responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 355
قَوْلُهُمْ إنَّ غَايَتَهُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالرُّجْحَانِ فَإِنَّ عَدَمَ عِلْمِ الْفَاعِلِ بِالرُّجْحَانِ كَافٍ فِي هَذَا الْغَرَضِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِنَا: إنَّ الرُّجْحَانَ بِلَا مُرَجِّحٍ بَاطِلٌ هُوَ أَنَّ وُجُودَ الْمُمْكِنِ بِلَا مُوجِدٍ مُحَالٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوجِدُ مُوجِبًا أَوْ لَا فَالرُّجْحَانُ هُوَ الْوُجُودُ فَقَطْ لَا أَنَّهُ يَصِيرُ رَاجِحًا قَبْلَ الْوُجُودِ إذَا عَرَفْت هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ فَقَوْلُهُ يَجِبُ وُجُودُ الْفِعْلِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُرَجِّحِ إنْ أَرَادَ بِالْفِعْلِ الْحَالَةَ الَّتِي تَكُونُ لِلْمُتَحَرِّكِ فِي أَيِّ جُزْءٍ يُفْرَضُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَسَافَةِ فَعَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ بِوُجُودِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَذْكُرْهَا فِي اللَّفْظِ.
(قَوْلُهُ: وَأَيْضًا) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ لِامْتِنَاعِ تَرْجِيحِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُونَ الْمِثَالَ سَنَدًا لِلْمَنْعِ أَيْ لِمَ لَا يَجُوزُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ كَمَا فِي الْهَارِبِ مِنْ السَّبُعِ يَسْلُكُ أَحَدَ الطَّرِيقَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُمْنَعُ نَفْسُ الْمُدَّعَى، قُلْنَا: بَلْ هُوَ جُزْءٌ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى كَوْنِ الْوَاجِبِ مُوجِبًا بِالذَّاتِ فَيَجِبُ عَلَى الْحُكَمَاءِ إقَامَةُ الدَّلِيلِ عَلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ أَوْ عَلَى كَوْنِهَا بَدِيهِيَّةً، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ إقَامَةُ الْبُرْهَانِ عَلَى وُجُودِ الْمُرَجِّحِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَخَارِجٌ عَنْ قَانُونِ التَّوْجِيهِ إذْ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ الْبُرْهَانُ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ الْمَمْنُوعَةِ لَا عَلَى بُطْلَانِ السَّنَدِ، وَإِنْ أَوْرَدَ الْمِثَالَ بِطَرِيقِ النَّقْضِ كَانَ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ الدَّلِيلُ عَلَى تَخَلُّفِ الْحُكْمِ فِيهِ، وَإِثْبَاتُ عَدَمِ الرُّجْحَانِ، وَلَيْسَ لِلْحَكِيمِ إلَّا مَنْعُ التَّسَاوِي أَوْ عَدَمُ الْمُرَجِّحِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّا نَقُولُ) عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّعِ بِإِثْبَاتِ سَنَدِ الْمَنْعِ، وَبَعْدَ إثْبَاتِهِ يَكُونُ نَقْضًا لِدَعْوَى الْحُكَمَاءِ، وَتَقْرِيرُهُ ظَاهِرٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالِاحْتِيَاجِ إلَى مُرَجِّحٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَاطِلٌ قَطْعًا إذْ كَثِيرًا مَا يَكُونُ الطَّرِيقُ الَّذِي يَخْتَارُهُ الْهَارِبُ مَرْجُوحًا مُؤَدِّيًا إلَى مَهَالِكٍ، وَسِبَاعٍ أَكْثَرَ فَبَقِيَ الِاحْتِيَاجُ إلَى مُرَجِّحٍ بِحَسَبِ عِلْمِ الْفَاعِلِ، وَاعْتِقَادِهِ فَإِذَا سَلَّمُوا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا عِلْمَ بِالرُّجْحَانِ فَقَدْ حَصَلَ الْغَرَضُ، وَهُوَ عَدَمُ الْمُرَجِّحِ فِي عِلْمِ الْهَارِبِ، وَاعْتِقَادُهُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالرُّجْحَانِ فِي اعْتِقَادِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الرُّجْحَانِ فِي اعْتِقَادِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رَاجِحًا فِي اعْتِقَادِهِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَلَا يُلَاحِظُهُ.
فَإِنْ قُلْت قَدْ سَلَّمَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بُطْلَانَ التَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ فَكَيْفَ صَحَّ مِنْهُ إثْبَاتُ عَدَمِ الْمُرَجِّحِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ؟ قُلْت: الْمُسَلَّمُ هُوَ بُطْلَانُ الْإِيجَادِ بِلَا مُوجِدٍ وَالْمُدَّعَى فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ عَدَمُ مُرَجِّحٍ غَيْرُ الْفَاعِلِ، وَاخْتِيَارُهُ الَّذِي بِهِ يَصِيرُ أَحَدُ الْمُتَسَاوِيَيْنِ رَاجِحًا لِيُؤْثِرَهُ الْفَاعِلُ.
(قَوْلُهُ فَعُلِمَ) مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بَلْ هُوَ وَاقِعٌ، وَأَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي ثُبُوتِ الْإِيقَاعِ مِنْ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ تَارَةً، وَعَدَمِهِ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، وَأَنَّ الْمُمْتَنِعَ إنَّمَا هُوَ وُجُودُ الْمُمْكِنِ بِلَا مُوجِدٍ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُرَادَ بِالْقَضِيَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَيْنَ الْعُقَلَاءِ، وَهُوَ امْتِنَاعُ الرُّجْحَانِ بِلَا مُرَجِّحٍ فَالرُّجْحَانُ هُوَ الْمَوْجُودُ، وَلَا حَالَةَ لِلْمُمْكِنِ قَبْلَ الْوُجُودِ بِهَا يَكُونُ أَقْرَبَ إلَى جَانِبِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست