responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 104
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - بِأَنَّ الْعِبَارَاتِ إنَّمَا وُضِعَتْ دَلَالَاتٍ عَلَى الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ وَلَا يَجُوزُ قُصُورُ الْعِبَارَاتِ عَنْ الْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي، وَقَدْ وَجَدْنَا كُلَّ مَقَاصِدِ الْفِعْلِ مِثْلَ الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ مُخْتَصَّةً بِعِبَارَاتٍ وُضِعَتْ لَهَا فَالْمَقْصُودُ بِالْأَمْرِ كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُخْتَصًّا بِالْعِبَارَةِ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ أَعْظَمُ الْمَقَاصِدِ فَهُوَ بِذَلِكَ الْأَوْلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرُوا لِيُطَابِقَ مَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، فَقَالَ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الْعِبَارَاتِ إنَّمَا وُضِعَتْ دَلَالَاتٍ عَلَى الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِذِكْرِ كَلِمَةِ إنَّمَا حَصْرَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْعِبَارَاتِ؛ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْقَادُ لَهُ اللَّفْظُ وَأَرَادَ بِالْمَعَانِي مَدْلُولَاتِ الْأَلْفَاظِ يَعْنِي الْمَوْضُوعَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي قَصَدَ الْمُتَكَلِّمُ إلْقَاءَهَا إلَى السَّامِعِ، وَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَهَا لَهُ هِيَ الْعِبَارَاتُ لَا غَيْرُ، وَلَا يَجُوزُ قُصُورُ الْعِبَارَاتِ عَنْ الْمَعَانِي أَيْ وَلَا يَجُوزُ عَقْلًا أَنْ يُوجَدَ مَعْنًى بِلَا لَفْظٍ فَيَحْتَاجُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْمُهْمَلَاتِ أَكْثَرُ مِنْ الْمُسْتَعْمَلَاتِ وَكَذَا فِي الْمُتَرَادِفَاتِ كَثْرَةٌ فَأَمَّا وُقُوعُ الْمُشْتَرَكِ فِي اللُّغَةِ فَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ قُصُورِ الْعِبَارَةِ أَلَا يَرَى أَنَّ لِكُلِّ مَعْنًى مِنْ الْمُشْتَرَكِ اسْمًا عَلَى حِدَةٍ إذَا ضُمَّ إلَى الْمُشْتَرَكِ صَارَا مُتَرَادِفَيْنِ.
وَكَأَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ قَدْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعِبَارَاتِ هِيَ الْمَوْضُوعَةُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعَانِي إلَّا أَنَّ الْعِبَارَاتِ قَاصِرَةٌ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَنَاهِيَةٌ لِتَرَكُّبِهَا مِنْ حُرُوفٍ مُتَنَاهِيَاتٍ وَالْمَعَانِي غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْعِبَارَةِ دَالًّا عَلَيْهَا أَيْضًا ضَرُورَةً فَقَالَ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَجِدُ الْمُهْمَلَاتِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسْتَعْمَلَاتِ وَلَا نَجِدُ مَعْنًى لَا يُمْكِنُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِلَفْظٍ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي تَعَقَّلَهَا الذِّهْنُ وَاحْتِيجَ إلَى التَّعْبِيرِ عَنْهَا غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ لِاسْتِحَالَةِ تَعَقُّلِ الذِّهْنِ مَا لَا يَتَنَاهَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةُ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْوَضْعَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ مَحْصُورٌ عَلَى الْعِبَارَاتِ، وَأَنَّهَا لَا تَقْصُرُ عَنْ الْمَعَانِي لَا يَكُونُ لِلْفِعْلِ دَلَالَةٌ عَلَى مَعْنَى الْأَمْرِ وَلَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ لَمْ يَبْقَ الْحَصْرُ فِي الْعِبَارَاتِ وَقَدْ تَمَّ الِاسْتِدْلَال، وَلَكِنَّ الشَّيْخَ أَدْرَجَ دَلِيلًا آخَرَ لِلتَّوْضِيحِ فَقَالَ: وَقَدْ وَجَدْنَا كُلَّ مَقَاصِدِ الْفِعْلِ مِثْلَ الْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ مُخْتَصَّةً بِعِبَارَاتٍ وُضِعَتْ لَهَا مِثْلَ ضَرَبَ وَيَضْرِبُ وَسَيَضْرِبُ، قَالُوا وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ، فَإِنَّ عِنْدَهُمْ صِيغَةَ الْمُضَارِعِ لِلْحَالِ وَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ سَوْفَ أَوْ السِّينُ صَارَتْ لِلِاسْتِقْبَالِ وَقَدْ تَعْرِفُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْمُصَنِّفِ، وَلَكِنْ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ هَهُنَا؛ لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ خُصُوصِ الْمَعْنَى لَا فِي بَيَانِ خُصُوصِ اللَّفْظِ؛ وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي خُصُوصِ اللَّفْظِ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ ضَرَبَ مُخْتَصٌّ بِالْمَاضِي وَيَضْرِبُ بِالْحَالِ وَسَيَضْرِبُ بِالِاسْتِقْبَالِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ مُخْتَصَّةً بِعِبَارَاتٍ أَنَّ مَعْنَى الْمَاضِي مُخْتَصٌّ بِالصِّيغَةِ الْمَوْضُوعَةِ لَهُ.
وَكَذَا مَعْنَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ نَفْيًا لِلتَّرَادُفِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْأَمْرِ، وَهُوَ الطَّلَبُ أَوْ الْإِيجَابُ مُخْتَصًّا بِالْعِبَارَةِ الْمَوْضُوعَةِ لَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْمَقَاصِدِ إذْ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ مَبْنِيَّانِ عَلَيْهِ وَثُبُوتُ أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ بِهِ فَهُوَ بِالِاخْتِصَاصِ بِالصِّيغَةِ أَوْلَى، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْتَصَّ بِالصِّيَغِ وَثَبَتَ بِالْفِعْلِ كَمَا يَثْبُتُ بِالصِّيغَةِ لَزِمَ مِنْهُ الِاشْتِرَاكُ فِي لَفْظِ الْأَمْرِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَإِذَا ثَبَتَ اخْتِصَاصُهُ بِالصِّيغَةِ لَمْ يَثْبُتْ بِالْفِعْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَلِمَةُ إنَّمَا لِلتَّأْكِيدِ لَا لِلْحَصْرِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيَكُونُ الْكُلُّ دَلِيلًا وَاحِدًا، وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْعِبَارَاتِ وُضِعَتْ دَلَالَاتٍ عَلَى الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ وَالْعِبَارَةُ غَيْرُ قَاصِرَةٍ عَنْهَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُهْمَلَاتِ أَكْثَرُ مِنْ الْمُسْتَعْمَلَاتِ فَيَكُونُ لِلْمَعْنَى الْمُثْبَتِ بِالْأَمْرِ صِيغَةٌ مَوْضُوعَةٌ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى مَقْصُودٌ بَلْ هُوَ أَعْظَمُ الْمَقَاصِدِ وَإِذَا كَانَ لَهُ صِيغَةٌ مَوْضُوعَةٌ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست