responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 116
وَكَذَلِكَ دَلَالَةُ الْإِجْمَاعِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ مَنْ أَرَادَ طَلَبَ فِعْلِ لَمْ يَكُنْ فِي وُسْعِهِ أَنْ يَطْلُبَهُ إلَّا بِلَفْظِ الْأَمْرِ، وَالدَّلِيلُ الْمَعْقُولُ أَنَّ تَصَارِيفَ الْأَفْعَالِ وُضِعَتْ لَمَعَانٍ عَلَى الْخُصُوصِ كَسَائِرِ الْعِبَارَاتِ فَصَارَ مَعْنَى الْمُضِيِّ لِلْمَاضِي حَقًّا لَازِمًا إلَّا بِدَلِيلٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالضَّمِيرُ فِي أَمْرِهِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، أَوْ لِلرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى قَوْلِهِ {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] وَالدُّعَاءُ عَلَى طَرِيقِ الْعُلُوِّ مِمَّنْ هُوَ مُفْتَرِضُ الطَّاعَةِ أَمْرٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذُكِرَ عَنْ الْمُبَرِّدِ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا تَجْعَلُوا أَمْرَهُ إيَّاكُمْ وَدُعَاءَهُ لَكُمْ إلَى شَيْءٍ كَمَا يَكُونُ مِنْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ إذْ كَانَ أَمْرُهُ فَرْضًا لَازِمًا قَالَ وَمِثْلُهُ قَوْله تَعَالَى {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَصْدَرُ مُضَافًا إلَى الْفَاعِلِ {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63] مِحْنَةٌ فِي الدُّنْيَا وَيُصِيبُهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الْآخِرَةِ.
، وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ أَنَّهُ تَعَالَى أَلْحَقَ الْوَعِيدَ بِمُخَالَفَةِ أَمْرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُطْلَقًا وَمُخَالَفَةُ أَمْرِهِ هِيَ تَرْكُ مَا أَمَرَ بِهِ إذْ الْمُخَالَفَةُ ضِدُّ الْمُوَافَقَةِ وَمُوَافَقَتُهُ إتْيَانٌ بِمَا أَمَرَ بِهِ فَيَكُونُ مُخَالَفَتُهُ تَرْكُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُخَالَفَةُ أَمْرِهِ حَرَامًا مُطْلَقًا لَمَا أَلْحَقَ الْوَعِيدَ بِهِ وَإِذَا كَانَ مُخَالَفَةُ أَمْرِهِ، وَهِيَ تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ مُطْلَقًا حَرَامًا يَكُونُ الْإِتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَاجِبًا ضَرُورَةً وَإِذَا كَانَ إتْيَانُ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ وَاجِبًا كَانَ الْإِتْيَانُ بِمَا أَمَرَ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى كَذَلِكَ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى كَذَا فِي الْمِيزَانِ وَغَيْرِهِ، وَفِي التَّمَسُّكِ بِهَذِهِ الْآيَةِ اعْتِرَاضَاتٌ مَعَ أَجْوِبَتِهَا صَفَحْنَا عَنْ ذِكْرِهَا احْتِرَازًا عَنْ الْإِطْنَابِ (قَوْلُهُ) ، وَكَذَلِكَ دَلَالَةُ الْإِجْمَاعِ أَيْ الْإِجْمَاعُ فِي صُورَةٍ أُخْرَى يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْمَطْلُوبِ هَهُنَا، وَهُوَ أَنَّ الْعُقَلَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَطْلُبَ فِعْلًا مِنْ غَيْرِهِ لَا يَجِدُ لَفْظًا مَوْضُوعًا لِإِظْهَارِ مَقْصُودِهِ سِوَى صِيَغِ الْأَمْرِ فَهَذَا الْإِجْمَاعُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْأَمْرِ وُجُودُ الْفِعْلِ وَأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَقِمْ طَلَبُهُمْ الْفِعْلَ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ وَالدَّلَالَةُ تَعْمَلُ عَمَلَ الصَّرِيحِ إذَا لَمْ يُوجَدْ صَرِيحٌ يُخَالِفُهُ فَيَثْبُتُ بِهَا الْمُدَّعِي، وَنَظِيرُهُ إثْبَاتُ نَجَاسَةِ سُؤْرِ الْكَلْبِ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ، فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ الْمُنْعَقِدَ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ سُؤْرِهِ؛ لِأَنَّ لِسَانَهُ يُلَاقِي الْمَاءَ دُونَ الْإِنَاءِ فَلَمَّا تَنَجَّسْ الْإِنَاءُ فَالْمَاءُ أَوْلَى.
، وَلَا يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا لَفْظًا لِإِظْهَارِ هَذَا الْمَقْصُودِ سِوَى الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ أَوْجَبْت عَلَيْك كَذَا أَوْ أَلْزَمْت أَوْ أَطْلُبُ مِنْك كَذَا وَأَمْثَالُهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَوْ قَالَ أَوْجَبْت عَلَيْكُمْ كَذَا أَوْ أَلْزَمْت كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ افْعَلُوا كَذَا فِي وُجُوبِ الْفِعْلِ بِالِاتِّفَاقِ، لِأَنَّا نَقُولُ لَا دَلَالَةَ لِمَا ذَكَرْت عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْ صِيَغِ الْأَمْرِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالطَّلَبِ لَا إنْشَاءٌ وَكَلَامُنَا فِيهِ؛ وَلِهَذَا يَجْرِي فِيهِ التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ وَلَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي الْإِنْشَاءِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْإِنْشَاءُ، وَيَصِيرُ كِنَايَةً عَنْ الْأَمْرِ فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ بِهِ الْإِلْزَامُ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ كَمَا عُرِفَ وَصَارَ مَعْنَاهُ أَوْجَبْت عَلَيْك كَذَا لِأَنِّي أَمَرْتُك بِهِ، كَسَائِرِ الْعِبَارَاتِ مِنْ الْأَسَامِي مِثْلُ رَجُلٍ وَفَرَسٍ وَحِمَارٍ وَالْحُرُوفُ مِثْلُ مِنْ وَعَنْ وَإِلَى وَعَلَى، إلَّا بِدَلِيلٍ كَلُحُوقِ حَرْفِ الشَّرْطِ بِهِ فِي قَوْلِك إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ وَكَعَدِمِ إمْكَانِ إجْرَائِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِثْلُ الْإِخْبَارِ عَنْ أُمُورِ الْقِيَامَةِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر: 34] {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} [الزمر: 74] {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الزمر: 71] {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا} [الزمر: 73] ، عَبَّرَ بِهَا عَنْ الْمَاضِي لِتَحَقُّقِهِ وَكَوْنِهِ ثَابِتًا لَا مَحَالَةَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست