responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح القواعد الفقهية المؤلف : الزرقا، أحمد    الجزء : 1  صفحة : 113
لما أرخته الْبَيِّنَة لدَلِيل على أَنه لَو بَين الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ تَارِيخا للنتاج وَظهر مُخَالفَة سنّ الدَّابَّة للتاريخ الَّذِي ذكره ترد دَعْوَاهُ من أَصْلهَا، وَلَا يُكَلف إِقَامَة الْبَيِّنَة. (ر: مَا سَيَأْتِي نَقله عَن الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّة فِي الْمَادَّة الْخَامِسَة وَالسِّتِّينَ: " الْوَصْف فِي الْحَاضِر لَغْو ") .
وبدليل مَا نصوا عَلَيْهِ أَيْضا من أَنه لَو أقرّ إِنْسَان لمن كَانَ مَجْهُول النّسَب بِأَنَّهُ ابْنه، وَكَانَ لَا يُولد مثله لمثل الْمقر، فَإِن الْإِقْرَار يبطل، وَذَلِكَ يُفِيد أَن الْبَيِّنَة أَيْضا لَا تقبل عَلَيْهِ بِالْأولَى، لِأَن الْإِقْرَار قد بَطل، مَعَ أَنهم صَرَّحُوا أَن الْإِقْرَار أقوى من الْبَيِّنَة حَتَّى لَو أقرّ الْخصم بعد إِقَامَة الْبَيِّنَة فَقضى الْحَاكِم عَلَيْهِ يعْتَبر الْقَضَاء قَضَاء بِإِقْرَارِهِ لَا بِالْبَيِّنَةِ. (ر: الدّرّ الْمُخْتَار وحاشيته رد الْمُحْتَار، كتاب الدَّعْوَى، بَاب الِاسْتِحْقَاق) إِلَّا فِي سبع مسَائِل يقْضى فِيهَا بِالْبَيِّنَةِ دون الْإِقْرَار مَذْكُورَة فِي رد الْمُحْتَار، آخر بَاب دَعْوَى النّسَب، سنذكر بَعْضهَا فِي الْكَلَام على الْمَادَّة التَّاسِعَة عشرَة.
فَظهر من ذَلِك أَن قَوْلهم: " إِن الْبَينَات تُقَام لإِثْبَات خلاف الظَّاهِر " إِنَّمَا يُرَاد بِهِ النَّوْع الأول الَّذِي يذكر بِإِزَاءِ قسيم الأَصْل، لَا النَّوْع الثَّانِي الَّذِي وصل فِي الظُّهُور إِلَى دَرَجَة يطْرَح مَعهَا احْتِمَال خِلَافه.
وَالْحَاصِل أَن تَرْجِيح زعم أحد المتخاصمين على زعم الآخر، فِي الِابْتِدَاء، يكون بِشَهَادَة الأَصْل وَالظَّاهِر حَتَّى يقوم دَلِيل من المرجحات الثانوية على خِلَافه، فَإِذا كَانَ الأَصْل شَاهدا لجِهَة وَالظَّاهِر لجِهَة يرجح زعم من يشْهد لَهُ الظَّاهِر. ثمَّ إِذا عَارض الأَصْل أَو الظَّاهِر شَيْء من المرجحات الثانوية يقدم عَلَيْهِمَا، وَهَذَا فِي النَّوْع الأول من الظَّاهِر، أما النَّوْع الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا تُقَام بَيِّنَة على خِلَافه لِأَن احْتِمَال خِلَافه مَعْدُوم.
وَهَذَا الْبَيَان وَالتَّفْصِيل الَّذِي أَتَيْنَا بِهِ يقرب الْمسَائِل من الأذهان ويسهل معرفَة الْوُجُوه والعلل، وتطبيق الْفُرُوع على قواعدها بِصُورَة معقولة.
إِذا علمنَا ذَلِك ظهر أَن القَوْل الرَّاجِح هُوَ قَول من يتَمَسَّك بِبَرَاءَة ذمَّته لِأَنَّهُ يشْهد لَهُ الأَصْل، وَهُوَ عدم شغلها، حَتَّى يقوم دَلِيل على خِلَافه.

اسم الکتاب : شرح القواعد الفقهية المؤلف : الزرقا، أحمد    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست