responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 210
وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَخْرُجُ سُقُوطُ الْعُشْرِ بِهَلَاكِ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِشَرْطِ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى أَدَاءِ الْعُشْرِ يَسْتَغْنِي عَنْ قِيَامِ تِسْعَةِ الْأَعْشَارِ، لَكِنَّهُ شَرَطَ ذَلِكَ لِلْيُسْرِ وَلَمْ يَجِبْ إلَّا بِأَرْضٍ نَامِيَةٍ بِالْخَارِجِ فَشَرَطَ قِيَامَهُ لِبَقَاءِ صِفَةِ الْيُسْرِ وَكَذَلِكَ الْخَرَاجُ يَسْقُطُ إذَا اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَ بِصِفَةِ الْيُسْرِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِسَلَامَةِ الْخَارِجِ إلَّا أَنَّهُ بِطَرِيقِ التَّقْدِيرِ بِالتَّمَكُّنِ لِكَوْنِ الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْخَارِجِ وَبِدَلِيلِ أَنَّ الْخَارِجَ إذَا قَلَّ حُطَّ الْخَرَاجُ إلَى نِصْفِ الْخَارِجِ وَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ سَقَطَ بِهَلَاكِ الْخَارِجِ حَتَّى لَا يَنْقَلِبَ غُرْمًا مَحْضًا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْحَجِّ فَإِنَّهُ إذَا وَجَبَ بِمِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لَمْ يَسْقُطْ بِفَوْتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِشَرْطِ الْقُدْرَةِ دُونَ الْيُسْرِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ أَدْنَى مَا يُقْطَعُ بِهِ السَّفَرُ وَلَا يَقَعُ الْيُسْرُ إلَّا بِخَدَمٍ وَمَرَاكِبَ وَأَعْوَانٍ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ بِالْإِجْمَاعِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا لِدَوَامِ الْوَاجِبِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالدَّيْنِ أَيْ الْيُسْرُ لَا يَفُوتُ بِهِ بَلْ تَيْسِيرُ الْأَدَاءِ قَائِمٌ بِمِلْكِ الْمَالِ مَعَ قِيَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيُسْرَ فِيهَا ثَبَتَ بِالتَّخْيِيرِ أَوْ اعْتِبَارِ الْعَجْزِ الْحَالِيِّ كَمَا ذَكَرْنَا وَذَلِكَ لَا يَفُوتُ بِالدَّيْنِ، وَالِانْعِدَامُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُحْدَثَةِ فَإِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَمْ يُجَوِّزُوا عَدِمْته فَانْعَدَمَ؛ لِأَنَّ عَدِمْته بِمَعْنَى لَمْ أَجِدْهُ وَحَقِيقَتُهُ تَعُودُ إلَى قَوْلِك فَاتَ وَلَيْسَ لَهُ مُطَاوِعٌ فَكَذَا لِعَدِمْتُ إذْ لَيْسَ فِيهِ إحْدَاثُ فِعْلٍ، وَذَكَرَ فِي الْمُفَصَّلِ وَلَا يَقَعُ يَعْنِي انْفَعَلَ إلَّا حَيْثُ يَكُونُ عِلَاجٌ وَتَأْثِيرٌ، وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُهُمْ انْعَدَمَ خَطَأً إلَّا أَنَّهُ لَمَّا شَاعَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْكُتُبِ صَارَ اسْتِعْمَالُهُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْفَهْمِ، وَلِهَذَا قِيلَ الْخَطَأُ الْمُسْتَعْمَلُ أَوْلَى مِنْ الصَّوَابِ النَّادِرِ.
قَوْلُهُ (وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ) وَهُوَ أَنَّ بَقَاءَ الْقُدْرَةِ الْمُيَسِّرَةِ شَرْطٌ لِبَقَاءِ مَا تَعَلَّقَ بِهَا يَخْرُجُ مَسْأَلَةُ الْعُشْرِ، يُسْتَغْنَى عَنْ قِيَامِ تِسْعَةِ الْأَعْشَارِ يَعْنِي الْقُدْرَةَ عَلَى أَدَاءِ مَا هُوَ عُشْرٌ مِنْ الْجُمْلَةِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى تِسْعَةِ الْأَعْشَارِ بِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِهِ وَإِنْ افْتَقَرَتْ إلَيْهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ عُشْرٌ كَمَا أَنَّ الْجُزْءَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْكُلِّ نَظَرًا إلَى ذَاتِهِ فَأَمَّا مِنْ حَيْثُ هُوَ جُزْءٌ فَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ، بِأَرْضٍ نَامِيَةٍ بِالْخَارِجِ أَيْ بِالنَّمَاءِ الْحَقِيقِيِّ.
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الْخَرَاجُ يَسْقُطُ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْعُشْرَ يَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْخَارِجِ فَكَذَا الْخَرَاجُ يَسْقُطُ، إذَا اصْطَلَمَ الزَّرْعَ أَيْ اسْتَأْصَلَهُ آفَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَمَاءِ الْأَرْضِ كَالْعُشْرِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ سَبِخَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَسْلَمْ الْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِأَنْ زَرَعَهَا وَلَمْ تُخْرِجْ شَيْئًا أَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ ثُمَّ نَضَبَ عَنْهَا الْمَاءُ فِي وَقْتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى زِرَاعَتِهَا قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقُدْرَةٍ مُيَسِّرَةٍ إلَّا أَنَّ النَّمَاءَ التَّقْدِيرِيَّ بِأَنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الزِّرَاعَةِ فِي وَقْتِهَا كَافٍ لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ اعْتِبَارُ النَّمَاءِ التَّقْدِيرِيِّ فِي الْخَرَاجِ لِكَوْنِ الْوَاجِبِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الْخَارِجِ فَلَا يُجْعَلُ تَقْصِيرُهُ عُذْرًا فِي إبْطَالِ حَقِّ الْغُزَاةِ وَيُجْعَلُ النَّمَاءُ مَوْجُودًا حُكْمًا لِتَقْصِيرِهِ حَيْثُ عَطَّلَهَا مَعَ التَّمَكُّنِ كَمَا يُجْعَلُ مَوْجُودًا بَعْدَ حَوَلَانِ الْحَوْلِ فِي مَالِ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ إضَافِيٌّ فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ إلَّا فِي النَّمَاءِ الْحَقِيقِيِّ وَبِخِلَافِ مَا إذَا أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَصِّرْ حَيْثُ لَمْ يُعَطِّلْهَا إلَّا أَنَّهُ أُصِيبَ فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى اسْتِيصَالِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْدَ الِاصْطِلَامِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا اسْتِغْلَالُ الْأَرْضِ إلَى آخِرِ السَّنَةِ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ أَيْضًا كَذَا سَمِعْت مِنْ شَيْخِي قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ.
، قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمِمَّا حُمِدَ مِنْ سِيَرِ الْأَكَاسِرَةِ أَنَّهُمْ إذَا أَصَابَ زَرْعَ بَعْضِ الرَّعِيَّةِ آفَةٌ غَرِمُوا لَهُ مَا أَنْفَقَ فِي الزِّرَاعَةِ مِنْ بَيْتِ مَالِهِمْ وَقَالُوا التَّاجِرُ شَرِيكٌ فِي الْخُسْرَانِ كَمَا هُوَ شَرِيكٌ فِي الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ الْإِمَامُ شَيْئًا فَلَا أَقَلّ مِنْ أَنْ لَا يُغَرِّمَهُ الْخَرَاجَ.
قَوْلُهُ (وَبِدَلِيلِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَتَقْدِيرُهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِسَلَامَةِ الْخَارِجِ وَبِدَلِيلِ كَذَا، حُطَّ إلَى نِصْفِ الْخَارِجِ يَعْنِي الْخَرَاجَ كُلَّهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ إذَا لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْخَارِجِ فَإِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ حُطَّ إلَى نِصْفِ الْخَارِجِ لِيَسْلَمَ لَهُ النِّصْفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالتَّنْصِيفُ عَيْنُ الْأَنْصَافِ فَلَوْ كَانَ الْخَارِجُ مَثَلًا يُسَاوِي دِينَارًا وَالْوَاجِبُ دِينَارٌ أَنْ يَجِبَ نِصْفُ دِينَارٍ.
قَوْلُهُ (وَهَذَا) أَيْ جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الزَّكَاةِ وَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ مُخَالِفٌ لِلْحَجِّ الَّذِي قَاسَهَا الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا وَجَبَ بِمِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ لَمْ يَسْقُطْ بِفَوْتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا أَيْ عِبَادَةُ الْحَجِّ وَجَبَتْ بِشَرْطِ الْقُدْرَةِ دُونَ صِفَةِ الْيُسْرِ فَإِنَّهُ تَعَالَى شَرَطَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 210
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست