responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 262
وَكَذَلِكَ الْغَصْبُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ لِمَا قُلْنَا وَلَا يَلْزَمُ إذَا جَامَعَ الْمُحْرِمُ أَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا أَنَّهُ يَبْقَى مَشْرُوعًا مَعَ كَوْنِهِ فَاسِدًا لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مَنْهِيٌّ لِمَعْنَى الْجِمَاعِ وَهُوَ غَيْرُهُ لَا مَحَالَةَ لَكِنَّهُ مَحْظُورُهُ فَصَارَ مُفْسِدًا وَالْإِحْرَامُ لَازِمٌ شَرْعًا لَا يَحْتَمِلُ الْخُرُوجَ بِاخْتِيَارِ الْعِبَادِ فَفَسَدَ وَلَمْ يَنْقَطِعْ بِجِنَايَةِ الْجَانِي، وَكَلَامُنَا فِيمَا يَنْعَدِمُ شَرْعًا لَا فِيمَا لَا يَنْقَطِعُ بِجِنَايَةِ الْجَانِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا مُنَاسَبَةَ هُنَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ مَحْضٌ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الْعُقُوبَاتِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْوَطْءِ الْمَشْرُوعِ مِنْ لُزُومِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ وَهَذَا مَعْنَى مَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الزِّنَا فِعْلٌ رُجِمْت عَلَيْهِ وَالنِّكَاحُ أَمْرٌ حُمِدْت عَلَيْهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْمَلَ أَحَدُهُمَا عَمَلَ الْآخَرِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا تَعَلُّقُ وُجُوبِ الِاغْتِسَالِ وَفَسَادِ الصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ وَالِاعْتِكَافِ بِهِ مَعَ أَنَّهَا أَحْكَامٌ مَشْرُوعَةٌ لِأَنَّا عَلَّلْنَا لِمَنْعِ ثُبُوتِ مَا هُوَ نِعْمَةٌ وَكَرَامَةٌ وَبِهِ وَالِاغْتِسَالُ شُرِعَ لِلتَّطْهِيرِ وَزَوَالِ النَّجَاسَةِ وَهِيَ فِي الزِّنَا مَوْجُودَةٌ بَلْ أَشَدُّ فَكَانَ أَوْلَى بِإِيجَابِ الِاغْتِسَالِ وَكَذَلِكَ فَسَادُ الصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ وَالِاعْتِكَافِ بِهِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْكَرَامَةِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ فَيَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالزِّنَا وَاحْتَرَزَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ حَرَامٌ عَنْ الْوَطْءِ الْحَلَالِ كَوَطْءِ الْمَنْكُوحَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ وَبِقَوْلِهِ مَحْضٌ عَنْ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ كَالْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَبِمَا إذَا زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا وَوَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ وَوَطِئَ الرَّجُلُ أَمَةَ ابْنِهِ فَإِنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِيهَا لَيْسَ بِحَرَامٍ مَحْضٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ بِهِ هَذِهِ الْحُرْمَةُ كَمَا يَثْبُتُ بَعْضُ أَحْكَامِ الْوَطْءِ الْمَشْرُوعِ مِثْلَ سُقُوطِ الْحَدِّ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ وَتَأْيِيدُ مَا ذَكَرْنَا بِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَمَّنْ تَتَبَّعَ امْرَأَةً حَرَامًا أَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا وَابْنَتَهَا فَقَالَ الْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ» وَبِمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ غَشِيَ أُمَّ امْرَأَتِهِ هَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَا الْحَرَامُ لَا يُحَرِّمُ الْحَلَالَ.
وَهَكَذَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَيْضًا قَوْلُهُ (وَكَذَا الْغَصْبُ) إذَا غَصَبَ شَيْئًا وَقَضَى الْقَاضِي بِالضَّمَانِ أَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَثْبُتَ الْمِلْكَ لِلْغَاصِبِ فِي الْمَغْصُوبِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِالْغَصْبِ أَصْلًا وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِي مِلْكِ الْأَكْسَابِ وَنُفُوذِ الْبَيْعِ وَوُجُوبِ الْكَفَنِ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا مَاتَ الْمَغْصُوبُ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ لِأَنَّ الْغَصْبَ عُدْوَانٌ مَحْضٌ فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ لِأَنَّ الْمِلْكَ نِعْمَةٌ وَكَرَامَةٌ يَصِلُ بِهِ إلَى مَقَاصِدِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ فَيَتَعَلَّقُ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ لَا مَحْظُورٍ لِأَنَّ الْمَحْظُورَ سَبَبٌ لِلْعُقُوبَةِ لَا لِلْكَرَامَةِ وَالنِّعْمَة أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ عَبْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَكُونَ الْكَفَنُ عَلَى الْمَالِكِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ كَذَلِكَ هَهُنَا بِخِلَافِ وُجُوبِ الضَّمَانِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْغَرَامَةِ عَلَى الْجَانِي وَالْمِلْكُ فِي الضَّمَانِ إنَّمَا يَقَعُ لِلْمَالِكِ لَا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ وَلَكِنْ بِمِلْكِ الْأَصْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ بِنَاءَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الزِّنَا وَالْغَصْبَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِمَشْرُوعِيَّةِ الزِّنَا وَالْغَصْبِ وَنَحْنُ إنَّمَا جَعَلْنَاهُمَا سَبَبَيْنِ لِلْحُرْمَةِ وَالْمِلْكِ لَا لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْمَشْرُوعِيَّةَ فِيهِمَا بَلْ لِمَا نَذْكُرُهُ مِنْ بَعْدُ وَكَلَامُنَا فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يَسْتَقِيمُ بِنَاؤُهُمَا عَلَيْهِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ وَهُوَ أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الْمَشْرُوعِيَّةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ شَرْعِيًّا أَوْ حِسِّيًّا.
قَوْلُهُ (وَلَا يَلْزَمُ) أَيْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمَشْرُوعِ يُوجِبُ فَسَادَهُ وَقُبْحَهُ وَمَعَ صِفَةِ الْفَسَادِ لَا تَبْقَى الْمَشْرُوعِيَّةُ إنَّ الْمُحْرِمَ إذَا جَامَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 262
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست