responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 354
لِلتَّسَلْسُلِ، ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ تِلْكَ الْقَضِيَّةِ، وَبَدَاهَتِهَا الْفَاعِلُ هُوَ الْمُرَجِّحُ فَلَا يَلْزَمُ وُجُودُ الْمُمْكِنِ بِلَا مُوجِدٍ وَأَيْضًا، إنَّمَا أَوْرَدُوا الْمِثَالَ سَنَدًا لِلْمَنْعِ فَعَلَيْكُمْ الْبُرْهَانُ عَلَى الرُّجْحَانِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ: إنْ وَجَبَ الْمَرْجُوحُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَإِمَّا أَنْ يَجِبَ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ الَّذِي لَا يُطَابِقُ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَافٍ لِلْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، وَإِمَّا أَنْ يَجِبَ بِحَسَبِ اعْتِقَادِ الْفَاعِلِ، وَذَا بَاطِلٌ أَيْضًا إذْ يَفْعَلُ أَفْعَالًا مَعَ عَدَمِ اعْتِقَادِ الرُّجْحَانِ كَمَا فِي الْهَارِبِ بَلْ مَعَ اعْتِقَادِ الْمَرْجُوحِيَّةِ، وَمَنْ أَنْكَرَ هَذَا فَقَدْ أَنْكَرَ الْوِجْدَانِيَّاتِ فَبَطَلَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ رُجْحَانُ الْمُسَاوِي أَوْ الْمَرْجُوحِ مَا دَامَ الْمُسَاوِي مُسَاوِيًا، وَالْمَرْجُوحُ مَرْجُوحًا ضَرُورَةَ امْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ النَّقِيضَيْنِ أَعْنِي الرُّجْحَانَ، وَعَدَمَهُ، وَعِنْدَ تَرْجِيحِ الْفَاعِلِ إيَّاهُمَا لَمْ يَبْقَيَا مُسَاوِيًا، وَمَرْجُوحًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى التَّرْجِيحِ إثْبَاتُ الرُّجْحَانِ، وَجَعْلُ الشَّيْءِ رَاجِحًا، وَإِخْرَاجُهُ عَنْ حَدِّ التَّسَاوِي فَضْلًا عَنْ الْمَرْجُوحِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْقَضِيَّةُ الْبَدِيهِيَّةُ، وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ الْخَبَرِ، وَهُوَ أَنَّ الرُّجْحَانَ بِلَا مُرَجِّحٍ بَاطِلٌ، وَالْعِلْمُ بِوُجُودِ الْوَاجِبِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ إذْ الْعُمْدَةُ فِيهِ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي وُجُودِ مَوْجُودٍ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُوجِدٍ ضَرُورَةَ امْتِنَاعِ تَرَجُّحِ أَحَدِ طَرَفَيْ الْمُمْكِنِ بِلَا مُرَجِّحٍ فَيُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَى مُوجِدِهِ فَإِمَّا أَنْ يَتَسَلْسَلَ، وَهُوَ مُحَالٌ أَوْ يَنْتَهِيَ إلَى الْوَاجِبِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ صِحَّةُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ إنَّمَا يُبْتَنَى عَلَى بُطْلَانِ وُجُودِ الْمُمْكِنِ بِلَا مُوجِدٍ لَا عَلَى بُطْلَانِ تَرْجِيحِ الْفَاعِلِ أَحَدَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ قِيلَ تَعَلُّقُ الْإِرَادَةِ بِوُجُودِ الْمُمْكِنِ أَمْرٌ مُمْكِنٌ فَيَفْتَقِرُ إلَى مُوجِدٍ، وَيَتَسَلْسَلُ أَوْ يَلْزَمُ وُجُودُهُ بِلَا مُوجِدٍ، قُلْنَا إرَادَةُ الْإِرَادَةِ عَيْنِهَا أَوْ الْإِرَادَةُ تُرَجَّحُ لِذَاتِهَا أَوْ تَعَلُّقُ الْإِرَادَةِ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ بَلْ حَالٌ فَلَا يَلْزَمُ وُجُودُ الْمُمْكِنِ بِلَا مُوجِدٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ نِزَاعَ الْحُكَمَاءِ إنَّمَا هُوَ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ لَا فِي تَرْجِيحِ الْمُخْتَارِ أَحَدَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ وَجَعْلِهِ رَاجِحًا بِالْإِرَادَةِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ) الِاسْتِدْلَال عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ بِوَجْهٍ لَا يَبْتَنِي عَلَى بُطْلَانِ الرُّجْحَانِ بِلَا مُرَجِّحٍ بِأَنْ يُقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ مَوْجُودٍ لَا يُحْتَاجُ فِي وُجُودِهِ إلَى الْغَيْرِ قَطْعًا لِلتَّسَلْسُلِ إذْ لَوْ احْتَاجَ كُلُّ مَوْجُودٍ إلَى غَيْرِهِ لَزِمَ التَّسَلْسُلُ إنْ ذَهَبَ إلَى لَا نِهَايَةٍ أَوْ الدَّوْرُ، وَإِنْ عَادَ إلَى الْأَوَّلِ، وَالدَّوْرُ نَوْعٌ مِنْ التَّسَلْسُلِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَنَاهِي التَّوَقُّفَاتِ، وَالِاحْتِيَاجَاتِ فَلِذَا اكْتَفَى بِذِكْرِهِ، وَأَقُولُ: الْمَوْجُودُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ فِي وُجُودِهِ إلَى الْغَيْرِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا إلَّا عَلَى تَقْدِيرِ امْتِنَاعِ الرُّجْحَانِ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَإِلَّا لَجَازَ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا، وَلَا يَكُونُ وُجُودُهُ مِنْ ذَاتِهِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ بَلْ يَحْصُلُ بَعْدَ الْعَدَمِ بِلَا مُوجِدٍ فَلَا غُنْيَةَ عَنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 354
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست