responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني المؤلف : عبد الوهاب خلاف    الجزء : 1  صفحة : 116
حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} مثل التكليف بقرض موضع النجاسة من الثواب، وأداء ربع المال في الزكاة، وقتل النفس توبة من المعصية وعدم جواز الصلاة في غير المساجد -وتسمية هذه رخصًا فيها وتوسع- ومن هذه الأنواع يتبين أن ترخيص الشارع للتخفيف عن المكلفين تارة بإباحة المحرم للضرورة. أو بإباحة ترك الواجب للعذر، أو باستثناء بعض العقود من الأحكام الكلية للحاجة، كلها ترجع عند التحقيق إلى إباحة المحظور للضرورة أو الحاجة.
وعلماء الحنفية قسموا الرخصة إلى قسمين: رخصة ترفيه، ورخصة إسقاط. وفرقوا بينهما بأن رخصة الترفيه يكون حكم العزيمة معها باقيا ودليله قائما، ولكن رخص في تركه تخفيفا وترفيها عن المكلف. ومثلوا لهذا بمن أكره على التلفظ بكلمة الكفر. أو على إتلاف مال غيره، أو على الفطر في رمضان. وقالوا: إن النص المرخص لم يسقط حرمة التلفظ بكلمة الكفر عمن أكره عليه، ولكن استثنى من أكره من غضب الله عليه واستحقاقه العذاب. قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ} [النحل: 106] . ولكن يلاحظ أن الله قال: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} . وقال: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} فقد استثنى المضطر من الإثم كما استثنى المكره على التلفظ من الإثم واستحقاق العذاب.
بل إن قوله سبحانه: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يشعر بأنه محرم، ولكن الله لم يعاقبه عليه رحمة منه. وقالوا كذلك: لم يسقط الإكراه حرمة إتلاف مال الغير ولا حرمة الفطر في رمضان، بل الحرمة مع الإكراه ثابتة. وإنما المقصود بالإباحة الترفيه عن المكلف. ولبقاء هذه الحرمة قالوا: إن العمل بالعزيمة أولى وإن من تمسك بالعزيمة واحتمل ما أكره عليه حتى مات، مات شهيدًا.
وأما رخصة الإسقاط فلا يكون حكم العزيمة معها باقيًا، بل إن الحال التي استوجبت الترخيص أسقطت حكم العزيمة، وجعلت الحكم المشروع فيها هو الرخصة، مثلوا لهذا بإباحة أكل الميتة أو شرب الخمر عند الجوع والظمأ وقصر الصلاة في السفر. فالمضطر إلى أكل الميتة وشرب الخمر سقطت حرمتها عنه في

اسم الکتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني المؤلف : عبد الوهاب خلاف    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست