responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 171
إلَّا بِالْقَضَاءِ وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ مَنَافِعَ الْأَعْيَانِ بِالْإِتْلَافِ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَ بِمِثْلٍ لَهَا صُورَةً وَلَا مَعْنًى أَمَّا الصُّورَةُ فَلَا شَكَّ فِيهَا وَأَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ إذَا وُجِدَتْ كَانَتْ إعْرَاضًا لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ وَلَيْسَ لِمَا لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ صِفَةُ التَّقَوُّمِ؛ لِأَنَّ التَّقَوُّمَ لَا يَسْبِقُ الْوُجُودَ وَبَعْدَ الْوُجُودِ التَّقَوُّمُ لَا يَسْبِقُ الْإِحْرَازَ وَالِاقْتِنَاءُ، وَالْإِعْرَاضُ لَا يَقْبَلُ هَذِهِ الْأَوْصَافَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَ ذَلِكَ، وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ لَمَّا انْقَطَعَ الْمِثْلُ فَقَطْ اُلْتُحِقَ بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ فِي وُجُوبِ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَالْخَلَفُ إنَّمَا يَجِبُ بِالسَّبَبِ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْأَصْلُ وَذَلِكَ الْغَصْبُ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ.
وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ أَصْلُ الْغَصْبِ أَوْجَبَ الْمِثْلَ خَلَفًا عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ وَصَارَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُوجِبُ الْقِيمَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْوَاحِدَ لَا يُوجِبُ ضَمَانَيْنِ وَلَكِنَّ الْمَصِيرَ إلَى الْقِيمَةِ لِلْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ الْمِثْلِ وَذَلِكَ بِالِانْقِطَاعِ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِآخِرِ يَوْمٍ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ فَانْقَطَعَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَوْلُهُ (وَلِهَذَا لَمْ يَضْمَنْ مَنَافِعَ الْأَعْيَانِ إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَلِكَوْنِ الْمِثْلِ الْكَامِلِ أَوْ الْقَاصِرِ شَرْطًا فِي الْقَضَاءِ قُلْنَا لَا يَضْمَنُ الْمَنَافِعَ بِالْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمِثْلِ لِلْمَنَافِعِ لَا كَامِلًا وَلَا قَاصِرًا، أَوْ مَعْنَاهُ وَلِكَوْنِ الْعَجْزِ مُسْقِطًا لِلضَّمَانِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ كَمَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَوْ غَصَبَ زَوْجَةَ إنْسَانٍ أَوْ وَلَدَهُ وَهَلَكَ عِنْدَهُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ لِلْعَجْزِ قُلْنَا لَا يَضْمَنُ الْمَنَافِعَ بِالْإِتْلَافِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمِثْلِ.
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَلَا بِإِتْلَافٍ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُضْمَنُ بِهِمَا وَصُورَةُ الْغَصْبِ أَنْ يُمْسِكَ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ مُدَّةً وَلَا يَسْتَعْمِلُهَا وَصُورَةُ الْإِتْلَافِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا بِأَنْ يَسْتَخْدِمَ الْعَبْدَ أَوْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ أَوْ يَسْكُنَ الْبَيْتَ.
ثُمَّ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ لَيْسَ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ بَلْ هُوَ بِنَاءً عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ عَلَى الْغَاصِبِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ هُوَ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ بِإِثْبَاتِ يَدِ الْمُبْطِلَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِزَالَةُ فِي الزَّوَائِدِ لِحُدُوثِهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَكَذَلِكَ الْمَنَافِعُ أَزْهَى زَوَائِدَ تَحْدُثُ فِي الْعَيْنِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَعِنْدَهُ هِيَ مَضْمُونَةٌ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَيْسَ إلَّا إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ وَقَدْ يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الزَّوَائِدِ فَكَذَلِكَ الْمَنَافِعُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تَثْبُتُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ كَمَا تَثْبُتُ عَلَى الْعَيْنِ.
فَأَمَّا الْخِلَافُ فِي الْإِتْلَافِ فَبِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمِثْلِ وَعَدَمِهَا لَا عَلَى إثْبَاتِ الْيَدِ وَإِزَالَتِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّوَائِدَ تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ بِلَا خِلَافٍ فَتَحَقَّقَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّيْخَ إنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِالْإِتْلَافِ احْتِرَازًا عَنْ الْغَصْبِ وَبِقَوْلِهِ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي احْتِرَازًا عَنْ الْإِتْلَافِ بِالْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ، ثُمَّ مَنَافِعُ الْحُرِّ مَضْمُونَةٌ بِالْإِتْلَافِ عِنْدَهُ قَوْلًا وَاحِدًا حَتَّى لَوْ اسْتَسْخَرَ حُرًّا وَاسْتَعْمَلَهُ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَغَيْرُ مَضْمُونَةٍ بِالْغَصْبِ فِي قَوْلٍ حَتَّى اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَحَبَسَهُ حَتَّى تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْحُرِّ تَحْتَ يَدِهِ وَلَا يَدَ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ كَثِيَابِ بَدَنِهِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ.
وَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسْأَلَةِ الْإِتْلَافِ أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ مُتَقَوِّمَةٌ فَتُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ كَالْأَعْيَانِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّهَا أَمْوَالٌ بِدَلِيلِ الْحَقِيقَةِ وَالْعُرْفِ وَالْحُكْمِ، أَمَّا الْحَقِيقَةُ فَلِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ الْآدَمِيِّ خُلِقَ لِمَصَالِحِ الْآدَمِيِّ وَالْمَنَافِعُ مِنَّا أَوْ مِنْ غَيْرِنَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَكَيْفَ لَا وَالْمَصْلَحَةُ فِي التَّحْقِيقِ تَقُومُ بِمَنَافِعِ الْأَشْيَاءِ لَا بِذَوَاتِهَا، وَالذَّوَاتُ تَصِيرُ مُتَقَوِّمَةً وَمَالًا بِمَنَافِعِهَا، إذْ كُلُّ شَيْءٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا يَكُونُ مَالًا فَكَيْفَ يَسْقُطُ حُكْمُ الْمَالِيَّةِ وَالتَّقَوُّمِ عَنْهَا.
وَأَمَّا الْعُرْفُ فَلِأَنَّ الْأَسْوَاقَ إنَّمَا تَقُومُ بِالْمَنَافِعِ وَالْأَعْيَانِ جَمِيعًا فَإِنَّ الْحَجَرَ وَالْخَانَاتِ إنَّمَا بُنِيَتْ لِلتِّجَارَةِ وَقَدْ يَسْتَأْجِرُ الْمَرْءُ جُمْلَةً وَيُؤَاجِرُ مُتَفَرِّقًا لِابْتِغَاءِ الرِّبْحِ كَمَا يَشْتَرِي جُمْلَةً وَيَبِيعُ مُتَفَرِّقًا.
وَأَمَّا الْحُكْمُ فَلِأَنَّهَا فِي الشَّرْعِ عُدْت أَمْوَالًا مُتَقَوِّمَةً حَتَّى صَلُحَتْ مَهْرًا وَوَرَدَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَضُمِنَتْ بِالْمَالِ فِي الْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 171
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست