responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 261
فَصَارَ النَّهْيُ عَنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ نَسْخًا بِمُقْتَضَاهُ وَهُوَ التَّحْرِيمُ السَّابِقُ وَالثَّانِي أَنَّ مِنْ حُكْمِ النَّهْيِ وُجُوبَ الِانْتِهَاءِ وَأَنْ يَصِيرَ الْفِعْلُ عَلَى خِلَافِ مُوجَبِهِ مَعْصِيَةً هَذَا مُوجَبُ حَقِيقَتِهِ وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَعْصِيَةً وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَشْرُوعًا وَطَاعَةً تَضَادٌّ وَتَنَافٍ وَلِهَذَا لَمْ يَثْبُتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِالزِّنَا لِأَنَّهَا شُرِعَتْ نِعْمَةً تُلْحَقُ بِهَا الْأَجْنَبِيَّةُ بِالْأُمَّهَاتِ وَالزِّنَا حَرَامٌ مَحْضٌ فَلَمْ يَصْلُحْ سَبَبًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ هُوَ نِعْمَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الشَّارِعِ لِعِبَادِهِ يُوضَعُ طَرِيقٌ يُصَلُّونَ بِسُلُوكِهِ إلَى السَّعَادَةِ الْعُظْمَى وَهِيَ رِضَاءُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَرْضِيًّا لَهُ لِيَصْلُحَ لِلْعَبْدِ رِضَاهُ بِسُلُوكِهِ قَالَ تَعَالَى {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} [التوبة: 100] {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ} [التوبة: 21] {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ} [التوبة: 72] وَالْقَبِيحُ لِذَاتِهِ لَا يَكُونُ مَرْضِيًّا لِلْحَكِيمِ الْعَلِيمِ فَثَبَتَ أَنَّ بَيْنَ الْقُبْحِ وَبَيْنَ الْمَشْرُوعِيَّةِ تَنَافِيًا وَقَدْ ثَبَتَ الْقُبْحُ بِالنَّهْيِ لِمَا ذَكَرْنَا فَيَنْتَفِي الْمَشْرُوعِيَّةُ ضَرُورَةً قَوْلُهُ (فَصَارَ النَّهْيُ عَنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ نَسْخًا) أَيْ بَيَانًا لِانْتِهَاءِ مُدَّةِ الْمَشْرُوعِيَّةِ فِيهَا بِمُقْتَضَاهُ وَهُوَ التَّحْرِيمُ السَّابِقُ يَعْنِي إنَّمَا صَارَ النَّهْيُ نَسْخًا بِمَا اقْتَضَاهُ النَّهْيُ وَهُوَ الْقُبْحُ وَالْحُرْمَةُ وَهَذَا لِأَنَّ النَّهْيَ مَعَ الْمَشْرُوعِيَّةِ لَا يَصِحُّ فَيُثْبِتُ الْقُبْحَ وَالْحُرْمَةَ سَابِقَيْنِ عَلَى النَّهْيِ لِيَصِحَّ النَّهْيُ فَصَارَ كَأَنَّ النَّاهِيَ قَالَ حَرَّمْت عَلَيْك هَذَا الْفِعْلَ فَلَا تَفْعَلُوا فَيَصِيرُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ التَّحْرِيمُ سَابِقًا عَلَى النَّهْيِ ضَرُورَةً كَذَا فِي فَوَائِدِ مَوْلَانَا الْعَلَّامَةِ حَمِيدِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
1 -
(قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ الطَّرِيقُ الثَّانِي وَهُوَ انْتِفَاءُ الْمَشْرُوعِيَّةِ بِحُكْمِ النَّهْيِ هُوَ أَنَّ مِنْ حُكْمِ النَّهْيِ وُجُوبَ الِانْتِهَاءِ وَصَيْرُورَةَ الْفِعْلِ عَلَى خِلَافِ مُوجِبِهِ وَهُوَ تَرْكُ الِانْتِهَاءِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى الْفِعْلِ مَعْصِيَةً وَبَيْنَ كَوْنِهِ أَيْ كَوْنِ الْفِعْلِ مَعْصِيَةً وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَشْرُوعًا كَمَا إذَا كَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ كَعَقْدِ الرِّبَا وَطَاعَةً كَمَا إذَا كَانَ مِنْ الْعِبَادَاتِ تَضَادٌّ وَتَنَافِي التَّضَادِّ رَاجِعٌ إلَى كَوْنِهِ طَاعَةً وَمَعْصِيَةً وَالتَّنَافِي رَاجِعٌ إلَى كَوْنِهِ مَشْرُوعًا وَمَعْصِيَةً مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ أَمَّا التَّضَادُّ بَيْنَ الْمَعْصِيَةِ وَالطَّاعَةِ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُمَا أَمْرَانِ وُجُودِيَّانِ بَيْنَهُمَا غَايَةُ الْخِلَافِ.
وَأَمَّا التَّنَافِي بَيْنَ الْمَشْرُوعِيَّةِ وَالْمَعْصِيَةِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ مَشْرُوعًا لَا يَكُونُ مَعْصِيَةً أَلْبَتَّةَ وَبَيْنَ اللَّامَعْصِيَةِ وَالْمَعْصِيَةِ تَنَافٍ ثُمَّ شَرَعَ فِي تَخْرِيجِ الْفُرُوعِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ بَعْدَ تَمْهِيدِهِ وَالْجَوَابُ عَمَّا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَقَالَ وَلِهَذَا أَيْ وَلِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي قُبْحَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَانْتِفَاءَ مَشْرُوعِيَّتِهِ لَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَهِيَ حُرْمَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى آبَاءِ الرَّجُلِ وَإِنْ عَلَوَا وَعَلَى أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا وَحُرْمَةُ أُمَّهَاتِهَا وَإِنْ عَلَوْنَ وَبَنَاتِهَا وَإِنْ سَفَلْنَ عَلَى الرَّجُل بِالزِّنَا لِأَنَّ الْمُصَاهَرَةَ شُرِعَتْ نِعْمَةً وَكَرَامَةً كَالنَّسَبِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ كَرَامَةً لِبَنِي آدَمَ اخْتَصُّوا بِهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَتَعَلَّقَ بِهِ أَنْوَاعٌ مِنْ الْكَرَامَاتِ مِنْ الْحَضَانَةِ وَالنَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ وَالْوِلَايَاتِ وَكَذَا حُرْمَةُ النِّكَاحِ ثَبَتَتْ كَرَامَةً صِيَانَةً لِلْمَحَارِمِ عَنْ الِاسْتِذْلَالِ بِالنِّكَاحِ الَّذِي فِيهِ ضَرْبُ اسْتِرْقَاقٍ وَلِهَذَا تَعَلَّقَتْ بِأَسْمَاءٍ تُنْبِئُ عَنْ الْكَرَامَةِ نَحْوُ اسْمِ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَالْأُخْتِ فَأُلْحِقَتْ أُمُّ الْمَرْأَةِ وَابْنَتُهَا بِالْمَحَارِمِ بِالنَّصِّ فَكَانَ ثُبُوتُ هَذِهِ الْحُرْمَةِ نِعْمَةً وَكَرَامَةً وَأَشَارَ الشَّيْخُ إلَى مَعْنَى النِّعْمَةِ بِقَوْلِهِ تُلْحَقُ بِهَا أَيْ بِهَذِهِ الْحُرْمَةِ الْأَجْنَبِيَّةُ بِالْأُمَّهَاتِ حَتَّى حَلَّتْ الْخَلْوَةُ بِهَا وَالْمُسَافَرَةُ وَالنَّظَرُ إلَى مَوَاضِعِ الزِّينَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّسَبِ وَمَنَّ بِهِمَا عَلَيْنَا فَقَالَ.
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54] أَيْ ذَا نَسَبٍ وَذَا صِهْرٍ وَالصِّهْرُ حُرْمَةُ الْخُتُونَةِ وَقِيلَ خَلْطَةٌ تُشْبِهُ الْقَرَابَةَ فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا نِعْمَةٌ لَا يَسْتَحِقُّ بِمَا هُوَ حَرَامٌ مَحْضٌ وَهُوَ الزِّنَا لِأَنَّ الْحَرَامَ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ هُوَ نِعْمَةٌ كَاللِّوَاطَةِ وَوَطْءِ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْحُكْمِ لَا يُقَالُ أَهِنْ الْعَالِمَ وَأَعِزَّ الْجَاهِلَ لِأَنَّ الْإِهَانَةَ لَا تُنَاسِبُ الْعَالِمَ كَمَا أَنَّ الْإِعْزَازَ لَا يُلَائِمُ الْجَاهِلَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست