعًا مَعَ وُقُوعِ النَّهْيِ عَلَيْهِ فَأَمَّا مَا هُوَ حَرَامٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ تَعَلَّقَ بِهِ جَزَاءٌ زَاجِرٌ عَنْهُ فَيَعْتَمِدُ حُرْمَةَ سَبَبِهِ كَالْقِصَاصِ لَيْسَ بِحُكْمٍ مَطْلُوبٍ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ بَلْ جَزَاءٍ شُرِعَ زَاجِرًا فَاعْتَمَدَ حُرْمَةَ سَبَبِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَعْنَى فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ هُوَ الْإِضْرَارُ بِالْمَرْأَةِ مِنْ حَيْثُ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْحَيْضَةَ الَّتِي أَوْقَعَ فِيهَا الطَّلَاقَ لَيْسَتْ بِمَحْسُوبَةٍ مِنْ الْعِدَّةِ بِالِاتِّفَاقِ فَإِنَّ عِنْدِي الِاعْتِدَادَ بِالْأَطْهَارِ لَا بِالْحِيَضِ وَعِنْدَكُمْ لَا يَحْتَسِبُ هَذِهِ الْحَيْضَةَ مِنْ حِيَضِ الْعِدَّةِ لِانْتِقَاضِهَا وَلِهَذَا لَا يُحَرِّمُ الطَّلَاقَ فِي الْحَيْضِ إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى الضِّرَارِ فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي حَالَةِ الْحَيْضِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَإِلَى مَا ذَكَرْنَا إشَارَةٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: 231] وَفِي الطَّلَاقِ فِي طُهْرِ الْجِمَاعِ هُوَ تَلْبِيسُ أَمْرِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي أَنَّ الْوَطْءَ مُعَلَّقٌ فَيُعْتَدُّ بِالْحَبَلِ أَوْ غَيْرُ مُعَلَّقٍ فَيُعْتَدُّ بِالْإِقْرَارِ وَالْحَامِلُ قَدْ تَحِيضُ عَلَى أَصْلِيٍّ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّزَوُّجِ.
وَكَذَا تَلْبِيسُ أَمْرِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا وَجَبَ لَهَا النَّفَقَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لَا يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ عِنْدَهُ فَتَشُكُّ فِي طَلَبِ النَّفَقَةِ.
قَوْلُهُ (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِمَا قُلْنَا إنَّ النَّهْيَ يَنْفِي الْمَشْرُوعِيَّةَ لَمْ يَكُنْ سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ أَيْ السَّفَرُ الَّذِي هُوَ مَعْصِيَةٌ كَسَفَرِ الْآبِقِ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْبَاغِي سَبَبًا لِلرُّخْصَةِ لِلنَّهْيِ أَيْ لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ شَرْعًا يَعْنِي لَمَّا كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ كَانَ مَعْصِيَةً وَالرُّخْصَةُ نِعْمَةٌ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الْحَرَجِ عِنْدَ السَّيْرِ الْمَدِيدِ فَيَسْتَدْعِي سَبَبًا مَشْرُوعًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْمَعْصِيَةِ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَمْلِكُ الْكَافِرُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُسْتَقْبَلِ إذْ هُوَ بَيَانُ شَرْعٍ أَيْ لَا يَكُونُ سَفَرُ الْمَعْصِيَةِ سَبَبًا وَلَا يَمْلِكُ الْكَافِرُ مَالَ الْمُسْلِمِ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ بِالِاسْتِيلَاءِ التَّامِّ الْمُطْلَقِ وَذَلِكَ بِالْإِحْرَازِ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُمْ مَا دَامُوا فِي دَارِنَا كَانُوا مَقْهُورِينَ حُكْمًا وَلَا يَتِمُّ الِاسْتِيلَاءُ فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْمُلْكِ بِالِاتِّفَاقِ لِلنَّهْيِ أَيْضًا أَيْ لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ شَرْعًا كَالسَّفَرِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتِيلَاءٌ عَلَى مَالٍ مَعْصُومٍ مُحْتَرَمٍ فَيَكُونُ حَرَامًا مَنْهِيًّا عَنْهُ خُصُوصًا عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ أَجْمَعَ وَعَلَى أَصْلِ بَعْضِ مَشَايِخِنَا أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْحُرُمَاتِ وَالْمَنَاهِي وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ الَّذِي هُوَ نِعْمَةٌ كَاسْتِيلَائِهِمْ عَلَى رِقَابِنَا وَكَاسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِ عَلَى هَذَا الْمَالِ وَيَرُدُّ مَا قُلْنَا فِي مَسْأَلَتَيْ الزِّنَا وَالْغَصْبِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا قَوْلُهُ (وَلَا يَلْزَمُ) أَيْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الظِّهَارُ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مَحْظُورٌ.
وَقَدْ انْعَقَدَ سَبَبًا لِلْكَفَّارَةِ الَّتِي هِيَ عِبَادَةٌ وَلَمْ يَنْعَدِمْ بِالنَّهْيِ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي النَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْ التَّصَرُّفِ الْمَوْضُوعِ لِحُكْمٍ مَطْلُوبٍ شَرْعًا وَالظِّهَارُ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ مَوْضُوعٍ لِحُكْمٍ مَطْلُوبٍ شَرْعًا بَلْ هُوَ حَرَامٌ فَإِنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ وَالْكَفَّارَةُ إنَّمَا وَجَبَتْ جَزَاءً لِتِلْكَ الْجَرِيمَةِ وَثُبُوتُ وَصْفِ الْخَطَرِ فِي السَّبَبِ لِلْجَزَاءِ لَا يُخْرِجُ السَّبَبَ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِإِيجَابِ الْجَزَاءِ بَلْ يُحَقِّقُهُ كَمَا فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ مَحْظُورٌ مَحْضٌ وَمَعَ ذَلِكَ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ وَثُبُوتُ وَصْفِ الْحَظْرِ فِيهِ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِإِيجَابِهِ فَكَذَا فِي الظِّهَارِ وَلَنَا مَا احْتَجَّ بِهِ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي بَابِ الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إذَا طَلَّقَ لِغَيْرِ السُّنَّةِ لَا يَقَعُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَالَ أَنَهَانَا عَمَّا يَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ وَالنَّهْيُ عَمَّا لَا يَكُونُ لَغْوٌ لَا يُقَالُ لِلْأَعْمَى لَا تُبْصِرْ وَلِلْآدَمِيِّ لَا تَطِرْ.
وَبَيَانُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ابْتَلَى عِبَادَهُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِهِمْ فَمَنْ أَطَاعَهُ بِالِائْتِمَارِ بِمَا أَمَرَ وَالِانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى بِاخْتِيَارِهِ نَالَ الْجَنَّةَ بِفَضْلِهِ وَمَنْ عَصَاهُ بِتَرْكِ الِائْتِمَارِ وَالِانْتِهَاءِ اسْتَحَقَّ النَّارَ بِعَدْلِهِ وَالِابْتِلَاءُ بِالنَّهْيِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا كَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مُتَصَوَّرَ الْوُجُودِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست