responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 172
إلَّا أَنْ يُثْبِتَ إحْرَازُهَا بِوِلَايَةِ الْعَقْدِ حُكْمًا شَرْعِيًّا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْعَقْدِ فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْعَقْدِ بَلْ يَثْبُتُ التَّقَوُّمُ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ خَاصَّةً وَلِأَنَّ التَّقَوُّمَ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ ثَبَتَ لِقِيَامِ الْعَيْنِ مَقَامَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْإِجْمَاعِ وَالْعَقْدُ لَا يَجْعَلُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ مَالًا وَلَا مَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ مُتَقَوِّمًا كَوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَى الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا أَمْوَالٌ مُتَقَوِّمَةٌ وَقَدْ تَحَقَّقَ إتْلَافُهَا؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالشَّيْءِ إتْلَافٌ لِمَنَافِعِهِ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَلِعُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي نَفْيِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَ الْمَنْفَعَةِ وَالْعَيْنِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا نَفْيُهَا بِنَفْيِ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ أَصْلًا، وَثَانِيهِمَا بِإِثْبَاتِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَالِيَّةِ بَيْنَهُمَا، بَيَانُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَلَا بِمُتَقَوِّمَةٍ فَلَا تُضْمَن بِالْإِتْلَافِ بِالْمَالِ كَالْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْمَالِيَّةِ لِلشَّيْءِ بِالتَّمَوُّلِ وَالتَّمَوُّلُ عِبَارَةٌ عَنْ صِيَانَةِ الشَّيْءِ وَادِّخَارِهِ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ لَا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْإِتْلَافِ فَإِنَّ الْأَكْلَ لَا يُسَمَّى تَمَوُّلًا وَالْمَنَافِعُ لَا تَبْقَى وَقْتَيْنِ بَلْ كَمَا تُوجَدُ تَتَلَاشَى فَكَيْفَ يَرِدُ عَلَيْهَا التَّمَوُّلَ، وَكَذَا التَّقَوُّمُ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الضَّمَانِ وَمَبْنَاهُ لَا يَسْبِقُ الْوُجُودَ فَإِنَّ الْمَعْدُومَ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ إذْ الْمَعْدُومُ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَبَعْدَ الْوُجُودِ التَّقَوُّمُ لَا يَسْبِقُ الْأَحْرَازَ كَالصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ وَالْأَحْرَازُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُتَقَوِّمًا.
وَلَا يُقَالُ الْمَنَافِعُ تُوجَدُ مُحْرَزَةً ضَرُورَةً إحْرَازَ مَا قَامَتْ هِيَ بِهِ، لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنَّهَا يَكُونُ مُحْرَزَةً لِلْغَاصِبِ لَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِحْرَازُ الْغَاصِبِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ كَمَا فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ عِنْدَنَا، وَلَوْ كَانَتْ مُحْرَزَةً لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إحْرَازٌ ضِمْنِيٌّ لَا قَصْدِيٌّ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَالْحَشِيشِ النَّابِتِ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْإِتْلَافِ وَإِنْ كَانَ مُحْرَزًا ضِمْنًا لِإِحْرَازِ الْأَرْضِ.
وَعَلَى هَذَا نَقُولُ الْإِتْلَافُ يُتَصَوَّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُحِلُّ الْمَعْدُومَ وَلَا يَأْتِي مُقْتَرِنًا بِالْوُجُودِ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ فَيَمْتَنِعُ الْوُجُودُ وَإِنَّمَا يَأْتِي بَعْدَهُ وَهِيَ لَا تَبْقَى فِي الزَّمَانِ الثَّانِي لَيُحِلُّهُ الْإِتْلَافُ وَإِثْبَاتُ الْحُكْمِ بِدُونِ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ لَا يَجُوزُ، وَبَيَانُ الثَّانِي أَنَّ ضَمَانَ الْعُدْوَانِ مُقَدَّرٌ بِالْمِثْلِ بِالنَّصِّ وَالْمَنَافِعُ وَإِنْ كَانَتْ أَمْوَالًا مُتَقَوِّمَةً فَهِيَ دُونَ الْأَعْيَانِ فِي الْمَالِيَّةِ فَلَا تُضْمَنُ بِالْأَعْيَانِ كَمَا لَا تُضْمَنُ الدُّيُونُ بِالْعَيْنِ وَالرَّدِيءُ بِالْجَيِّدِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تُقَوَّمُ بِالْعَيْنِ وَالْعَيْنُ تُقَوَّمُ بِنَفْسِهَا وَمَا يُقَوَّمُ بِغَيْرِهِ تَبَعٌ لَهُ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ التَّبَعِ وَالْمَتْبُوعِ ظَاهِرٌ.
وَكَذَا الْمَنَافِعُ لَا تَبْقَى وَقْتَيْنِ وَالْعَيْنُ أَوْقَاتًا وَبَيْنَ مَا تَبْقَى وَبَيْنَ مَا لَا تَبْقَى تَفَاوُتٌ عَظِيمٌ ثُمَّ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِ الشَّيْءِ مِثْلًا لِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مِثْلًا لَهُ إذْ هُوَ اسْمٌ إضَافِيٌّ كَالْأَخِ وَالْعَيْنُ لَا تُضْمَنُ فِي بَابِ الْعُدْوَانِ بِالْمَنْفَعَةِ قَطُّ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَهُمَا، يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تُضْمَنُ بِالْمَنْفَعَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ حَتَّى أَنَّ الْحَجَرَ فِي خَانٍ وَاحِدٍ عَلَى تَقْطِيعٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ مَنْفَعَةُ أَحَدَيْهِمَا مِثْلًا لِمَنْفَعَةِ الْأُخْرَى عِنْدَ الْإِتْلَافِ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنْفَعَةِ أَظْهَرُ مِنْهَا بَيْنَ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ فَلَأَنْ لَا يَضْمَنَ الْمَنْفَعَةَ بِالْعَيْنِ وَهِيَ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ أَوْلَى فَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَشَارَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَ بِمِثْلٍ لَهَا إلَى آخِرِهِ إلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ وَبِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ مَا يَبْقَى إلَى آخِرِهِ إلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَثْبُتَ إحْرَازُهَا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِمَا لَا يَبْقَى صِفَةُ التَّقَوُّمِ أَيْ وَلَيْسَ لِمَا لَا يَبْقَى صِفَةُ التَّقَوُّمِ حَقِيقَةً إلَّا أَنْ يَثْبُتَ إحْرَازُهَا شَرْعًا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَتَقَوَّمُ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ قَدْ ثَبَتَتْ لَهَا صِفَةُ التَّقَوُّمِ فِي بَابِ الْعَقْدِ مَعَ اسْتِحَالَةِ إحْرَازِهَا حَقِيقَةً لِعَدَمِ بَقَائِهَا زَمَانَيْنِ فَجَازَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 172
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست