responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 105
وَإِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْمَوْضُوعِ كَانَ حَقِيقَةً فَتَكُونُ لَازِمَةً إلَّا بِدَلِيلٍ أَلَا تَرَى أَنَّ أَسْمَاءَ الْحَقَائِقِ لَا تَسْقُطُ عَنْ مُسَمَّيَاتِهَا أَبَدًا أَوْ أَمَّا الْمَجَازُ فَيَصِحُّ نَفْيُهُ يُقَالُ لِلْأَبِ الْأَقْرَبُ أَبٌ لَا يَنْفِي عَنْهُ بِحَالٍ وَيُسَمَّى الْجَدُّ أَبًا وَيَصِحُّ نَفْيُهُ ثُمَّ هَهُنَا صَحَّ أَنْ يُقَالَ إنَّ فُلَانًا لَمْ يَأْمُرْ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ مَعَ كَثْرَةِ أَفْعَالِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ بِعِبَارَةِ الْأَمْرِ لَمْ يَسْتَقِمْ نَفْيُهُ وَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: حِينَ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ مَا لَكُمْ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ» «وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ الْمُوَافَقَةَ فِي وِصَالِ الصَّوْمِ فَقَالَ إنِّي أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» فَثَبَتَ أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ لَازِمَةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ هُوَ مُخْتَصًّا بِهَا؛ لِأَنَّا وَجَدْنَا كُلَّ مَقَاصِدِ الْفِعْلِ مُخْتَصَّةً بِالْعِبَارَاتِ الْمَوْضُوعَةِ لَهَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْأَمْرِ مُخْتَصًّا بِالْعِبَارَةِ الْمَوْضُوعَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْمَقَاصِدِ وَإِذَا صَارَ مُخْتَصًّا بِهَا لَا يَثْبُتُ بِالْفِعْلِ قَوْلُهُ (وَإِذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْمَوْضُوعِ كَانَ حَقِيقَةً) يَعْنِي وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِهَذَا الْمَعْنَى عِبَارَةً مَوْضُوعَةً فِي أَصْلِ اللُّغَةِ، وَهِيَ صِيغَةُ افْعَلْ مَثَلًا كَانَتْ حَقِيقَةً فِي هَذَا الْمَعْنَى لَا مَحَالَةَ فَتَكُونُ لَازِمَةً لَهُ، وَالضَّمِيرُ فِي كَانَ وَيَكُونُ عَائِدٌ إلَى أَصْلِ الْمَوْضُوعِ.
وَإِنَّمَا قَالَ لَازِمَةٌ دُونَ لَازِمًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَوْضُوعَ هُوَ الصِّيغَةُ الْمَخْصُوصَةُ فَأَنَّثَ عَلَى تَأْوِيلِ الصِّيغَةِ وَإِذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الْمَوْضُوعِ لَازِمَةً لِهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ بِدُونِهَا فَيُمْتَنَعُ ثُبُوتُهُ بِالْفِعْلِ ضَرُورَةً قَوْلُهُ (إلَّا بِدَلِيلٍ) أَيْ لُزُومُ الصِّيغَةِ الْمَخْصُوصَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى ثَابِتٌ نَظَرًا إلَى أَصْلِ الْوَضْعِ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ أَنَّهُ قَدْ يُسْتَفَادُ بِغَيْرِ الصِّيغَةِ كَمَا يُسْتَفَادُ بِهَا فَحِينَئِذٍ يَنْتَفِيَ اللُّزُومُ وَيَثْبُتَ بِدُونِ الصِّيغَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، ثُمَّ تَعَرَّضَ الشَّيْخُ لِنَفْيِ الِاشْتِرَاكِ عَنْ لَفْظِ الْأَمْرِ الْمُسْتَلْزِمِ لِنَفْيِ الْإِيجَابِ عَنْ الْفِعْلِ بِطَرِيقِ التَّوْضِيحِ فَقَالَ أَلَا تَرَى إلَى آخِرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ: الْفِعْلُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِطَلَبِ الْوُجُودِ مِنْ الْغَيْرِ وَالْفِعْلُ تَحْقِيقُ الْوُجُودِ وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلُ طَلَبِ الْوُجُودِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِطَلَبِ الْوُجُودِ؛ وَإِنْ دَامَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الْوُجُودِ أَصْلًا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ وَإِنْ كَثُرَ إلَّا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مُرْضِيًّا مَحْمُودًا عِنْدَهُ قَوْلُهُ (وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) هَذِهِ مُعَارَضَةٌ لِمَا تَمَسَّكُوا بِهِ مِنْ السُّنَّةِ، وَهِيَ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «خَلَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعْلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَخَلَعَ مَنْ خَلْفَهُ فَقَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى خَلْعِ نِعَالِكُمْ فَقَالُوا رَأَيْنَاك خَلَعْت فَخَلَعْنَا قَالَ إنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِي أَحَدَيْهِمَا قَذَرًا فَخَلَعْتُهُمَا لِذَلِكَ فَلَا تَخْلَعُوا نِعَالَكُمْ» كَذَا فِي شَرْحِ الْآثَارِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إلْقَائِكُمْ نِعَالَكُمْ قَالُوا رَأَيْنَاك أَلْقَيْت نَعْلَيْك فَقَالَ إنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا فَلْيَمْسَحْهُ وَلِيُصَلِّ فِيهِمَا» كَذَا فِي الْمَصَابِيحِ.
وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاصَلَ فَوَاصَلَ أَصْحَابُهُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ وَأَيُّكُمْ مِثْلِي يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» فَفِي إنْكَارِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَيْهِمْ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ لَيْسَ بِمُوجِبٍ إذْ لَوْ كَانَ مُوجِبًا كَالْأَمْرِ لَمْ يَكُنْ لِإِنْكَارِهِ مَعْنًى كَمَا لَوْ كَانَ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ وَامْتَثَلُوا بِهِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهُمْ لَمْ يَتَّبِعُوهُ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ فَكَيْفَ صَارَ اتِّبَاعُهُمْ لِلْبَعْضِ دَلِيلًا وَلَمْ يَصِرْ مُخَالَفَتُهُمْ فِي الْبَعْضِ دَلِيلًا، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَقِيقَةَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ لِمَنْ دُونَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَمَّا تَتَقَوَّى بِهِ الرُّوحُ مِنْ الْقُرْبَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ وَالْأُنْسِ بِذِكْرِهِ وَطَاعَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ:
وَذِكْرُك لِلْمُشْتَاقِ خَيْرُ شَرَابٍ ... وَكُلُّ شَرَابٍ دُونَهُ كَسَرَابِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 105
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست