في جنس التحريم، ولا جنسه في عين التحريم، ولا جنسه في جنسه، فلو لم يدل النص على اعتبار عينه في عبن الحكم، لكان غريباً.
ومثال ما علم إلغاؤه، فكإيجاب صيام شهرين متتابعين ابتداء، قبل العجز عن الإعتاق في كفارة الظهار بالنسبة إلى من يسهل عليه الإعتاق دون الصيام، فإنه مناسب تحصيلاً لمقصود الزجر، لكن علم عدم اعتبار الشارع له، فلا يجوز، هكذا قال العضد[1].
لكن السعد قال: "إنما خص الكفارة الظهار بالذكر دون كفارة الصوم مع أنها كذلك، لأن ثبوت الإلغاء في الظهار أظهر، لأن الصوم قبل العجز عن الإعتاق ليس بمشروع، في حقه أصلاً، لكونها مرتبة بالنص القاطع والإجماع بخلاف كفارة الصوم، فإنها على التخيير عند مالك.
وبالجملة فإيجاب الصوم ابتداء على التعيين مناسب، لكن لم يثبت اعتباره لا بنص ولا بإجماع، ولا بترتيب الحكم على وفقه، فهو مرسل، ومع ذلك فقد علم أن الشارع لم يعتبره أصلاً، ولم يوجب الصوم على التعيين ابتداء في حق أحد"[2].
وقد ذكر الأصوليون أن العلماء أنكروا على يحيى بن يحيى[3] تلميذ الإمام مالك أفتا عبد الرحمن بن الحكم[4] الأموي بوجوب صيام شهرين متتابعين، [1] انظر: المختصر لابن الحاجب وشرحه، وحاشية السعد عليه 2/242-244. [2] انظر: حاشية السعد على العضد 2/244. [3] هو: يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس -بكسر الواو وسينين مهملتين الأولى ساكنة بينهما لا ألف- ومعناه بالبربرية سيدهم، الليثي صاحب الدرجة العليا في الحديث، القاضي الفقيه الراوية للموطأ، انتهت إليه رياسة الفقه المالكي بالأندلس، ولد سنة 287هـ وتوفي سنة 367هـ.
انظر: الديباح المذهب 2/357-358، ومقدمة شرح الموطأ للزرقاني 1/17، ط الأولى الحلبي بمصر. [4] هو: عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الأموي، أبو المظفر رابع ملوك بني أمية بالأندلس، ولد في طليطلة، وكان أبوه والياً فيها قبل ولاية الملك، وبويع بقرطبة سنة 206هـ، بعد وفاة أبية بيوم واحد، أول من جرى على سنن الخلفاء في الزينة والشكل، وترتيب الخدمة، وكسا الخلافة أبهة الجلالة، وبنى المساجد في الأندلس، منها جامع إشبيلية، واتخذ السكة (النقود) وضرب الدراهم باسمه، ونظم الجيش، وأكثر من الأسلحة، والعدد، اتسمت أيامه بالسكون والعافية، وله غزوات كثيرة، ولد سنة 176هـ وتوفي سنة 238هـ.
انظر: الأعلام للزركلي 4/76.