responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 295
مَصْدَرٌ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ أَوْ حَالٌ أَوْ تَمْيِيزٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ الْقَضَاءِ مَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت: 12] ؛ لِأَنَّ عَطْفَ الرَّسُولِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى يَمْنَعُ ذَلِكَ، وَلَا يُرَادُ الْقَضَاءُ الَّذِي يُذْكَرُ فِي جَنْبِ الْقَدَرِ بِعَيْنِ ذَلِكَ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ الْحُكْمُ، وَالْمُرَادَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَوْلُ لَا الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْفِعْلُ فَإِمَّا أَنْ يُرَادَ فِعْلُ الْقَاضِي أَوْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ لَا يَلِيقُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا فَعَلَ فِعْلًا فَلَا مَعْنَى لِنَفْيِ الْخِيَرَةِ، وَإِنْ أُرِيدَ فِعْلُ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ إذَا قَضَى بِأَمْرٍ فَالْأَصْلُ عَدَمُ تَقْدِيرِ الْبَاءِ، وَأَيْضًا يَكُونُ الْمَعْنَى إذَا حَكَمَ بِفِعْلٍ لَا تَكُونُ الْخِيَرَةُ، وَالْحُكْمُ بِفِعْلٍ مُطْلَقًا لَا يُوجِبُ نَفْيَ الْخِيَرَةِ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِإِبَاحَةِ فِعْلٍ أَوْ نَدْبِهِ، وَإِنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ فَهُوَ الْمُدَّعِي فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ مَا ذَكَرْنَا لَا الْفِعْلُ.
وَ {مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12] فَالذَّمُّ عَلَى تَرْكِهِ يُوجِبُ الْوُجُوبَ وَ {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] ، وَهَذَا حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ عَنْ سُرْعَةِ الْإِيجَادِ) ذَهَبَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّلَاثَةِ وَبَيْن التَّهْدِيدِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشِّيعَةُ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ، وَلَا يَنْفِي الْقَوْلَ بِاشْتِرَاكِهِ مَعْنًى بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ؛ لِأَنَّ مُوجَبَهُ وَاحِدٌ، وَهُوَ الطَّلَبُ جَازِمًا كَانَ أَوْ رَاجِحًا، وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِتَرْجِيحِ الْفِعْلِ، أَوْ بَيْنَ الْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ، وَالْإِبَاحَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُرْتَضَى مِنْ الشِّيعَةِ فَإِنَّ مُوجَبَهُ حِينَئِذٍ، أَيْضًا وَاحِدٌ، وَهُوَ الْإِذْنُ فِي الْفِعْلِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ مُوجَبَهُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي ذَلِكَ الْوَاحِدِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: إنَّهُ الْإِبَاحَةُ؛ لِأَنَّهُ لِطَلَبِ وُجُودِ الْفِعْلِ، وَأَدْنَاهُ الْمُتَيَقَّنُ إبَاحَتُهُ، وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَعَامَّةُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّهُ النَّدْبُ؛ لِأَنَّهُ لِطَلَبِ الْفِعْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُجْحَانِ جَانِبِهِ عَلَى جَانِبِ التَّرْكِ، وَأَدْنَاهُ النَّدْبُ لِاسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ فِي الْإِبَاحَةِ، وَكَوْنِ الْمَنْعِ عَنْ التَّرْكِ أَمْرًا زَائِدًا عَلَى الرُّجْحَانِ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءُ إنَّهُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّهُ كَمَالُ الطَّلَبِ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الْكَمَالُ؛ لِأَنَّ النَّاقِصَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَمَنْ جَعَلَهُ لِلْإِبَاحَةِ أَوْ النَّدْبِ جَعَلَ النُّقْصَانَ أَصْلًا وَالْكَمَالَ عَارِضًا، وَهُوَ قَلْبُ الْمَعْقُولِ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا إثْبَاتًا لِلُّغَةِ بِالتَّرْجِيحِ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَتَمَسَّكَ بِالنَّصِّ وَدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ أَمَّا النَّصُّ فَآيَاتٌ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] فَإِنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ مُشْعِرٌ بِالْعِلِّيَّةِ فَخَوْفُهُمْ، وَحَذَرُهُمْ مِنْ إصَابَةِ الْفِتْنَةِ فِي الدُّنْيَا أَوْ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ مُخَالَفَتِهِمْ الْأَمْرَ، وَهِيَ تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا أَنَّ مُوَافَقَتَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ لَا عَدَمُ اعْتِقَادِ حَقِّيَّتِهِ، وَلَا حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ لِلْوُجُوبِ أَوْ النَّدْبِ مَثَلًا فَيُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهِ يُقَالُ: خَالَفَنِي فُلَانٌ عَنْ كَذَا إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ، وَأَنْتَ قَاصِدٌ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 295
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست