اسم الکتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني المؤلف : عبد الوهاب خلاف الجزء : 1 صفحة : 106
ومن رأى أنها من الواجب المحدد بحال الزواج أو بما يكفي للقريب، قال: إنها واجب محدد في الذمة فتصح المطالبة به عن مدة قبل القضاء أو الرضاء؛ لأن القضاء أظهر مقدار الواجب ولم يحدده.
التقسيم الرابع:
ينقسم الواجب إلى واجب معين، وواجب مخير.
فالواجب المعين: ما طلبه الشارع بعينه "كالصلاة، والصيام، وثمن المشتري، وأجر المستأجر، ورد المغضوب" ولا تبرأ ذمة المكلف إلا بأدائه بعينه.
والواجب المخير: ما طلبه الشارع واحدًا من أمور معينة، كأحد خصال الكفارة فإن الله أوجب على من حنث في يمينه أن يطعم عشرة مساكين، أو يكسوهم، أو يعتق رقبة، فالواجب أي واحد من هذه الأمور الثلاثة، والخيار للمكلف في تخصيص واحد بالفعل، وتبرأ ذمته من الواجب بأداء أي واحد.
2- المندوب:
تعريفه:
المندوب هو ما طلب الشارع فعله من المكلف طلبا غير حتم، بأن كانت صيغة طلبه نفسها لا تدل على تحتيمه، أو اقترنت بطلبه قرائن تدل على عدم التحتيم. فإذا طلب الشارع الفعل بصيغة: "يسن كذا أو يندب كذا" كان المطلوب بهذه الصيغة مندوبًا، وإذا طلبه بصيغة الأمر ودلت القرينة على أن الأمر للندب كان المطلوب مندوبًا، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فإن الأمر بكتابة الدين للندب لا للإيجاب بدليل القرينة التي في الآية نفسها. وهي قوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} ، فإنها تشير إلى أن يثق بمدينه ويأتمنه من غير كتابة الدين عليه، وكقوله تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} فمكاتبة المالك عبده مندوبة بقرينة أن المالك حر التصرف في ملكه.
فالمطلوب فعله إن كانت صيغة طلبه نفسها تدل على أنه حتم ولازم، فهو الواجب مثل: كتب عليكم، فرض عليكم، وقضى ربك. وإن كانت صيغة طلبه نفسها تدل على أنه غير حتم فهو المندوب مثل: ندب لكم، سن لكم، وإن كانت صيغة طلبه لا تدل على طلب حتم أو غير حتم، استدل بالقرائن على أن المطلوب
اسم الکتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني المؤلف : عبد الوهاب خلاف الجزء : 1 صفحة : 106