responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 294
لَا يَكُونَ زَيْدٌ زَيْدًا بَلْ عُدِمَ الشَّخْصُ الْأَوَّلُ، وَخُلِقَ مَكَانَهُ شَخْصٌ آخَرُ، وَهُوَ عَيْنُ مَذْهَبِ السُّوفُسْطائيَّةِ النَّافِينَ حَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ حَقَائِقُ الْأَلْفَاظِ إذْ مَا مِنْ لَفْظٍ إلَّا وَلَهُ احْتِمَالٌ قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ مِنْ نَسْخٍ أَوْ خُصُوصٍ أَوْ اشْتِرَاكٍ أَوْ مَجَازٍ فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ تَبْطُلُ دَلَالَاتُ الْأَلْفَاظِ عَلَى الْمَعَانِي الْمَوْضُوعِ لَهَا (وَأَيْضًا لَمْ نَدَّعِ أَنَّهُ مُحْكَمٌ، وَعِنْدَ الْعَامَّةِ مُوجَبُهُ وَاحِدٌ إذْ الِاشْتِرَاكُ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْإِبَاحَةُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ إذْ هِيَ الْأَدْنَى، وَالنَّدْبُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَرْجِيحِ جَانِبِ الْوُجُودِ، وَأَدْنَاهُ النَّدْبُ، وَالْوُجُوبُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ خَوْفُ إصَابَةِ الْفِتْنَةِ أَوْ الْعَذَابِ بِمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ إذْ لَوْلَا ذَلِكَ الْخَوْفُ لَقَبُحَ التَّحْذِيرُ فَيَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ وَاجِبًا إذْ لَيْسَ عَلَى تَرْكِ غَيْرِ الْوَاجِبِ خَوْفُ الْفِتْنَةِ أَوْ الْعَذَابِ.
وَ {أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] ، الْقَضَاءُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَعْنَى الْحُكْمِ، وَأَمْرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ أَصْلًا بَلْ نَدَّعِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ مَثَلًا، وَيَحْتَمِلُ الْغَيْرَ، وَعِنْدَ ظُهُورِ الْبَعْضِ لَا وَجْهَ لِلتَّوَقُّفِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُوجَدَ صَارِفٌ عَنْهُ، وَهَاهُنَا نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْوَاقِفِينَ فِي الْأَمْرِ، وَاقِفُونَ فِي النَّهْيِ، وَثُبُوتُ الْفَرْقِ بَيْنَ طَلَبِ الْفِعْلِ، وَطَلَبِ التَّرْكِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ فِي الْأَمْرِ تَوَقُّفٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ طَلَبُ الْفِعْلِ جَازِمًا (وَ) هُوَ الْوُجُوبُ أَوْ رَاجِحًا (وَ) هُوَ النَّدْبُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِطَلَبِ التَّرْكِ، وَالتَّوَقُّفُ فِي النَّهْيِ تَوَقُّفٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ طَلَبُ التَّرْكِ جَازِمًا وَهُوَ التَّحْرِيمُ، أَوْ رَاجِحًا وَهُوَ الْكَرَاهَةُ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِطَلَبِ الْفِعْلِ فَالتَّوَقُّفُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَوَقُّفٌ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ التَّسَاوِي، وَعَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ افْعَلْ، وَلَا تَفْعَلْ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الِاحْتِمَالَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ احْتِمَالٌ نَاشِئٌ عَنْ الدَّلِيلِ عَلَى تَعَدُّدِ الْمَعَانِي، وَهُوَ الْوَضْعُ أَوْ الشُّيُوعُ وَكَثْرَةُ الِاسْتِعْمَالِ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ احْتِمَالِ تَبَدُّلِ الْأَشْخَاصِ أَوْ احْتِمَالِ الْأَلْفَاظِ لِغَيْرِ مَعَانِيهَا الْحَقِيقِيَّةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؟ (قَوْلُهُ وَبَيَانُ الْعَاقِبَةِ نَحْوُ {وَلا تَعْتَدُوا} [البقرة: 190] هَكَذَا وَقَعَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا لَا تَعْتَذِرُوا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ سَقَطَ هَاهُنَا شَيْءٌ مِنْ قَلَمِ الْكَاتِبِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يُكْتَبَ هَكَذَا، وَبَيَانُ الْعَاقِبَةِ نَحْوُ {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم: 42] ، وَالْيَأْسُ نَحْوُ {لا تَعْتَذِرُوا} [التوبة: 66] .
(قَوْلُهُ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ) أَيْ اعْتِبَارُهُ، وَالتَّوَقُّفُ بِسَبَبِهِ يُبْطِلُ الْحَقَائِقَ.
(قَوْلُهُ وَعِنْدَ الْعَامَّةِ) أَيْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مُوجَبَ الْأَمْرِ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ وَضْعِ الْكَلَامِ هُوَ الْإِفْهَامُ، وَالِاشْتِرَاكُ مُخِلٌّ بِهِ فَلَا يُرْتَكَبُ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الدَّلِيلِ، وَهَذَا يَنْفِي الْقَوْلَ بِاشْتِرَاكِهِ لَفْظًا بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْ بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ الْإِبَاحَةِ أَوْ بَيْنَ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 294
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست