responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 202
وَهَذِهِ لَمَّا كَانَتْ مُيَسَّرَةً غَيَّرَتْ صِفَةَ الْوَاجِبِ فَجَعَلَتْهُ سَمْحًا سَهْلًا لَيِّنًا فَيُشْتَرَطُ بَقَاءُ هَذِهِ الْقُدْرَةِ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ لَا لِمَعْنَى أَنَّهَا شَرْطٌ لَكِنْ لِمَعْنَى تَبَدُّلِ صِفَةِ الْوَاجِبِ بِهَا فَإِذَا انْقَطَعَتْ هَذِهِ الْقُدْرَةُ بَطَلَ ذَلِكَ الْوَصْفُ فَيَبْطُلُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بِدُونِ ذَلِكَ الْوَصْفِ وَلِهَذَا قُلْنَا الزَّكَاةُ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ النِّصَابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَدَنِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ شَقِيقُ الرُّوحِ مَحْبُوبُ النَّفْسِ فِي حَقِّ الْعَامَّةِ وَالْمُفَارَقَةُ عَنْ الْمَحْبُوبِ بِالِاخْتِيَارِ أَمْرٌ شَاقٌّ إلَيْهِ أَشَارَ أَبُو الْيُسْرِ، وَفَرْقُ مَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَيْ الْقُدْرَتَيْنِ أَنَّ الْأُولَى لَمَّا شُرِطَتْ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِهَا صِفَةُ الْوَاجِبِ إذْ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِدُونِهَا فَكَانَتْ شَرْطًا مَحْضًا لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْعِلَّةِ بِوَجْهٍ وَالشَّرْطُ الْمَحْضُ لَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهُ لِبَقَاءِ الْمَشْرُوطِ كَالطَّهَارَةِ شَرْطٌ لِجَوَازِ الصَّلَاةِ وَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهَا لِبَقَاءِ الْجَوَازِ وَكَالشُّهُودِ فِي بَابِ النِّكَاحِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَهَذِهِ أَيْ الْقُدْرَةُ الْمُيَسِّرَةُ، غَيَّرَتْ صِفَةَ الْوَاجِبِ صِفَةً لِمَوْصُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ مُيَسِّرَةٌ.
وَقَوْلُهُ شَرْطٌ جَوَابٌ لِمَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَشَرْطٌ بِالْفَاءِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ غَيَّرَتْ جَوَابٌ لِمَا، وَقَوْلُهُ فَجَعَلَتْهُ تَفْسِيرًا لِلتَّغْيِيرِ، وَقَوْلُهُ سَمْحًا سَهْلًا لَيِّنًا أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَهَذِهِ الْقُدْرَةُ لَمَّا كَانَتْ قُدْرَةً مُيَسِّرَةً مُغَيِّرَةً صِفَةَ الْوَاجِبِ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ إلَى صِفَةِ السُّهُولَةِ شُرِطَ بَقَاؤُهَا لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ.
، وَلَيْسَ مَعْنَى التَّغْيِيرِ أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا أَوَّلًا بِقُدْرَةٍ مُمْكِنَةٍ بِصِفَةِ الْعُسْرِ ثُمَّ تُغَيَّرُ بِاشْتِرَاطِ هَذِهِ الْقُدْرَةِ إلَى وَصْفِ الْيُسْرِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا بِقُدْرَةٍ مُمَكِّنَةٍ لَكَانَ جَائِزًا فَلَمَّا تَوَقَّفَ الْوُجُوبُ عَلَى هَذِهِ الْقُدْرَةِ دُونَ الْمُمَكِّنَةِ صَارَ كَأَنَّ الْوَاجِبَ تَغَيَّرَ مِنْ الْعُسْرِ إلَى الْيُسْرِ بِوَاسِطَتِهَا فَكَانَتْ مُغَيِّرَةً وَصَارَتْ شَرْطًا فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ فَيُشْتَرَطُ دَوَامُهَا بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْعِلَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا شَرْطٌ، وَلَا يُقَالُ بَقَاءُ الْحُكْمِ يَسْتَغْنِي عَنْ بَقَاءِ الْعِلَّةِ أَيْضًا كَاسْتِغْنَاءِ الْمَشْرُوطِ عَنْ بَقَاءِ الشَّرْطِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ دَوَامُهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ الْبَقَاءُ بِدُونِ الْعِلَّةِ كَالرَّمْلِ فِي الْحَجِّ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَبَقَاءُ الْعِلَّةِ شَرْطٌ وَهَهُنَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ الْيُسْرَ لَا يَبْقَى بِدُونِهَا وَالْوَاجِبُ لَا يَبْقَى بِدُونِ هَذَا الْوَصْفِ، لِمَعْنَى تَبَدُّلِ صِفَةِ الْوَاجِبِ أَيْ مِنْ الْعُسْرِ إلَى الْيُسْرِ، ذَلِكَ الْوَصْفُ أَيْ الْيُسْرُ، فَيَبْطُلُ الْحَقُّ أَيْ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى وَجَبَ بِصِفَةٍ لَا تَبْقَى إلَّا بِتِلْكَ الصِّفَةِ.
قَوْلُهُ (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِاشْتِرَاطِ بَقَاءِ هَذِهِ الْقُدْرَةِ لِبَقَاءِ الْوَاجِبِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهَا قُلْنَا الزَّكَاةُ تَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَالِ عِنْدَنَا وَكَذَا الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ عَلَّقَ وُجُوبَهُ أَيْ وُجُوبَ هَذَا الْوَاجِبِ بِقُدْرَةٍ مُيَسِّرَةٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ وَلَمْ يُؤَدِّ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ ثُمَّ بِهَلَاكِ الْمَالِ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ لِعَدَمِ مَا يُؤَدِّي بِهِ وَمَنْ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ لَمْ يَبْرَأْ بِالْعَجْزِ عَنْ الْأَدَاءِ فَبَقِيَ عَلَيْهِ إلَى الْآخِرَةِ كَمَا فِي دُيُونِ الْعِبَادِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْحَجِّ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْ النِّصَابِ فَلَمَّا لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى ذَهَبَ الْمَالُ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ صَارَ مُفَوِّتًا لِلْحَقِّ عَنْ مَحِلِّهِ فَيَضْمَنُ كَمَنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى ذَهَبَ الْوَقْتُ، وَلَنَا أَنَّ الْحَقَّ الْمُسْتَحَقَّ إذَا وَجَبَ بِوَصْفٍ لَا يَبْقَى إلَّا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ عَيْنُ الْوَاجِبِ ابْتِدَاءً لَا غَيْرُهُ كَالْمِلْكِ إذَا ثَبَتَ مَبِيعًا يَبْقَى كَذَلِكَ وَإِنْ ثَبَتَ هِبَةً تَبْقَى كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ مَالٍ وَهَذَا الْوَاجِبُ وَجَبَ بَعْدَ نَمَاءِ الْمَالِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ هَلَاكِ ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي هُوَ نَمَاءٌ لَا تُقْلَبُ غَرَامَةً يَأْتِي عَلَى أَصْلِ مَالِهِ.
(فَإِنْ قِيلَ) الْبَاقِي عِنْدِي غَيْرُ الْوَاجِبِ ابْتِدَاءً بَلْ هُوَ مِثْلُهُ ضَمِنَهُ بِالتَّفْوِيتِ عَنْ وَقْتِهِ وَهُوَ أَوَّلُ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ كَتَفْوِيتِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ عَنْ الْوَقْتِ أَوْ بِالْمَنْعِ عَنْ الْفَقِيرِ بَعْدَ تَعَيُّنِ مِقْدَارِ الْوَاجِبِ مَحِلًّا لِلصَّرْفِ إلَى الْفَقِيرِ كَمَنْعِ الرَّهْنِ عَنْ الْمُرْتَهِن.
(قُلْنَا) الزَّكَاةُ لَيْسَتْ بِمُوَقَّتَةٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَفْوِيتُهَا عَنْ الْوَقْتِ وَكَذَا الْمَنْعُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إلَّا بِتَحَقُّقِ يَدِ الْغَاصِبِ عَلَى الْمَالِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست