اسم الکتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني المؤلف : عبد الوهاب خلاف الجزء : 1 صفحة : 105
نفسه إلى القيام بالواجب، فعلى الآخرين حثه وحمله على أداء واجبه؛ فإذا أدى الواجب فلا إثم على أحد، وإذا لم يؤد الواجب أثموا جميعا.
وإذا تعين فرد لأداء الواجب الكفائي كان واجبا عينيا عليه، فلو شهد الغريق الذي يستغيث شخص واحد يحسن السباحة، ولو لم ير الحادثة إلا واحد ودعي للشهادة، ولو لم يوجد في البلد إلا طبيب واحد وتعين للإسعاف؛ فهؤلاء الذين يعينوا لأداء الواجب الكفائي، يكون الواجب بالنسبة إليهم عينيا.
التقسيم الثالث:
ينقسم الواجب من جهة المقدار المطلوب منه إلى محدد وغير محدد.
فالواجب المحدد: هو ما عين له الشارع مقدارًا معلومًا، بحيث لا تبرأ ذمة المكلف من هذا الواجب إلا إذا أداه على ما عين الشارع؛ كالصلوات الخمس والزكاة والديون المالية. فكل فريضة من الصلوات الخمس مشغولة بها ذمة المكلف حتى تؤدي بعدد ركعاتها وأركانها وشروطها، وزكاة كل مال واجبة فيه الزكاة مشغولة بها ذمة المكلف حتى تؤدي بمقدارها في مصرفها. وكذلك ثمن المشتري وأجر المستأجر وكل واجب يوجب مقدارًا معلوما بحدود معينة، ومن نذر أن يتبرع بمبلغ معين لمشروع خيري فالواجب عليه بالنذر واجب محدد.
والواجب غير المحدد: هو ما لم يعين الشارع مقداره بل طلبه من المكلف بغير تحديد، كالإنفاق في سبيل الله، والتعاون على البر، والتصدق على الفقراء إذا وجب بالنذر، وإطعام الجائع وإغاثة الملهوف وغير ذلك من الواجبات التي لم يحددها الشارع؛ لأن المقصود بها سد الحاجة، ومقدار ما تسد به الحاجة يختلف باختلاف الحاجات والمحتاجين والأحوال.
ومما يتفرع عن هذا التقسيم أن الواجب المحدد يجب دينا في الذمة، وتجوز المقاضاة به، وأن الواجب غير المحدد لا يجب دينا في الذمة، ولا تجوز المقضاة به؛ لأن الذمة لا تشغل إلا بمعين والمقاضاة لا تكون إلا بمعين.
ولهذا من رأى أن نفقة الزوجة على زوجها، ونفقة القريب على قريبه واجب غير محدد؛ لأنه لا يعرف مقداره، قال: إن ذمة الزوج أو القريب غير المشغولة به قبل القضاء أو الرضاء، إذا حكم بها أو تراضى الطرفان عليها تحدد مقدار الواجب بالقضاء أو بالرضاء، وضحت المطالبة به.
اسم الکتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني المؤلف : عبد الوهاب خلاف الجزء : 1 صفحة : 105