responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 115
وَقَالَ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [الروم: 25] فَقَدْ نَسَبَ وَأَضَافَ الْقِيَامَ إلَى الْأَمْرِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى حَقِّيَّةَ الْوُجُودِ مَقْصُودًا بِالْأَمْرِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63]
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِيجَابُ حَامِلٌ عَلَى الْوُجُودِ فَصَارَ الْوُجُودُ مُضَافًا إلَى الْأَمْرِ بِوَاسِطَةِ الْوُجُوبِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّرِيقَ الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْأَمْرِ لِلْوُجُودِ ثُمَّ نُقِلَ إلَى الْوُجُوبِ لِمَا سَنَذْكُرُهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يُشِيرُ إلَى أَنَّ أَصْلَهُ لِلْوُجُوبِ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِلْإِيجَادِ اسْتِعَارَةُ السَّبَبِ لِلْمُسَبَّبِ (فَإِنْ قِيلَ) فَعَلَى مَا اخْتَارَ الشَّيْخُ فِي هَذَا الْكِتَابِ يَلْزَمُ مِنْهُ الْأَمْرُ لِلْمَعْدُومِ وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الْفَهْمُ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَا بِمَأْمُورَيْنِ لِعَدَمِ الْفَهْمِ وَالْمَعْدُومُ سَوَاءٌ حَالًا مِنْهُمَا.
(قُلْنَا) هَذَا أَمْرُ تَكْوِينٍ لَا أَمْرُ تَكْلِيفٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْفَهْمِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِمْكَانِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَمْرَ التَّكْلِيفِ الَّذِي مِنْ شَرْطِهِ الْوُجُودُ وَالْفَهْمُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْدُومِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ الَّذِي سَيُوَحِّدُ يَصِيرُ مَأْمُورًا وَمُكَلَّفًا بِالْأَمْرِ الْأَزَلِيِّ الْقَائِمِ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ السَّابِقِ عَلَى زَمَانِ وُجُودِ هَذَا الشَّخْصِ؛ وَلِهَذَا كُنَّا مَأْمُورِينَ بِأَوَامِرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ وَإِنْ كُنَّا مَعْدُومِينَ حِينَئِذٍ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ فَهُوَ مُعَانِدٌ، فَكَذَلِكَ يَصِحُّ أَمْرُ التَّكْوِينِ عَلَى تَقْدِيرِ مَا تُصَوِّرَ كَوْنُهُ فِي عِلْمِهِ إلَى هَذَا أُشِيرَ فِي عَيْنِ الْمَعَانِي، وَأُجِيبَ عَنْهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْمَعْدُومِ إنَّمَا لَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ فَائِدَةٌ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ أَعْظَمُ الْفَوَائِدِ هَهُنَا، وَهُوَ الْوُجُودُ فَلِذَلِكَ صَحَّ، وَهَلْ يُسَمَّى الْأَمْرُ لِلْمَعْدُومِ فِي الْأَزَلِ أَمْرًا وَخِطَابًا الْحَقُّ أَنَّهُ يُسَمَّى أَمْرًا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ هُوَ الطَّلَبُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْأَزَلِ وَلَا يُسَمَّى خِطَابًا عُرْفًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنَّا أَنْ نَقُولَ أَمَرَنَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِكَذَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ نَقُولَ خَاطَبَنَا بِكَذَا قَوْله تَعَالَى (وَمِنْ آيَاتِهِ الْآيَةُ) أَيْ وَمِنْ آيَاتِهِ قِيَامُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاسْتِمْسَاكُهُمَا بِغَيْرِ عَمْدٍ، قَالَ الْفَرَّاءُ: أَنْ تَدُومَا قَائِمَتَيْنِ أَيْ ثَابِتَتَيْنِ تَمَامًا لِمَنَافِع الْخَلْقِ، بِأَمْرِهِ بِأَنْ أَمَرَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ لَهُمَا كُونَا قَائِمَتَيْنِ، وَقِيلَ بِإِقَامَتِهِ وَتَدْبِيرِهِ، وَسِيَاقُ كَلَامِ الشَّيْخِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ عِبَارَةٌ عَنْ الْوُجُودِ عِنْدَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ كَمَا اخْتَارَ هَهُنَا فَالتَّمَسُّكُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ، " وَمَقْصُودًا " حَالٌ عَنْ الْوُجُودِ وَالْعَامِلُ فِيهَا حَقِّيَّةَ إذْ هِيَ مَصْدَرٌ وَالتَّقْدِيرُ حَقُّ الْوُجُودِ مَقْصُودًا.
وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً عَنْ الْإِيجَادِ فَهُوَ مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ أَنَّهُ تَعَالَى كَنَّى بِالْأَمْرِ عَنْ إيجَادِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا وَلَا طَرِيقَ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ الْأَمْرُ إيجَابًا حَتَّى يُحْمَلَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْإِيجَادِ فَيَحْصُلُ الْوُجُودُ فَيَصِيرُ الْأَمْرُ سَبَبًا لِلْوُجُودِ فَيَصِحُّ الْكِنَايَةُ بِطَرِيقِ السَّبَبِيَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ قَوْله تَعَالَى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ} [النور: 63] الْآيَةُ يُقَالُ خَالَفَنِي فُلَانٌ إلَى كَذَا إذَا قَصَدَهُ وَأَنْتَ مُعْرِضٌ عَنْهُ وَخَالَفَنِي عَنْهُ إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ وَأَنْتَ قَاصِدُهُ، وَيَلْقَاك الرَّجُلُ صَادِرًا عَنْ الْمَاءِ فَتَسْأَلُهُ عَنْ صَاحِبِهِ فَيَقُولُ خَالَفَنِي إلَى الْمَاءِ يُرِيدُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ إلَيْهِ وَارِدًا وَأَنَا ذَاهِبٌ عَنْهُ صَادِرًا، فَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88] يَعْنِي أَنْ أَسْبِقَكُمْ إلَى شَهَوَاتِكُمْ الَّتِي نَهَيْتُكُمْ عَنْهَا لِأَسْتَبِدَّ بِهَا دُونَكُمْ، وَمِنْ الثَّانِي قَوْلُهُ عَزَّ ذِكْرُهُ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] أَيْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ أَمْرِهِ أَيْ يُعْرِضُونَ وَهُمْ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُخَالِفُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُخَالَفٍ فَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ بِذِكْرِ الْمُخَالِفِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ ذِكْرُ الْمُخَالِفِ وَالْمُخَالِفِ عَنْهُ لَا غَيْرُ،

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 115
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست