responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 258
وَأَمَّا النَّهْيُ الْمُطْلَقُ عَنْ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَيَقْتَضِي قُبْحًا لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَكِنْ مُتَّصِلًا بِهِ حَتَّى يَبْقَى الْمَنْهِيُّ مَشْرُوعًا مَعَ إطْلَاقِ النَّهْيِ وَحَقِيقَتِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَلْ يَقْتَضِي هَذَا الْقِسْمُ قُبْحًا فِي عَيْنِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى مَشْرُوعًا أَصْلًا بِمَنْزِلَةِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ فَيَجِبُ إثْبَاتُ مَا احْتَمَلَهُ النَّهْيُ وَرَاءَ حَقِيقَتِهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأُصُولِ وَبَيَانِ هَذَا الْأَصْلِ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالرِّبَا وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ عِنْدَنَا لِأَحْكَامِهَا وَعِنْدَهُ بَاطِلَةٌ مَنْسُوخَةٌ لَا حُكْمَ لَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَرَفْت أَنَّهُ مَسْمُومٌ يَكُونُ الْمَنْعُ لِقُبْحٍ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ السُّمُّ لَا لِعَيْنِهِ.

[النَّهْيُ الْمُطْلَقُ عَنْ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ]
قَوْلُهُ (وَأَمَّا النَّهْيُ الْمُطْلَقُ) أَيْ عَنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ قَبِيحٌ لِعَيْنِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (لَكِنْ مُتَّصِلًا بِهِ) أَيْ لَكِنْ يَقْتَضِي قُبْحًا مُتَّصِلًا بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَعَ إطْلَاقِ النَّهْيِ أَيْ مَعَ كَمَالِ النَّهْيِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ كَامِلٌ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ لِلتَّحْرِيمِ لَا لِلتَّنْزِيهِ وَحَقِيقَتُهُ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِطَلَبِ الِامْتِنَاعِ عَنْ الْفِعْلِ بِنَاءً عَلَى اخْتِيَارِ الْعَبْدِ لَا أَنْ يَصِيرَ مَجَازًا عَنْ النَّسْخِ وَالنَّفْيِ إلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلَيْنِ فَيَجِبُ إثْبَاتُ مَا احْتَمَلَهُ النَّهْيُ وَرَاءَ حَقِيقَتِهِ أَيْ عَلَى خِلَافِ حَقِيقَتِهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأُصُولِ أَيْ الْأَصْلَيْنِ فَحَقِيقَتُهُ وَمُوجِبُهُ عِنْدَنَا فِي الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ أَنْ يَثْبُتَ الْقُبْحُ فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَأَنْ يَبْقَى الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَشْرُوعًا لِيُتَصَوَّرَ امْتِنَاعُ الْمُكَلَّفِ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ وَمُحْتَمَلُهُ أَنْ يَثْبُتَ الْقُبْحُ فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَا يَبْقَى مَشْرُوعًا أَصْلًا وَيَصِيرُ النَّهْيُ مَجَازًا عَنْ النَّسْخِ فَالنَّهْيُ الْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ قَبِيحًا لِغَيْرِهِ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ فَيَجِبُ إثْبَاتُ مُحْتَمَلِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَبِيحًا لِعَيْنِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ أَصْلًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] وَكَمَا فِي بَيْعِ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ وَحَقِيقَتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَثْبُتَ الْقُبْحُ فِي عَيْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَا يَبْقَى مَشْرُوعًا أَصْلًا كَمَا فِي الْفِعْلِ الْحِسِّيِّ وَمُحْتَمَلُهُ أَنْ يَثْبُتَ الْقُبْحُ فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَيَبْقَى الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَشْرُوعًا كَمَا كَانَ فَالنَّهْيُ الْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ قَبِيحًا لِعَيْنِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ أَصْلًا إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ بِصَرْفِهِ عَنْ هَذِهِ الْحَقِيقَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى مُحْتَمَلِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَبِيحًا لِغَيْرِهِ كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ وَالطَّلَاقِ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَيَجِبُ إثْبَاتُ مَا احْتَمَلَهُ النَّهْيُ وَرَاءَ حَقِيقَتِهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأُصُولِ.
وَبَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ أَيْ هَذَا الِاخْتِلَافِ يَعْنِي أَثَرَ هَذَا الِاخْتِلَافِ يَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النَّهْيَ الْمُطْلَقَ عَنْ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَعِنْدَ أَصْحَابِنَا لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَالْغَزَالِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ فِي الْعِبَادَاتِ دُونَ الْمُعَامَلَاتِ ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ جَمِيعًا اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ لُغَةً وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ شَرْعًا لَا لُغَةً وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْبُطْلَانِ مُطْلَقًا اخْتَلَفُوا أَيْضًا فَذَهَبَ أَصْحَابُنَا إلَى أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ كَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهَا ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِ الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ وَالْفَسَادِ تَوْضِيحًا لِهَذِهِ الْأَقْوَالِ فَنَقُولُ الصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الْفِعْلِ مُسْقِطًا لِلْقَضَاءِ وَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَنْ مُوَافَقَةِ أَمْرِ الشَّرْعِ بِالصَّلَاةِ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ لَمْ يَجِبْ فَصَلَاةُ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ لِمُوَافَقَةِ أَمْرِ الشَّرْعِ بِالصَّلَاةِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُسْقِطَةٍ لِلْقَضَاءِ وَفِي عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ مَعْنَى الصِّحَّةِ كَوْنُ الْعَقْدِ سَبَبًا لِتَرَتُّبِ ثَمَرَاتِهِ الْمَطْلُوبَةِ عَلَيْهِ شَرْعًا كَالْبَيْعِ لِلْمِلْكِ وَأَمَّا الْبُطْلَانُ فَمَعْنَاهُ فِي الْعِبَادَاتِ عَدَمُ سُقُوطِ الْقَضَاءِ بِالْفِعْلِ وَفِي عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ تَخَلُّفُ الْأَحْكَامِ عَنْهَا وَخُرُوجُهَا عَنْ كَوْنِهَا أَسْبَابًا

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 258
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست