responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 176
تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجِسٍ جَاهِلًا وَصَلَّى لَمْ يَجُزْ فِي الْحُكْمِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ لِصِدْقِ عَزِيمَتِهِ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ الْحُكْمَانِ صَارَ الِاسْمُ بَعْدَ كَوْنِهِ مَجَازًا مُشْتَرَكًا فَلَا يَعُمُّ أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّ الْمَجَازَ لَا عُمُومَ لَهُ (فَإِذَا ثَبَتَ أَحَدُهُمَا) وَهُوَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِدُونِ النِّيَّةِ، وَحَمَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ أَيْ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الثَّوَابَ ثَابِتٌ اتِّفَاقًا إذْ لَا ثَوَابَ بِدُونِ النِّيَّةِ فَلَوْ أُرِيدَ الصِّحَّةُ أَيْضًا يَلْزَمُ عُمُومُ الْمُشْتَرَكِ أَوْ الْمَجَازِ، الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى الثَّوَابِ لَكَانَ بَاقِيًا عَلَى عُمُومِهِ إذْ لَا ثَوَابَ بِدُونِ النِّيَّةِ أَصْلًا بِخِلَافِ الصِّحَّةِ فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِدُونِ النِّيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ حَمْلِهِ عَلَى الثَّوَابِ يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْعِبَادَاتِ بِدُونِ النِّيَّةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الثَّوَابُ فَعِنْدَ تَخَلُّفِ الثَّوَابِ لَا تَبْقَى الصِّحَّةُ فَالْوُضُوءُ فِي كَوْنِهِ عِبَادَةً يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ وَفِي كَوْنِهِ مِفْتَاحًا لِلصَّلَاةِ لَا يَفْتَقِرُ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الثَّوَابَ مُرَادٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَعَدَمُ الثَّوَابِ بِدُونِ النِّيَّةِ اتِّفَاقًا لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّ مُوَافَقَةَ الْحُكْمِ لِلدَّلِيلِ لَا تَقْتَضِي إرَادَتَهُ مِنْهُ وَثُبُوتَهُ بِهِ لِيَلْزَمَ عُمُومُ الْمُشْتَرَكِ بِمَعْنَى إرَادَةِ مَعْنَيَيْهِ مَثَلًا قَوْلُنَا الْعَيْنُ جِسْمٌ لَيْسَ مِنْ عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ فِي شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِالْجِسْمِيَّةِ ثَابِتًا لِمَعَانِيهِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ عُمُومِ الْمَجَازِ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ مِنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى مَا سَبَقَ، وَلَوْ سَلِمَ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ قَبِيلِ الْمَحْذُوفِ لَا الْمَجَازِ أَيْ حُكْمِ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّةِ، وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ عَدَمَ بَقَاءِ الْأَعْمَالِ عَلَى الْعُمُومِ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ إذْ لَا بُدَّ عِنْدَكُمْ مِنْ تَخْصِيصِهَا بِالْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الثَّوَابِ فَيُخَصُّ عِنْدَهُ أَيْضًا بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْتَقِرُ صِحَّتُهُ إلَى النِّيَّةِ بِإِجْمَاعٍ، وَأَمَّا رَابِعًا فَلِأَنَّ انْتِفَاءَ الثَّوَابِ إنَّمَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الصِّحَّةِ لَوْ كَانَتْ الصِّحَّةُ عِبَارَةً عَنْ تَرَتُّبِ الْغَرَضِ، وَالْغَرَضُ هُوَ الثَّوَابُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الصِّحَّةُ عِبَارَةً عَنْ الْأَجْزَاءِ أَوْ دَفْعِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ أَوْ كَانَ الْغَرَضُ هُوَ الِامْتِثَالُ مُوَافَقَةً لِلشَّرْعِ فَلَا، وَأَمَّا خَامِسًا فَلِوُرُودِ الْإِشْكَالِ الْمَشْهُورِ، وَهُوَ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا بِأَنْ يُوضَعَ بِإِزَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَضْعًا عَلَى حِدَةٍ بَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِأَثَرِ الشَّيْءِ وَلَازِمِهِ فَيَعُمُّ الْجَوَازَ وَالْفَسَادَ وَالثَّوَابَ وَالْإِثْمَ وَغَيْرَ ذَلِكَ كَمَا يَعُمُّ الْحَيَوَانُ الْإِنْسَانَ، وَالْفَرَسَ، وَغَيْرَهُمَا، وَاللَّوْنُ السَّوَادَ وَالْبَيَاضَ وَنَحْوَهُمَا، فَإِرَادَةُ النَّوْعَيْنِ لَا تَكُونُ مِنْ عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ فِي شَيْءٍ، وَأَجَابَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّا لَا نَعْنِي بِقَوْلِنَا الْأَعْمَالُ مَجَازٌ عَنْ الْحُكْمِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ قَائِمٌ مَقَامَ قَوْلِنَا حُكْمُ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ لِأَنَّ كَوْنَ الْحُكْمِ بِمَعْنَى الْأَثَرِ الثَّابِتِ بِالشَّيْءِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَوْضَاعِ الْفُقَهَاءِ، وَاصْطِلَاحَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْعَمَلَ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست